اتجه الرئيس السوري بشار الأسد إلى البنوك الروسية لدخول الأسواق العالمية سعياً إلى إمداد حكومته بالأسلحة والنفط والمواد الغذائية وقد تفتح له هذه البنوك المزيد من الأبواب على رغم ما قد تواجهه من خطر الانعزال عن النظام المصرفي الأميركي. وفرضت الولاياتالمتحدة عقوبات تهدف إلى إجبار الأسد على إنهاء العنف في الحرب الأهلية الدائرة في سورية منذ عامين ونصف وتحظر هذه العقوبات البنوك الأميركية من التعامل مع مصرف سورية المركزي والمصرف التجاري السوري. غير أن هذه العقوبات لا تعزل بنوك الدول الأخرى التي تتعامل مع البنكين السوريين المدرجين على القائمة السوداء عن القطاع المصرفي الأميركي على رغم أن هناك دعوات إلى اتخاذ إجراء أكثر صرامة. وطلب أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من وزير الخزانة جاك ليو الشهر الماضي وضع البنوك الروسية التي تتعامل مع المصرفين السوريين على قائمة تحظر على البنوك الأميركية إجراء أي أنشطة معها في محاولة للضغط عليها وإجبارها على قطع علاقاتها مع الأسد. غير أن بعض البنوك الروسية اتجه إلى تعزيز هذه العلاقات في الأشهر الأخيرة مما يبرز عمق العلاقات بين دمشقوموسكو. وبينما استعان الأسد ببنوك روسية من الدرجة الثانية لسداد ثمن أنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة، فتح المصرف التجاري السوري أيضاً حسابات في مصرف تيمبنك الصغير في موسكو ويجري محادثات مع البنك لتوسيع العلاقات. وتقترح رسالة فاكس أرسلها المصرف السوري في السادس من آب (أغسطس) إلى تيمبنك واطلعت عليها «رويترز» فتح حساب مقايضة يسمح لدمشق بمبادلة السلع أو النفط مقابل الحصول على المواد الغذائية التي سيتم شحنها من أوكرانيا. وأكد مصدران قريبان من تيمبنك تلقي البنك رسالة الفاكس وأن المحادثات مستمرة بشأن إبرام اتفاق المقايضة مع المصرف السوري. وقال ممثل البنك الروسي دميتري أفاكيموف الذي يعمل في قسم المعاملات الدولية بالبنك إن حسابات المصرف التجاري السوري ما زالت قائمة ولكن اتفاق المقايضة لم يستكمل بعد. ولم يوضح أفاكيموف الغرض من هذه الحسابات. وكانت صحيفة سورية قالت قبل عامين إن المصرف المركزي لديه حسابات بالروبل وعملات أخرى في بنك غازبرومبنك وبنكي «في تي بي» و «في إي بي» الروسيين المملوكين للدولة، ولكن بعض المحللين يعتقدون أن الضغط الذي تمارسه الولاياتالمتحدة منذ ذلك الحين دفع البنوك السورية إلى الاستعانة ببنوك روسية من الدرجة الثانية. ونفى «في تي بي» إجراء أي أنشطة مع مصرف سورية المركزي. وقال فلاديمير دميترييف رئيس «في إي بي» إنه ليس لديه علم بوجود علاقات مع أي شركات سورية. ولم يرد غازبرومبنك على رسالة إلكترونية تطلب تعقيباً منه. وزادت الضغوط لاستهداف مصادر الدعم المالي للأسد في الخارج بإدراج البنوك الروسية على القائمة السوداء عقب هجوم دام بغاز السارين في ضواحي دمشق في آب (أغسطس) هدد بعده الرئيس الأميركي باراك أوباما بشن ضربات عسكرية محدودة رداً على استخدام هذه الأسلحة الذي ألقى مسؤوليته على قوات الأسد. وقال أعضاء مجلس الشيوخ كيلي أيوت وريتشارد بلومنتال وجون كورنين وجين شاهين في رسالتهم المفتوحة لوزير الخزانة الشهر الماضي إن الدعم الذي تقدمه البنوك الروسية «ينتهك العقوبات الدولية بتمكين سورية من سداد ثمن الواردات وتلقي أموال مقابل صادرات. هذه المساعدات تخفف الكثير من العبء المالي على نظام الأسد مما يسمح له بالاستمرار في شراء المعدات العسكرية ودفع رواتب الجنود الذين يخوضون الحرب في سورية». وفي وقت سابق هذا العام قال مصدر بوزارة الخزانة إن الوزارة تعتقد أن بنوكاً روسية تتعامل مع المصرف التجاري السوري ومصرف سورية المركزي وحذرت هذه البنوك من إجراء أي معاملات تجارية. وإذا لم يتم إقرار تشريع لتشديد العقوبات فسيظل التأثير على البنوك الروسية غير مباشر من خلال إمكان تشجيع البنوك الأميركية على الابتعاد عن العمل مع نظيرتها الروسية بسبب تعاملها مع المؤسستين السوريتين.