اختار الرئيس المصري الموقت عدلي منصور الأردن ليكون محطته الخارجية الثانية بعد المملكة العربية السعودية، محاولاً على ما يبدو حشد مزيد من الدعم السياسي لبلاده. وأفيد بأن الزيارة التي استمرت ساعات تجنبت القضايا العالقة بين البلدين، لا سيما ملف الغاز الطبيعي الذي أوقفت القاهرة تصديره إلى عمان. وبعث منصور أمس ببرقية شكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على مواقف السعودية «الكريمة الشجاعة المؤيدة لإرادة الشعب المصري». وأعرب عن تقديره ل «المشاورات المثمرة التي جرت في جو يسوده الود والتفاهم حول قضايا الأمتين العربية والإسلامية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب القضايا الثنائية والتعاون المشترك بيننا». وأشاد ب «علاقات الأخوة العميقة وبأواصر المودة الراسخة بين بلدينا وشعبينا، وبمواقفكم الكريمة الشجاعة المؤيدة لإرادة الشعب المصري والتي جاءت لتساعد مصر على تخطي المصاعب التي تمر بها». وأكد ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، بعد توديعه الرئيس المصري في ختام زيارته إلى المملكة، أن «مصر في أيدٍ أمينة، وأن المصريين عودونا على تجاوز أزماتهم بإذن الله، فقوة مصر قوة للعالم العربي». وقال الديوان الملكي الأردني في بيان إن لقاء منصور والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس «ركز على سبل تطوير العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية والدولية». ونقل البيان عن العاهل الأردني أن بلاده «تنظر إلى مصر الشقيقة كدولة هامة وأساسية في محيطها العربي والإقليمي، وتدعم خيارات شعبها المستقبلية، بما يعزز وحدتها الوطنية ويمكن مصر بجميع مكوناتها من ترسيخ أمنها واستقرارها واستعادة مكانتها ودورها الريادي». وأضاف البيان أن المحادثات «تناولت جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، وفقاً لحل الدولتين ومبادرة السلام العربية». وأوضح أنها عرضت مستجدات الأزمة السورية «وجدد الملك تأكيد موقف الأردن الداعم لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق ويحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً». وأكد منصور «حرص بلاده على إدامة التنسيق مع الأردن حيال مختلف التحديات التي تواجه الأمة العربية في هذه المرحلة، خصوصاً سبل التعامل مع الأزمة السورية، بما ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق». وكان الملك عبدالله الثاني أقام مأدبة غداء تكريماً للرئيس المصري الموقت والوفد المرافق له حضرها كبار المسؤولين من كلا الجانبين. وجرت مراسم استقبال رسمية لمنصور في المكاتب الملكية في الحمر (غرب عمان)، وكان الملك في مقدم مستقبليه. وشهدت الساحة الأردنية تبايناً في المواقف حيال الزيارة. وقال الناطق السابق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة ل «الحياة» إن زيارة منصور «مرحب بها من قبل أوساط عدة». وأضاف: «سعى الرئيس المصري من خلال جولته إلى تقديم الشكر لعدد من الدول التي وقفت مع مصر خلال محنتها الأخيرة، كما سعى إلى تمكين محور عربي جديد في مواجهة محور آخر يرفض التغييرات الأخيرة ويؤكد مساندته جماعة الإخوان المسلمين». ولفت إلى أن «زيارة منصور إلى عمان حملت طابعاً سياسياً، ولم تتطرق إلى تفاصيل الملفات العالقة بين الطرفين مثل ملف الغاز». وكان الأردن تضرر كثيراً منذ إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك قبل عامين نتيجة الانقطاع المتكرر للغاز المصري الذي كلف خزينة الدولة نحو 5 بلايين دينار أردني. واعتبر مسؤولون الانقطاع المستمر حتى الآن «السبب الحقيقي» وراء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وكان الأردن يستورد 80 في المئة من حاجاته من الغاز لإنتاج الكهرباء، أي نحو 6.8 مليون متر مكعب يومياً، من مصر قبل أن يتعرض خط الغاز المزود للأردن وإسرائيل لتفجيرات متكررة. في المقابل، دان القيادي في جماعة «الإخوان» الأردنية مراد العضايلة الزيارة، ورأى أنها «لا تعبر عن الشعب الأردني». وقال إن زيارة منصور إلى عمان «تمثل استفزازاً واضحاً للأردنيين، على اعتبار أنه يمثل انقلاباً عسكرياً بغيضاً أطاح بطموحات وآمال الشعب المصري وقتل الآلاف منهم». واعتبر أن الزيارة «تضر بصورة الأردن أمام الشعب المصري». وكان المدعي العام الأردني أمر قبل أيام بتوقيف 3 ناشطين على خلفية حيازتهم ملصقات تحمل شعار «رابعة العدوية». ووجهت النيابة العسكرية إلى اثنين من الموقوفين تهمة «القيام بأعمال لم تجزها الحكومة من شأنها تعكير صفو العلاقات وتعريض المملكة لخطر القيام بأعمال عدائية»، فيما وجهت تهمة «إطالة اللسان وتحقير رؤساء دول» إلى الموقوف الثالث على خلفية ضبط رسائل قيل إنها تمس شخص وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي.