أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن «المملكة لم تكن يوماً حديثة عهد بشأن حقوق الإنسان، بل إنها تطبقها منذ قيامها في إطار تطبيقها لشرع الله، وتراعي في تطبيقها ما تقتضيه المعاصرة من التزامات، فلم تتخلف عن المشاركة في المحافل الدولية، التي تداولت أعمال التأسيس لهذه الحقوق، ثم إصدار صكوكها، حتى تم التعاهد على تطبيقها». وشدّد على أن المملكة «بهذا أعطت نموذجاً تطبيقياً رائداً في التوفيق بين الالتزام بالإسلام والاستفادة من التجارب الإنسانية الإيجابية»، موضحاً في كلمة ألقاها نيابةً عنه أمس أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، خلال افتتاح مؤتمر مكةالمكرمة ال14 الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي في عنوان: «حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية» أن «المملكة العربية السعودية الدولة القائمة على شريعة الإسلام، إذ تلتزم هذه المواثيق الدولية، إنما تؤكد أن حقوق الإنسان كاملة مصونة بهذه الشريعة، والمشرع فيها هو الله - جل وعلا - ولا يزايد على صنعة الله إلا زائغ». وفي ما يأتي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين، على ما جاءت في وكالة الأنباء السعودية: «قبل 14 قرناً ونيف، وكما هو معلوم، جاءت شريعة الإسلام قرآناً كريماً وسنّة مطهرة بكل ما يحفظ للإنسان دمه وماله وعرضه، ويحرره من كل عبودية عدا عبوديته لخالقه - جل وعلا -، وبذلك تتحقق للإنسان الحرية، في حدود ما قضى به المشرع الأعظم - سبحانه وتعالى - من أجل صلاح الدين والدنيا للإنسان، بأن يعبد الله حق عبادته، ويحقق القصد من استخلافه على الأرض، لأجل عمارتها وترقيتها على شرعه. هكذا يصبح الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ومن هنا جاءت صرخة ثاني الخلفاء الراشدين، حين وجّه واليه على مصر: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟». وفي نظام يقوم على هذه المساواة كان لا بد من أن يقوم الحكم على أساس العدل، الذي ورد في غير موقع قرآني، منها قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً). [النساء:58]، ولم تترك الشريعة الإسلامية فضيلة إلا قضت بها، ولا رذيلة إلا نهت عنها. وعلى هذه الأسس: الإيمان والعدل والإحسان والحرية، والمساواة، وغيرها من قيم الفضيلة، قامت الدولة في الإسلام، وغطت رايتها نحو ثلثي العالم. من هنا يتبين لنا مدى فضل الله علينا، إذ بعث فينا خاتم أنبيائه ورسله: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) [آل عمران:164]، وكشف لنا الإسلام حقوق الإنسان وكفلها وأمرنا بالتعاهد على مراعاتها، بما في هذه الرسالة العظيمة من قيم. طبق المسلمون الأولون تعاليمها، ففاءت عليهم بالأمن والاستقرار النفسي والمجتمعي، ثم حملوها إلى أمم العالم، فحققوا للإنسان بها ما يفوق كثيراً المواثيق الدولية اليوم. ولا شك أن بقاء هذه الرسالة الإسلامية مصونةً بحفظ الله إلى يومنا هذا، إنما هو رحمة، وسفينة نجاة للناس مما هم فيه يعمهون، وإن فرط بعض المسلمين في الاستقامة على منهاجها، وانحسر مدهم في العالم تبعاً لذلك. ومع انتشار العنف والحرب المدمرة، المضيعة لكل حقوق الإنسان، والمؤدية لقهره، وطغيان المادة من دون قلب يرحم، ولا دين يردع، في كثير من أنحاء العالم، اشتعلت على إثر ذلك الدعوة لرفع هذا القهر عن كاهل الإنسان وحفظ حقوقه، وتطور الأمر إلى قيام منظمات متخصصة في هذا الشأن، وأُبرمت مواثيق وعهود، يلتزم بها العالم لتحقيق هذا الهدف. المملكة العربية السعودية، الدولة القائمة على شريعة الإسلام، إذ تلتزم بهذه المواثيق الدولية، إنما تؤكد أن حقوق الإنسان كاملة مصونةً بهذه الشريعة، والمشرع فيها هو الله -جل وعلا- ولا يزايد على صنعة الله إلا زائغ. ولم تكن هذه المملكة يوماً حديثة عهد بشأن حقوق الإنسان، بل إنها تطبقها منذ قيامها في إطار تطبيقها لشرع الله، وتراعي في تطبيقها ما تقتضيه المعاصرة من التزامات، فلم تتخلف عن المشاركة في المحافل الدولية، التي تداولت أعمال التأسيس لهذه الحقوق، ثم إصدار صكوكها، حتى تم التعاهد على تطبيقها، وبهذا أعطت المملكة نموذجاً تطبيقياً رائداً، في التوفيق بين الالتزام بالإسلام، والاستفادة من التجارب الإنسانية الإيجابية. وفي الختام، أشكر رابطة العالم الإسلامي بقيادة رئيس مجلسها الأعلى وأمينها العام، على ما تسهم به من جهود مميزة، في توعية الأمة بواجباتها نحو دينها وأوطانها وقضاياها، ورد الشبهات والأباطيل الموجهة ضد الإسلام وحضارته ورموزه ومقدساته.