تخطط الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع العام في المغرب، لاستثمار 186 بليون درهم (23 بليون دولار) عام 2014، لتسريع وتيرة التنمية واستكمال إنجاز البنية التحتية والمشاريع المُخطط لها، فضلاً عن الإعداد لمرحلة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تتلاشى في أكثر من منطقة اقتصادية ومنها منطقة اليورو القريبة. ويأتي قطاع الفوسفات في طليعة الاستثمارات العامة في المغرب، المقدرة ب 144 بليون درهم ( 17.5 بليون دولار) تمتد حتى عام 2020، منها 29 بليون درهم خلال هذه السنة، لبناء وحدات جديدة لمعالجة «الحمض الفسفوري» في منطقة «الجرف الأصفر» جنوبالدار البيضاء. وتُعتبر هذه المنطقة أكبر تجمع صناعي لمشتقات الفوسفات في العالم، وهي تنتج ثلث الحاجات العالمية من الأسمدة الفوسفاتية ومشتقاتها المستعملة في الزراعة والصناعات الكيماوية والصيدلية. وظلّت مبيعات الفوسفات تغطي نصف قيمة ورادات الرباط من الطاقة على امتداد السنوات الماضية. ويتوقع المغرب مضاعفة صادراته مطلع العقد المقبل بعد استكمال المركبات الكيماوية، وبناء مرفأ جديد في مدينة أسفي جنوبالدار البيضاء بكلفة بليون دولار. وتقضي الخطة بتصنيع الأسمدة الأزوتية التي تحتاج إليها الزراعة في عشرات الدول، إذ سيكون الإنتاج الغذائي بأسعار متاحة احد اكبر التحديات الإنسانية المستقبلية. وترتبط مشاريع الفوسفات بمشاريع أخرى في «برامج المخطط الأخضر» وهو مشروع ضخم تتجاوز استثماراته 200 بليون درهم، لتأمين الاكتفاء الغذائي في الزراعات وتطوير الصادرات الغذائية خصوصاً إلى أسواق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. وسمحت الرباط لشركات من دول الخليج العربي بالاستثمار في هذه المشاريع الزراعية لتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتشمل هذه التجربة قطاعات أخرى تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، مثل الطاقات المتجددة والصناعات الحديثة والمشاريع المقررة. وأعلن الوزير المنتدب في الاقتصاد المكلف بالموازنة أزمي الإدريسي، أن الحكومة «ستواصل دعم الاستثمار العام والخاص وفق منظور مبني على نسج شراكات مع الفاعلين الدوليين ويجعل منه رافعة لاستقطاب التمويل الأجنبي الموجه»، والهدف يتمثل ب «تأهيل البنية التحتية وزيادة الاستثمارات في قطاعات الزراعة والصناعات الحديثة والمهن الجديدة الموفرة لفرص العمل وذات فائض القيمة المضافة العالية». وتتطلع الرباط إلى استقطاب استثمارات أجنبية تتراوح قيمتها بين 6 بلايين دولار و 8 بلايين خلال العام المقبل، في مقابل أربعة بلايين متوقعة هذه السنة من دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، وأخرى من شمال القارة الأميركية. وستُوجّه هذه الاستثمارات نحو قطاعات، مثل السياحة والصناعة والاتصالات والتكنولوجيات الحديثة والطاقة والزراعة والنقل والمواصلات. وتقضي الخطة برفع حجم الاستثمارات العامة والخاصة إلى نحو 40 في المئة من الناتج المحلي من أصل 36 حالياً، لتسريع وتيرة تأهيل المغرب للعب دور الرابط بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب. ويستند بذلك إلى اتفاقات التعاون والشراكة والتجارة التي تجمعه مع أوروبا وأميركا والخليج العربي. ومن بين المشاريع المقررة للعام المقبل، رُصد نحو بليون دولار لتطوير شبكة السكة الحديد ومنها مشروع القطار الفائق السرعة الذي سيربط طنجة على البحر الأبيض المتوسط بالدار البيضاء على المحيط الأطلسي خلال ساعتين، وبناء خط بين القنيطرةوالدار البيضاء وثالثاً مع مراكش السياحية، وآخر حول وجدة على الحدود الجزائرية. كما تشمل المشاريع استثمار مبلغ 7.5 بليون درهم في الطاقة الكهربائية، وفي الطرق السريعة والقناطر الرابطة بين محاور المدن، وبناء سدود للري ومرافئ جديدة بكلفة تقدر بثلاثة بلايين دولار تمتد حتى عام 2017، فضلاً عن بناء 156 ألف شقة سكنية للفئات المتوسطة والمحدودة الدخل تنفذها مجموعة «العمران العقارية». وأفادت مصادر بأن الرباط تراهن على عنصر الزمن لاستكمال هذه المشاريع خلال السنتين المقبلتين، استعداداً لمرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية تقوم على معايير جديدة في مناخ الأعمال. ومن هذه المعايير توافر بنية تحتية قوية وصناعات حديثة وكفاءات بشرية وإدارة عصرية وديموقراطية سياسية، وسلم اجتماعي وطبقة وسطى عريضة.