حسمت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تتمركز في شمال سيناء، وجهتها بإعلان الانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية المعروف باسم «داعش» ومبايعة قائده أبو بكر البغدادي، ما أثار مخاوف من أن يتبع ذلك تطور نوعي في العمليات التي تستهدف بالأساس المؤسسات الأمنية، لا سيما في حال جذبت تلك المبايعة المصريين المنخرطين في القتال في سورية وليبيا. وبعد ارتباك الأسبوع الماضي سببه نشر بيانين متضاربين منسوبين إلى الجماعة، أولهما يتضمن بيعة للبغدادي نفاها البيان الثاني، خرجت «أنصار بيت المقدس» أمس بتسجيل صوتي لتحسم هذا الجدل، وتؤكد مبايعتها «داعش». ولم يسم التسجيل من يتلو البيان، لكن صوته يشبه صوت المكنى «أبو أسامة المصري» الذي خرج في أكثر من بيان، ما يعزز تكهنات بشغله موقع مفتي التنظيم. وقال البيان: «نعلن مبايعة الخليفة إبراهيم بن عواد بن إبراهيم القرشي الحسيني على السمع والطاعة، طاعة لأمر الله ورسوله بعدم التفرق ولزوم الجماعة». وأضافت أنه «بزغ فجر جديد وعز مجيد بقيام دولة للمسلمين. وارتفعت راية التوحيد وأقيمت الشريعة وطبقت الحدود وأزيلت الحواجز وكسرت السدود وأعلنت الخلافة في العراق والشام واختار المسلمون خليفة لهم هو حفيد لخير الأنام، فلم يسعنا والحال هذه إلا أن نلبي داعي الله». وسعت الجماعة التي تبنت غالبية عمليات العنف التي جرت في مصر خلال العام الماضي، إلى استغلال مبايعتها «الدولة الإسلامية» في جذب الأنصار، إذ اعتبرت «أننا نتعرض لحرب صليبية شعواء ضد الإسلام وأهله». ووجهت حديثها إلى المصريين داعية إياهم إلى «الجهاد ضد الحكم في مصر، فلا خلاص لكم من هذا الذل والصغار إلا بأن تجاهدوا في سبيل الله وتقاتلوا أعداء الله، فلن تنفعكم السلمية المخزية ولا الديموقراطية الكفرية، فلقد رأيتم كيف أودت بأصحابها وأربابها»، في إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وتوعدت باستمرار عملياتها «إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً». وسعت إلى نفي تقدم الجيش المصري في سيناء معتبرة أن «الحرب بيننا وبينهم سجال». ونفت انتقادات لتجنب عملياتها إسرائيل، قائلة: «شرفنا الله أن نكون من جنده الذين اختارهم لقتال أشد أعداء الأمة اليهود، فنلنا منهم نيلاً عظيماً، وأثخنا فيهم الجراح في العديد من الغزوات كأم الرشراش وغيرها». ودعت «اخواننا المجاهدين في كل الجبهات» إلى «الانضمام إلى دولة الخلافة»، بعدما انتقدت «تقاعسهم عن نصرتها». وقالت: «تتخاذلون من الوقوف تحت رايتها، في وقت تكالب عليها العالم، فما هو عذركم؟ اجتماعكم قوة، وتفرقكم ضعف، وعزها عزكم لو تعقلون، ولا خير فيكم لو خلص إليها وفيكم عين تطرف، فاحسموا أمركم واجمعوا شتاتكم، وانصروا دولتكم». ورأى الناطق باسم وزارة الداخلية المصرية اللواء هاني عبداللطيف أن إعلان «أنصار بيت المقدس» مبايعتها تنظيم «الدولة الإسلامية» تطور «لن يحدث فارقاً في محاربة مصر للإرهاب... هي مجرد أسماء مختلفة لنفس الإرهاب». لكن الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي لفت إلى أن بيان «أنصار بيت المقدس» فيه «رسائل عدة للداخل والخارج». وأوضح ل «الحياة» أنه «لا يمكن الفصل بين تلك البيعة وتطور العمليات العسكرية في العراق وسورية، لا سيما مع دخول عمليات التحالف الدولي ضد داعش إلى حرب برية... ستظهر خلال الأيام القليلة المقبلة مبايعات للتنظيمات المسلحة في عدد من الأقطار العربية، لإرسال رسالة إلى الغرب وأميركا بأن الحرب ضد داعش لن تقف عند حدود العراق وسورية وإنما ستنتقل إلى الإقليم كله وربما تصل إليهم». وأضاف أن «البيعة تحمل رسالة إلى الداخل بأن التنظيم بات جزءاً من الخلافة، ومن ثم على الأنصار الانضمام إليه، بدل الهجرة إلى سورية». واعتبر أن البيان «جاء لينفي الخلافات داخل التنظيم، فخلال الأيام الماضية حدث جدل حول أنصار بيت المقدس وهناك معلومات أن التنظيم بايع داعش منذ سنة، لكنه سعى إلى الإمساك بالعصا من المنتصف حتى لا يخسر علاقته بتنظيم القاعدة». وخلص إلى أن البيان «اصطفاف معنوي مع داعش ومحاولة للحصول على دعم من التنظيمات العنقودية في الداخل». وتوقع «عمليات في قلب القاهرة والدلتا خلال الفترة المقبلة»، موضحاً أن «المعركة ليست فقط في سيناء، وسلطات الأمن متحسبة لذلك».