يراهن الاقتصاد المغربي في السنوات المقبلة على تنويع مصادر دخله لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي أثرت سلباً في القطاعات التقليدية للبلاد، مثل الصادرات الزراعية وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين، ما قلّص الاحتياط النقدي وزاد عجز الميزان التجاري وخفّض معدل النمو الاقتصادي، وعمّق الصعوبات الاجتماعية. وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن الرباط ترعى مشاريع ضخمة في صناعة أجزاء الطائرات المدنية وتجميع السيارات السياحية، وأخرى في قطاع الطاقات المتجددة، كالكهرباء المستخرجة من الطاقة الشمسية والرياح، وثالثة في مجال التكنولوجيات الحديثة، إضافة إلى صناعات الفوسفات ومشتقات الأسمدة الأزوتية والكيماوية، والقطار الفائق السرعة. ويتطلع المغرب لإقامة قاعدة صناعية تنافسية، تعزز حظوظه في استقبال مزيد من الاستثمارات الدولية في التقنيات الدقيقة، وترفع حجم صادراته من منتجات صناعية ذات قيمة مرتفعة. ويتوقع أن تبلغ صادرات قطع غيار الطائرات وحدها نحو 900 مليون دولار نهاية العام. ويعمل في صناعة الطائرات نحو سبعة آلاف و400 من المهندسين والتقنيين، في عشرات الوحدات الإنتاجية التي تتوزع بين الدارالبيضاءوطنجةوالرباط والقنيطرة. وهذه الصناعة لم تكن موجودة قبل 10 سنوات. وتعتزم مجموعة «بومباردييه إروسبيس» الكندية استثمار 200 مليون دولار لبناء مصانع لها في منطقة النواصر (جنوبالدارالبيضاء) نهاية العام، لإنتاج أجزاء من طائراتها الحديثة الخاصة برجال الأعمال والسياحة الراقية، وهي رابع مُصنّع طائرات تجارية يفتح فروعاً صناعية له في المغرب، بعد مجموعة «إي أي دي إس» الأوروبية المصنّعة لطائرات «إرباص» ومجموعة «بوينغ» الأميركية و»سافران» الفرنسية. وتابعت المصادر أن عدد العاملين في قطاع قطع غيار الطائرات سيرتفع بحلول عام 2015 إلى 15 ألف شخص، ليصبح المغرب أول مصدّر لأجزاء الطائرات التجارية في العالم العربي وأفريقيا، ما سيمكنه من امتلاك خبرة تقنية في عالم الطيران المدني، وجلب إيرادات إضافية لمواجهة عجز الميزان التجاري الذي يزداد باضطراد تحت ضغط ارتفاع حجم الواردات. وينمو القطاع بوتيرة 25 في المئة سنوياً، وبإمكانه تعويض خسائر جزء من التجارة الخارجية، التي سُتعوضها كذلك صادرات السيارات المقدرة بنصف مليون وحدة سنوياً في منتصف العقد الجاري. والمشروع أنجز بمحاذاة الميناء التجاري الدولي في طنجة، بتعاون مع «رينو» الفرنسية و»نيسان» اليابانية للسيارات باستثمار ناهز بليون يورو. وكانت الرباط منحت الأسبوع الماضي إلى شركة «أكوا باور إنرجي» السعودية الدولية عقود إنجاز أول محطة للطاقة الشمسية في وارزازات بكلفة بليون دولار لإنتاج 160 ميغاواط كهرباء في مرحلة أولى، من ضمن استثمار يتجاوز عشرة بلايين دولار لبناء خمس محطات حرارية للطاقة الشمسية والتحوّل بحلول عام 2020 إلى دولة مصدّرة للطاقة إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً ألمانيا وفرنسا. وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي شكيب بن موسى، الذي قدم تقريراً إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس، إن المغرب سيشجع الصناعات الموجهة نحو التصدير ويجلب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية لتحسين تنافسية صادراته في السوق الدولية والعمل على معالجة الخلل في ميزان التجارة الخارجية، ما يرفع النمو الاقتصادي والدخل الفردي ويزيد من فرص عمل الشباب والجامعيين. ويحتاج الاقتصاد المغربي إلى صادرات واستثمارات إضافية بنحو 50 بليون دولار سنوياً نهاية العقد الجاري لامتصاص العجز التجاري المقدر ب 24 بليون دولار، والإنفاق على المشاريع الاجتماعية والبنى التحتية والتعليم. وتراهن الرباط على المشاريع المهيكلة التي أطلقها الملك على امتداد العقد الماضي، منها «مخطط المغرب الأخضر» الزراعي (20 بليون دولار) و»المخطط الأزرق السياحي» (تسعة بلايين دولار)، والفوسفات الذي يعتبر المغرب أول مصدر له عالمياً، بإيرادات ستبلغ نحو 60 بليون درهم نهاية العام.