على رغم إصابته ونزفه لساعات عدة، أصرّ سعد كاظم (30 عاماً) على مواصلة قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). كاظم جندي عراقي، شارك على مدى يومين في معركة شرسة في الأنبار غرب العاصمة بغداد، مع فوجه لصد هجوم عناصر التنظيم. ويروي الجندي في الفرقة الثامنة لواء 32، تفاصيل المواجهة التي حصلت. ويقول: "الفرقة التي أنتمي إليها في الجيش مسؤولة عن قطاع محافظة الأنبار، غرب بغداد. وفوجنا متمركز في منطقة الفلاحات، غرب قضاء الفلوجة التابع للمحافظة. في كل يوم كنا نشهد قتالاً غير مباشر من خلال القصف بقذائف الهاون والقنص المتبادل من بُعد. إلا أنه بعد دخول الجيش العراقي والحشد الشعبي إلى منطقة جرف الصخر، وتحريرها من "داعش"، هرب عناصر التنظيم في اتجاهنا، محاولين فتح جبهة جديدة لإشغال الجيش". ويضيف الجندي المُصاب أن "عناصر داعش أرادوا من هجومهم علينا التغطية على خسارتهم الكبيرة في جرف الصخر، إلا أنهم واجهوا إرادة صلبة وعزيمة لا تقهر لدى الجنود العراقيين. وبدأت المعركة عند التاسعة صباحاً واستمرت حتى الخامسة عصراً من دون توقّف في اليوم الأول. وكان القتال مباشراً معهم، والمسافة الفاصلة بيننا لا تتجاوز 200 متر". ويشير كاظم إلى أن "القتال توقّف قليلاً في مساء اليوم الأول، إلا أنه عاد فجر اليوم الثاني، ليستمر حتى المساء. واستبسل الجنود في التصدي لعناصر "داعش" ومحاولتهم الوصول إلى معسكرنا، حتى اقتربوا إلى مسافة 100 متر، مع قرب موعد صلاة المغرب. وكنا نراهم ويروننا، ونسمعهم يصرخون ظناً منهم أنهم سيخيفوننا فنستسلم لهم، وفي هذه الأثناء أصبحت النيران أكثر كثافة من قبلهم على معسكرنا، فأطلقوا علينا قاذفات الهاون 120، والأحاديات، والأسلحة المتوسطة والخفيفة، وبجميع الأسلحة الأخرى". ويتابع الجندي العراقي أنه مع "احتدام المعركة أُصبت بشظايا في قدمي اليمنى ويدي اليسرى، وأُصيب معي 13 جندياً، واستشهد ضابط برتبة نقيب ونائب ضابط، ونُقل زملائي إلى السواتر الخلفية لمعالجتهم وإسعافهم أولياً، وطلب مني الضابط الانسحاب للمعالجة، لكنني رفضت ذلك، كون المعركة ساخنة، وإذا مالت الكفة لمصلحة العدو، فإنهم سيقضون علينا جميعاً". ويلفت كاظم إلى أن "طائرات التحالف الدولي حلّقت طيلة فترة القتال، إلا أنها كانت تتفرّج وتراقب من دون التدخل. نحن لا نعتمد عليها في القتال أبداً، ونعتمد بالدرجة الأولى على مروحيات الجيش العراقي"، مشيرا إلى أنه "بعد النيران الكثيفة، وإصابة عدد من الجنود، طلب آمر الفوج إسناداً جوياً، إلا أنه تأخر قليلاً، وعند توفير الغطاء الجوي خفّت حدة المعركة، وأصبحت الكفة تميل لمصلحتنا". ويتحدث كاظم عن ضابط كلّما أتى إلى المعسكر ازداد الجنود حماسة، ويقول: "لدينا ضابط برتبة مقدم اللواء في الفرقة، يُطلق عليه الجنود لقب "أبو حالوب"، كلما سمع الجنود باسمه أو بمجيئه إلى المعسكر زادت عزيمتهم وحماستهم وشعروا بالأمان، كونه لا يترك جندياً مجروحاً في أرض المعركة، ويستجيب لنداء الإستغاثة في أي مكان، ويخرج مباشرة والآليات التي بأمرته لفك الحصار عن أي فوج أو سرية تطلب المساعدة، ولا يهمه الوقت سواء كان ليلاً أم نهاراً، وهذا زاد ثقة الجنود وتعلقهم به". ويضيف: "بعد الذي حدث للعسكريين العراقيين من مجازر في معسكر سبايكر والصقلاوي، قرر جميع الجنود في الفوج والسرية عدم الإستسلام، بل أن يقاتلوا حتى الموت، وأن يحتفظ كل منّا بطلقة واحدة نطلق عليها اسم "رصاصة الرحمة" في حال تدهورت الأمور وحاصرنا الأعداء".