مدريد – أ ف ب، رويترز - في وقت قرر القادة الأوروبيون خلال قمتهم المنعقدة في بروكسيل مواجهة فضيحة التنصت الأميركية على قادتهم ومواطنيهم بإطلاق مبادرة مشتركة لإيجاد أساس تفاهم مع الولاياتالمتحدة حول التجسس قبل نهاية السنة، استبعدت روسيا تأثير تسريبات عن برامج تجسس أميركية تستهدفها سلباً على علاقاتها مع واشنطن. لكن سياسيين روساً اعتبروا أن معلومات المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن اللاجئ في موسكو «ستسفر عن مرحلة جديدة من سباق التسلح موجهة نحو حماية المعلومات ومكافحة التجسس». وبعدما أطلقت ألمانيا وباريس على هامش قمة بروكسيل مبادرة مشتركة للاتفاق على مدونة سلوك أوروبية حول التجسس مع الحليف الأميركي، اتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، سنودن وصحفاً بخدمة أعداء بلده وبلدان أخرى، عبر مساعدتهم في تفادي مراقبة أجهزة الاستخبارات، «ما يصعّب مهمتنا في تأمين مواطنينا من اعتداءات، ويجعل عالمنا أكثر خطراً». وامتنع كامرون عن الرد على أسئلة حول احتمال ضلوع لندن في التنصت، مكتفياً بالقول إن «أجهزة الاستخبارات البريطانية تتبادل معلومات مع دول أوروبية وتخضع لإشراف مناسب»، علماً أن لندن متهمة بالتجسس على دول أوروبية، بينها إيطاليا. في مقابل ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، خلال مؤتمر صحافي في ختام اليوم الاول من القمة الاوروبية: «في النهاية، ما كشفه سنودن يمكن ان يكون مفيدا». واضاف: «سيسمح بمزيد من الفعالية في عمل الاجهزة (الاستخباراتية) وبمزيد من حماية حريات المواطنين على السواء». وبالنسبة للولايات المتحدة، قال الرئيس الفرنسي: «انها مسألة الثقة التي طرحت: حقيقة حول الماضي وقواعد سلوك للمستقبل. نريد ان نعرف ما تعرفه الصحافة وان تستمر في نشره انطلاقا من وثائق سنودن». واعتبر هولاند ان «المهم هو الحفاظ على علاقاتنا مع الولاياتالمتحدة وتعزيز الثقة» مضيفا «الحلفاء لا يتجسسون على بعضهم البعض». وردا على سؤال عن التدابير الذي اتخذها بعد الكشف عن التجسس على 35 رئيسا اجنبيا، قال هولاند مازحا: «استعمل هاتفا ولحسن الحظ لم اعد الى العصر الحجري ولا اتقن لغة المورس». واضاف انه لا يعلم ما اذا كان هو نفسه قد تعرض للتجسس، لكن التدابير اتخذت كي يكون هاتفه «بامان». علما ان وكالة الامن القومي الاميركية تنصتت على نحو 80 مليون مكالمة هاتفية لفرنسيين. وقال هةلاند ساخرا: «اول قاعدة من قواعد حسن السلوك بين الحلفاء ان لا نراقب بعضنا وان لا نتجسس على الهاتف المحمول لاي كان يكون في القمم الدولية». ومن القواعد الاخرى «عندما نبدأ بالمراقبة يجب ان نتقاسم المعلومات» وان لا «نخرن معلومات يمكن ان تؤثر على عدد من الحريات». وحذت إسبانيا حذو فرنساوألمانيا في استدعاء السفير الأميركي في مدريد جيمس كوستوس، وطلبت منه توضيحات حول عمليات تنصت مفترضة على سلطاتها. وفي مينسك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن كشف تسريبات عن برامج تجسس أميركية على بلاده والصين «أمر غير مهم لنا، ولن يؤدي إلى قطع اتصالاتنا بواشنطن». واستبعد رئيس إدارة مجلس السياسة الخارجية والدفاع في روسيا، فيودور ليوكيانوف، في حديث ل «الحياة»: «رداً سياسياً دراماتيكياً من موسكو على كشف برامج تجسس غربية استهدفتها مع بكين». واعتبر وجود برامج للتجسس على روسيا أو الصين «غير مفاجئ، لأن الأميركيين وحلفاءهم تعاملوا معهما دائماً، على غرار إيران، باعتبارهما عدوتين أو منافستين». لكنه رأى أن مواجهة «من نوع جديد» بدأت تلوح في الأفق بسبب ما كشفه سنودن «ترتكز على سباق يهدف إلى حماية المعلومات، ومنع تسرب الوثائق السرية». ورجح أن «تبدأ روسيا وبلدان غربية نشاطات واسعة في هذا المجال، في مقابل محاولة أميركا إيجاد آليات أكثر فاعلية لإخفاء برامج التجسس». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن مسؤولين أميركيين أن «عشرات آلاف الوثائق التي جمعها سنودن تحتوي تفاصيل حساسة عن طريقة تعاون واشنطن مع أجهزة استخبارات أجنبية في برامج سرية موجّهة ضد بلدان مثل إيرانوروسياوالصين». وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تتضمن معلومات عن برنامج تجسس على روسيا تنفذه دولة في الحلف الأطلسي (ناتو)، ويعطي سلاح الجو والبحرية الأميركي معطيات ثمينة ونقلت عن مسؤول أميركي قوله إنه «إذا علم الروس بالبرنامج فلن يصعب عليهم اتخاذ تدابير ضرورية لإنهائه».