تحول يوم أمس إلى «يوم التفجيرات الانتحارية» في منطقة شمال القوقاز، بعدما وقعت سلسلة هجمات دموية متزامنة تقريباً في ثلاث جمهوريات. وأعلنت موسكو قتل أحد أبرز زعماء الحرب في داغستان، فيما لفتت تطورات الأسابيع الأخيرة، في المنطقة إلى عودة انتشار ظاهرة الانتحاريات. وتوالت الأنباء منذ ساعات الصباح الباكر أمس، عن هجمات متعاقبة وقعت في الشيشان وإنغوشيا وداغستان تحمل تواقيع متشابهة لأن منفذيها جميعهم انتحاريون استهدفوا مراكز أمنية. وفي ضوء المعطيات الأمنية، فإن الهجوم الأول وقع في شارع رئيس وسط العاصمة الشيشانية غروزني. وأعلنت الشرطة في البداية ان منفذته شابة شيشانية، لكن وسائل إعلام روسية أفادت لاحقاً بأن الانتحاري الذي لم يبق من جسده الا اشلاء ربما يكون رجلاً. وبعد فترة زمنية قصيرة، أُعلن عن تفجير مماثل وقع في نزران عاصمة إنغوشيا المجاورة، نفذه انتحاري قاد سيارة مفخخة في اتجاه مركز أمني. وتكتمت موسكو عن خسائرها في الهجومين، بينما أوضحت مصادر أمنية أن حوالى عشرة أشخاص نقلوا الى المستشفيات بعضهم في حال الخطر.وفي داغستان، أسفرت مواجهات ضارية وقعت خلال حملة أمنية في منطقة غابات شمال محج قلعة عن مقتل أربعة مسلحين بينهم امرأة، كما أفادت موسكو. لكن موقعاً إلكترونياً قريباً من المقاتلين تحدّث عن «خسائر فادحة تكبدها الروس». وأعلنت موسكو أنها قتلت خلال المواجهات واحداً من أبرز زعماء الحرب في الجمهورية، هو بهاء الدين كمال الدين الذي كان مسؤولاً عن تخطيط الهجمات التفجيرية والاشراف على تنفيذها، واعتقلت أربعة مقاتلين بينهم امرأة. وأحبطت هجوماً انتحارياً كبيراً خُطط له ليتزامن مع الهجمات في الشيشان وانغوشيا. كما أعلنت الوحدات الأمنية في داغستان اعتقال شابة في سن ال 21 كانت تستعد لتفجير نفسها قرب حاجز تفتيش. وأعاد تكرار التفجيرات والهجمات الدموية التي تشارك فيها النساء الى الواجهة ظاهرة «الأرامل السود» التي كانت منتشرة بقوة خلال فترة الحرب الشيشانية، أي النساء الانتحاريات اللواتي برز حضورهن في العمليات الحربية من خلال المشاركة في الهجمات على المنشآت واحتجاز الرهائن، أو من خلال تنفيذ هجمات انتحارية مباشرة بتفجير أحزمة ناسفة في التجمعات العسكرية. وأثارت هذه الظاهرة رعباً في روسيا، وأسفرت عن مضايقات كبرى تعرضت لها النساء ذات الملامح القوقازية في أنحاء البلاد، بعدما بات ينظر إليهن بإعتبارهن «انتحاريات مفترضات». «صراحة» بوتين على صعيد آخر، أثارت تصريحات رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين عن أنه «لن يتنافس مع الرئيس ديمتري ميدفيديف على الرئاسة في انتخابات عام 2012» جدلاً واسعاً في أوساط المحللين الروس. واعتبرها بعضهم اشارة الى عزم بوتين الترشح وحيداً للرئاسة، ورأى فيها آخرون حسماً للجدال حول وجود شرخ في العلاقات بين ثنائي الحكم «بوتين – ميدفيديف». واعتبر الباحث فاليري خومياكوف، الذي يشغل منصب مدير عام مجلس الاستراتيجية القومية، أن إعلان بوتين يجب أن يوقف طموح القوى السياسية الراغبة جداً في انهيار الثنائي الذي يقود البلاد. وكان بوتين قال أول من أمس خلال لقاء مع أعضاء نادي «فالداي» الدولي للنقاشات، إنه لن يكون هناك تنافس مع ميدفيديف في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2012. وتساءل: هل تنافسنا في الانتخابات الماضية (عام 2008)؟ وزاد: «لن نتنافس في الانتخابات المقبلة، وسنتفق قبلها لأن لدينا توجهات واحدة وتطلعات سياسية مشتركة».وأضاف خومياكوف: «أعتبر أن فلاديمير بوتين قال الحقيقة، وكان صريحاً. والمهم أن هذا الاعلان من المفترض أن يوقف طموحات الذين يرغبون جداً في انهيار الثنائي، ومن بينهم الدوائر المعينة في الغرب وسياسيون روس من المعارضة وأهل الحكم». وأعرب خومياكوف عن ثقته ببقاء «الثنائي» على رأس السلطة في عام 2012، «لكن من منهما سيكون الشخص الأول ومن الثاني، هذا موضوع يخصهما بالدرجة الأولى»، معرباً عن اعتقاده أن الشعب الروسي في أي حال سيعطي أصواته إما لبوتين أو لميدفيديف.