توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين أمس استقرار سعر الروبل قريباً بعدما خسر ربع قيمته منذ مطلع السنة، معرباً عن ثقته في التدابير التي اتخذها البنك المركزي الروسي. وقال بوتين من بكين، حيث سيشارك في قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ» (آبيك): «نلاحظ تحركات في سعر الصرف ناتجة من المضاربة، واعتقد أن ذلك سيتوقف قريباً جداً نظراً إلى الخطوات التي اتخذها البنك المركزي رداً على المضاربين». ورأى أن «انهيار سعر الروبل لا يعكس على الإطلاق الوضع الاقتصادي في البلد». وخسرت العملة الروسية، على خلفية الأزمة الأوكرانية وتراجع أسعار النفط، ربع قيمتها أمام الدولار منذ مطلع السنة، ويثير تسارع تراجعها، الذي سجل 10 في المئة الأسبوع الماضي، قلق الأسر التي تعاني من تراجع قدرتها الشرائية. وكان الروبل يتجه صعوداً صباح أمس ليسجل سعر اليورو 57.08 روبل، والدولار 45.76 روبل، ولكن من دون أن يعوض عن تراجعه الأسبوع الماضي. وقال بوتين إن «السلطات المالية تتخذ كل التدابير الضرورية، ولا نية لدينا لفرض قيود على حركة الرساميل»، نافياً بذلك إشاعات سرت في شأن الروبل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ويؤدي تراجع سعر العملة الروسية تلقائياً إلى زيادة العائدات في الموازنة التي تنتج في قسمها الأكبر من صادرات المحروقات التي تباع بالعملات الأجنبية، وتأمل السلطات الروسية في أن تجعل الصناعة المحلية أكثر تنافسية. ولكن تراجع العملة أدى إلى ارتفاع التضخم إلى أكثر من ثمانية في المئة، ما ينعكس على الاستهلاك في وقت وصل الاقتصاد الروسي إلى شفير الانكماش. إلى ذلك توقع البنك المركزي الروسي أمس أن يبلغ حجم حركة هروب الرساميل من البلاد إلى 128 بليون دولار هذه السنة نتيجة الأزمة الأوكرانية، وأن يتجاوز التضخم ثمانية في المئة. وأفاد في تقرير بأن «الأحداث في أوكرانيا وفرض بعض الدول عقوبات على الاقتصاد الروسي (...) أدى إلى تدهور كبير في ظروف التمويل، مغلقاً في الواقع أسواق الرساميل الخارجية في النصف الثاني من السنة». وأضاف: «تسببت هذه الأحداث بحركة هروب كثيفة للرساميل، لا سيما مع تحويل الأفراد والشركات ودائعها بالدولار». ويتجاوز رقم 128 بليون دولار توقعات الحكومة البالغة 100 بليون، ومن الرقم المسجل عام 2013 الذي لم يتجاوز 60 بليون دولار. وأدى هروب الرساميل إلى انهيار الروبل وبالتالي ارتفاع الأسعار، لا سيما مع فرض حظر في آب (أغسطس) الماضي على معظم المنتجات الغذائية الغربية. وتوقع «المركزي» استقرار النمو عند 0.3 في المئة هذه السنة، في مقابل توقعات سابقة بلغت 0.4 في المئة، و1.3 في المئة عام 2013. وأقرت رئيسة «المركزي» الفيرا نابيولينا أن «المشاكل الجيوسياسية وتدهور الظروف الاقتصادية الخارجية حصلت في وقت كانت المصادر التقليدية للنمو الاقتصادي تنضب (...) وهي تشكل تحدياً جدياً أمام السياسة الاقتصادية عموماً والسياسة النقدية خصوصاً. ورفع «المركزي» الفائدة الرئيسة إلى 9.5 في المئة نهاية تشرين الأول الماضي لمنع هروب الرساميل وتراجع الروبل، ولكن من دون تسجيل نجاح يُذكر. وأعلن ترك العملة الوطنية تتقلب بحرية في السوق، مكرساً تدخله من الآن فصاعداً للأوضاع التي تهدد «الاستقرار المالي». وأكد «المركزي» في بيان إلغاء سلة صرف العملات التي كان حددها حتى الآن والتي كان يتقلب فيها سعر صرف الروبل من دون أي تدخل منه. وعمل «المركزي» الروسي، الذي يهدف منذ وقت طويل إلى تطوير سياسته من هدف صرف عملات إلى هدف تضخم مثل البنوك المركزية الغربية، على توسيع سلة أسعار الصرف هذه تدريجاً وقلّص شبح التدخلات الممكنة. ولكن الأزمة الأوكرانية أجبرته على التدخل بعشرات بلايين الدولارات لدعم الروبل.