للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، تطبق إسرائيل معادلة «الأسرى في مقابل البناء (في المستوطنات)» التي تؤكد أوساط رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أنه توصل إليها مع وزير الخارجية ألأميركي جون كيري عشية انطلاق المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية أواخر تموز (يوليو) الماضي، وتقضي بأنه في مقابل موافقة إسرائيل على الإفراج عن 104 أسرى فلسطينيين قابعين في سجون الاحتلال منذ 20 عاماً وأكثر على أربع دفعات، يتم الإعلان عن بناء جديد في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف امتصاص «غضب اليمين». وأرفق نتانياهو ووزير داخليته جدعون ساعر الإفراج مساء أول من أمس عن الدفعة الثانية من الأسرى (26 أسيراً) بالإعلان عن بناء 1500 وحدة سكنية جديدة والدفع قدماً بخطط لإقامة 2000 وحدة سكنية جديدة أخرى في مستوطنات القدسالشرقية والضفة الغربية. وكانت إسرائيل أعلنت عند الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى بناء 1700 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. وإذ يُتوقع تطبيق هذه «المعادلة» مع الإفراج عن الدفعتين الأخريين (أواخر العام الحالي وأواخر آذار المقبل)، فإن مجمل الوحدات السكنية التي ستبنى لقاء الإفراج عن الأسرى قد يتخطى 10 آلاف وحدة سكنية. ويبرر نتانياهو خطوته هذه بغضب اليمين المتشدد المعارض الإفراج عن أسرى «قتَلة». وكانت تقارير إسرائيلية أفادت أواخر الأسبوع الماضي أن نتانياهو أبلغ كيري خلال لقائهما في روما الأسبوع الماضي أنه سيعلن بناء وحدات سكنية جديدة، وهو ما أكده مجدداً مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أمس، مشيراً إلى أكثر من ألف وحدة جديدة ستبنى في مستوطنة «رمات شلومو» في القدسالشرقية، وهي الوحدات التي أعلنت إسرائيل عنها قبل أكثر من ثلاثة أعوام مع وصول نائب الرئيس الأميركي جون ماكين في زيارة إليها، ما أثار حفيظة الأخير وتسبب في أزمة موقتة في العلاقات مع واشنطن اضطرت نتانياهو إلى تجميد المشروع. كما ستقام مئات الوحدات السكنية في مستوطنات «آدم» و «غفعات زئيف» و «معاليه أدوميم» و «بيتار عيليت» و «كرني شومرون» و «آرييل». وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن مخططات تطوير المستوطنات لإرضاء اليمين تشمل إقامة ما تسمى ب «الحديقة الوطنية» على منحدرات جبل المشارف في القدسالمحتلة بين بلدتي العيساوية والطور وعلى أراضيهما. وتشمل «الحديقة» مناطق استجمام ولهو ومسارات للمشي وأخرى للدراجات الهوائية. واستذكرت الصحيفة أن الغرض الرئيس من إقامة هذه «الحديقة» هو خنق القريتين والحؤول دون تمكن سكانهما الفلسطينيين من التوسع في البناء في الأراضي بينهما. كما يشمل المخطط إقامة مركز سياحي وأثري في ما يسمى «مدينة داوود» مقابل مدخل قرية سلوان تشرف عليه جمعية «إلعاد» الاستيطانية التي تسعى إلى تهويد القدس العربية. يذكر أن المحكمة الإسرائيلية العليا رفضت مساء أمس التماس منظمة «الماغور» التي تمثل «العائلات اليهودية الثكلى» بالتدخل في قرار الحكومة المصادقة على إطلاق 26 أسيراً. وسبق للمحكمة ذاتها أن رفضت في السابق التماسات مماثلة بداعي أنها لا تتدخل في القرارات السياسية. السلطة تستنكر القرار: مدمر لعملية السلام ودان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قرار الحكومة الإسرائيلية، وقال: «هذه السياسة الإسرائيلية مدمرة لعملية السلام... وهي رسالة للمجتمع الدولي أن إسرائيل دولة لا تلتزم بالقانون الدولي، وتواصل وضع العراقيل أمام عملية السلام»، و «تدفع الجانب الفلسطيني والعربي إلى فقدان الثقة بقدرة هذه الحكومة على صنع السلام».