لم تكتمل فرحة الفلسطينيين بإطلاق الدفعة الثانية من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، بل اعترتها غصّتان، الأولى لعلمهم بأن نحو 5 آلاف أسير فلسطيني ما زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية، والثانية لأن إطلاق هذه الدفعة تزامن مع إعلان إسرائيل عن 4 مشاريع توسع استيطاني في القدسالمحتلة. وكانت السلطات الإسرائيلية أطلقت 26 أسيراً (5 من قطاع غزة والباقي من الضفة) كدفعة ثانية من أصل 104 أسرى اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، وذلك في إطار اتفاق في مقابل استئناف المفاوضات برعاية أميركية، وعدم توجه السلطة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة او الانضمام إلى مؤسساتها. واستقبل آلاف المواطنين في كل من رام الله ومعبر بيت حانون شمال قطاع غزة فجرا الأسرى المحررين بالزغاريد ودموع الفرحة، وتعهد الرئيس محمود عباس عدم التوقيع على أي اتفاق سلام قبل إطلاق جميع الأسرى. كما رحبت حكومة «حماس» والفصائل الوطنية والإسلامية في غزة بإطلاق الأسرى، علماً أن 19 منهم ينتمون إلى حركة «فتح»، وأربعة إلى «الجبهة الشعبية»، وثلاثة إلى حركة «حماس». ولم تمض ساعات قليلة على إطلاق الأسرى حتى أعلنت إسرائيل عن 4 مشاريع توسع استيطاني في إطار ما يسمى معادلة «الأسرى في مقابل البناء» التي تؤكد أوساط رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه توصل إليها مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري عشية انطلاق المفاوضات، وتقضي بأنه في مقابل الموافقة على الإفراج عن 104 أسرى على أربع دفعات، يتم الإعلان عن بناء جديد في المستوطنات بهدف امتصاص «غضب اليمين». في هذا السياق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أمس عن مشروع لإقامة 1500 وحدة سكنية في مستوطنة «رمات شلومو» في القدسالمحتلة. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن نتانياهو ووزير داخليته جدعون ساعر اتفقا على تسريع بناء أربع خطط استيطانية في القدس تشمل البناء في المستوطنة وإعطاء رخص لتوسيع منازل فيها، إضافة الى مشروعيْن سياحييْن جديديْن، أحدهما قرب أسوار البلدة القديمة من القدس، والثاني في منطقة الشيخ جرّاح وسط المدينة. ولاقت هذه المشاريع الاستيطانية إدانة شديدة من السلطة الفلسطينية التي وصفتها بأنها «مدمرة لعملية السلام، ورسالة للمجتمع الدولي بأن إسرائيل دولة لا تلتزم القانون الدولي وتواصل وضع العراقيل أمام عملية السلام». كما اعتبرت «حماس» أن هذه المشاريع «نتيجة طبيعية للمفاوضات التي باتت توفر للاحتلال غطاء طبيعياً لهذه الممارسات والجرائم»، مشددة على «خطورة توظيف الاحتلال ورقة الأسرى لممارسة سياسة الضغط والابتزاز». كذلك دانت الحكومة الأردنية القرارات الاستيطانية الإسرائيلية، ووصفتها بأنها «باطلة ومرفوضة وتشكل تهديداً مباشراً لعملية السلام وتحدياً لإرادة المجتمع الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة»، معتبرة أن هذا «النهج الذي يهدف إلى تغيير الواقع على الأرض لن يخدم إلا التطرف والعنف».