استدعت الخارجية الفرنسية السفير الاميركي في باريس تشارلز ريفكين أمس، للاحتجاج على نشاطات تجسس للاستخبارات الاميركية شملت نحو 70 مليون مكالمة هاتفية في فرنسا، كما نقلت تقارير عن وثائق سرّبها اداورد سنودن المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الذي لجأ الى روسيا. وانضمت فرنسا بهذه الخطوة الى دول أخرى احتجت على تجسس أميركي طاولها مثل المكسيك وألمانيا التي هددت مستشارتها انغيلا مركل بتعليق محادثات التجارة الحرة مع واشنطن، والبرازيل التي ألغت رئيستها ديلما روسيف زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة الشهر الماضي. كما شمل التجسس الاميركي، وفق وثائق سنودن، الأممالمتحدة وإيطاليا واليونان واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتركيا والسعودية والعراق، ودولاً أخرى في مقدمها روسيا والصين. وعادت قضية التجسس الأميركي التي كشفها سنودن في حزيران (يونيو) الماضي الى الواجهة بعد نشر صحيفة «لوموند» تفاصيل جديدة، تشير الى اتساع نطاق التجسس في فرنسا، واستهدافه افراداً ومؤسسات. وتزامنت عودة الفضيحة الى الواجهة مع وصول وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى باريس في زيارة مقررة مسبقاً، ويتوقع ان يثير الأمر معه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. وأكد الوزير الفرنسي انه في ضوء المعلومات التي نشرتها «لوموند»، استدعي ريفكين الى مقر الخارجية. وأشار إلى أن رد الفعل المتشدد الذي صدر عن فرنسا في حزيران، لم يكن كافياً كما يبدو و «ينبغي الذهاب أبعد من ذلك». وشدد فابيوس على أن «هذا النوع من الممارسات غير مقبول، وينتهك الحياة الخاصة» للمواطنين الفرنسيين وينبغي «التحقق سريعاً من انها لم تعد متبعة». وقال ناطق باسم الخارجية الفرنسية، ان باريس طلبت من ريفكين «تقديم رد ملموس على مخاوفنا في أقرب فرصة ممكنة». واضاف انه «منذ حزيران الماضي، تشكلت بناءً على اقتراح فرنسي، مجموعة عمل مشتركة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لبحث كيفية حماية المعلومات التي جُمعت عبر التجسس». ولفت الى ان هذه المجموعة عقدت اجتماعين، مشيراً إلى ان القمة الأوروبية المقررة في 24 و 25 الشهر الجاري، ستكون مناسبة لاعادة بحث هذه القضية على أعلى مستوى. وصرح وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز بأن المعلومات الجديدة التي كشفتها «لوموند» مثيرة للصدمة و «من غير المقبول ان يقوم بلد صديق أو حليف بالتجسس على فرنسا أو أي دولة أخرى أوروبية». وأفادت المعلومات التي نقلتها الصحيفة الفرنسية عن تسريبات سنودن بأنه خلال الفترة الممتدة من 10 كانون الاول (ديسمبر) 2012 حتى 28 كانون الثاني (يناير) 2013، سجلت وكالة الأمن الوطني الأميركي اكثر من 70 مليون مكالمة هاتفية اجراها فرنسيون. وورد في المعلومات ان هذه التسجيلات استهدفت افراداً يشتبه في ارتباطهم بنشاطات «ارهابية»، اضافة الى رجال اعمال وسياسيين وديبلوماسيين واشخاص عاديين. ورداً على الانتقادات التي وجهت الى السلطات الفرنسية للفتور الذي اتسم به حتى الآن تعاملها مع هذه القضية، قالت مصادر مطلعة ان فرنسا «تسعى الى الحصول على معلومات وتفاصيل حول هذه القضية، وبدلاً من التوتر في الوقت الحالي، ينبغي السعي الى معرفة المزيد». بالتالي، يتوقع ان تستمر فرنسا في تعاملها الحذر مع القضية وتجنيب علاقاتها مع الولاياتالمتحدة توترات، في وقت يبدو تعاون الجانبين ضرورياً جداً بالنظر الى الأزمة السورية وأزمات أخرى إقليمية.