بدأ الأسرى الإداريون في السجون الاسرائيلية، وعددهم 140 أسيراً، بسلسلة خطوات احتجاجية ابتداء من أمس الخميس للمطالبة بإنهاء الاعتقال الإداري، فيما يتزايد أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية المصابين بأمراض مستعصية وخبيثة. وقال قدورة فارس رئيس نادي الأسير في مؤتمر صحافي امس إن الخطوات الاحتجاجية ستبدأ بمقاطعة المحاكم العسكرية بدرجاتها الثلاث (التثبيت، الاستئناف، العليا)، وانها ستترافق مع إضرابات متقطعة، تبدأ بيوم كل اسبوع ثم يومين ثم ثلاثة ايام وصولاً الى الاضراب المفتوح في حال عدم تجاوب السلطات مع مطالبهم. وأضاف فارس: «إن هذا النوع من الاعتقال التعسفي غير الشرعي شُرع من قبل الأجهزة القضائية للاحتلال وما تقوم به هو فقط المصادقة على أمر ضابط المخابرات». ورجح فارس قيام السلطات بإجراءات تعسفية وقمعية بحق الاسرى المضربين الموزعين على ثلاثة سجون وهي «النقب» و «مجدو» و «عوفر». وأعلن ان الجهات الرسمية والشعبية ستقوم بحملة لمساندة خطوات الاسرى المضربين. وقال الاسير المحرر جمال الطويل إن مقاطعة المحاكم العسكرية هي العمود الفقري لنجاح هذه الخطوة. ولفت الى «إجماع الأسرى وثباتهم في هذه الخطوة» مشيراً الى أن «للخطوات الشعبية دوراً كبيراً في عدم إطالة زمن هذه المعركة وحسمها». وقال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين إن القانون الدولي يحرم الاعتقال الاداري الذي يجري فيه اعتقال وحجز المواطنين من دون محاكمة وتبرير ذلك بوجود ملف سري لكل منهم. وأضاف: «ان قانون الاعتقال الإداري الذي ورد في القانون الدولي الإنساني، لا يعني أن تحتجز إنساناً بالطريقة التي يستخدمها الاحتلال وإنما هي وسيلة وقائية. إلا أن إسرائيل وبطريقتها تجاوزت كل القيود التي وضعت على هذا النوع من الاعتقال». وأضاف ان «اسرائيل تستخدم الاعتقال الاداري للتدخل في الشأن السياسي الفلسطيني» مشيراً الى انها اعتقلت العديد من القيادات المؤثرة. وقال جبارين إن العديد من المؤسسات الدولية الحقوقية بدأت تعمل وبشكل جدي على وضع حد لهذا النوع من الاعتقال، مضيفاً أنه عقد اجتماعاً مع الصليب الأحمر وتلقى وعوداً بتغيير خطابه حول ما يسمى «الاعتقال الإداري». الى ذلك، فتحت السلطة الفلسطينية ملف تزايد أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية المصابين بأمراض مستعصية وخبيثة، مثل السرطان بأنواعه، محمّلة مصلحة السجون الإسرائيلية مسؤولية الإهمال الطبي المتعمد، ومطالبة بتحقيق دولي. وكانت وزارة شؤون الأسرى الفلسطينيين أعلنت أخيراً أن الأسير حسن عبدالحليم ترابي (24 سنة) من قرية صرة قضاء نابلس شمال الضفة الغربية المصاب بسرطان الدم «اللوكيميا»، يقبع في مستشفى إسرائيلي في حالة صحية خطيرة جداً. وقالت محامية وزارة الأسرى هبة مصالحة إن ترابي يعيش على الأجهزة الطبية في قسم العناية المكثفة في مستشفى العفولة الإسرائيلي الذي نقل إليه قبل أيام إثر تدهور حالته الصحية. وأضافت المحامية بعد زيارتها الأسير في المستشفى أن التدهور حصل إثر إصابته بنزيف حاد في الكبد، ما اضطر إدارة السجون إلى نقله بصورة فورية إلى المستشفى صباح السادس عشر من الشهر الجاري. وقالت: «الأطباء يحاولون السيطرة على النزيف وإجراء عملية جراحية له، لكن وضعه أصبح حرجاً للغاية»، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال سمحت لذويه بزيارته. وحمّلت المحامية سلطات السجون الإسرائيلية المسؤولية عن تدهور الوضع الصحي للأسير ترابي المعتقل منذ تسعة أشهر «لأنها لم تقدم له العلاج اللازم منذ البداية». وقالت: «أطباء السجون يعلمون أنه مصاب بمرض سرطان الدم وأنه كان يتناول العلاجات قبل اعتقاله، لكنهم لم يقدموا له العلاج اللازم منذ اليوم الأول». في غضون ذلك، قال المحامي في وزارة الأسرى رامي العلمي إن الفحوص الطبية كشفت عن إصابة أسير آخر هو يسري عطية محمد المصري (30 سنة) من سكان دير البلح في قطاع غزة بالسرطان في الغدة الدرقية، مضيفاً أن الأسير المصري محكوم بالسجن 20 عاماً، أمضى منها عشرة أعوام. وأوضح أن أطباء مستشفى «سوروكا» أبلغوا الأسير رسمياً بعد إجراء الفحوص والعينات للأورام التي ظهرت في رقبته، أنه مصاب بسرطان الغدة الدرقية، وأنه في حاجة، خلال شهر، إلى عملية جراحية عاجلة. ونقل عن الأسير المصري قوله إنه يتعرض لوعكات صحية متعددة منذ عامين كان خلالها يقع على الأرض مغشياً عليه، وأن الأطباء لم يقدموا له سوى المسكنات، وأنهم أجروا له فحوصاً شكلية في المعدة والكلى، ولم يجروا له فحوصاً مبكرة وفي الوقت المناسب للورم الذي ظهر في رقبته. وحمّل وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع إدارة السجن والأطباء فيه المسؤولية عن حياة الأسير المصري الذي قال إنه «تعرض لإهمال طبي منذ سنوات، ولم يتم تشخيص مرضه سوى قبل ثلاثة أسابيع بعد أن كان المرض انتشر في جسمه وهبوط وزنه من 75 الى 62 كيلوغراماً». وطالب بالإفراج الفوري عن الأسير المصري ليتلقى العلاج في الخارج. ووصف قراقع السجون الإسرائيلية بأنها «أصبحت منطقة وباء»، مشيراً إلى تزايد حالات الإصابة بالأمراض الخطيرة في صفوف الأسرى. وأردف: «السجون تحوّلت إلى مصدر للأمراض الخطيرة في صفوف الأسرى، وأصبح لزاماً تشكيل لجنة تحقيق دولية في أسباب تزايد الأمراض الخبيثة بين الأسرى في السنوات الأخيرة». ومضى يقول: «إن ما يجري من تدهور في صحة الأسرى ليس من فراغ، هناك إهمال طبي متعمد، وهناك ضغوط نفسية وجسدية، وهناك أخطاء طبية، والوضع الصحي للمرضى بات خطيراً، ويجب فتح هذا الملف، وتحميل حكومة إسرائيل المسؤولية عن حياة الأسرى وصحتهم». وأشار إلى أن جهوداً تبذل من المستوى السياسي من أجل إطلاق الحالات الصحية الخطيرة، مضيفاً: «هناك أيضاً جهود قانونية تبذل من محامي الوزارة بهذا الشأن». وتعتقل السلطات الإسرائيلية حوالى خمسة آلاف أسير فلسطيني، يُعرف من بينهم 26 أسيراً يعانون من أمراض خطيرة مثل السرطان.