منذ أن ظهر تصريح الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدم التعرض للمرأة التي تقود السيارة، وترك الموضوع للجهات المختصة، وتزامن ذلك مع ما يسمى بحملة 26 تشرين الأول (أكتوبر) للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة، والمعركة مشتعلة بين المؤيدين والمعارضين، كل يريد أن يفرض وجهة نظره على الآخر، المؤيدون يسردون أدلتهم لتنال المرأة حقها المسلوب، والمعارضون يسردون أدلتهم لمنع المرأة من نيل هذا الحق. إلا أن سياسة التهويل التي يتبعها المتشددون مع المرأة، جعلتهم يخرجون عن طورهم، ليخرجوا بعبارات خادشة للحياء، تقول: إن القيادة تؤثر في (حوض المرأة ومبايضها)، وطبعاً هذا من التهويل الذي أطلقه أحدهم عندما رأى أن المرأة لم تيأس، ولن تيأس من المطالبة بهذا الحق، وقطعياً من قال هذا الكلام لم يجرب مدى العذاب الذي تتعرض له المرأة من جراء هذا، سواء كانت المرأة العاملة أم غير العاملة، فحين تقف المرأة في لهيب الشمس على رأس الظهيرة تطلب سيارة أجرة لتعود إلى منزلها، فالله وحده هو الذي يعلم حرارة الدعوات التي تناجي بها الله ضد من حرمها من امتطاء آلة حديدية، ليس لها من ذنب سوى أن الرجال الأشاوس حرّموها على رفيقتهم المرأة، خوفاً عليها وصيانة لكرامتها، ولم يلتفتوا لمعاناتها وعذابها في تنقلاتها التي أصبحت من الضروريات في ظل عدم مبالاة الأولاد، وإهمال الرجال لقضاء حوائج النساء، بل إن هناك من النساء من يقمن بجلب حتى أنابيب الغاز إلى بيوتهن، والرجال إما في أعمالهم وإما في قيلولتهم، وإما «يطقطقون» على الإنترنت، وليس كل النساء لديهن سيارات بسائقيها حاضرة تحت أمرهم، فالظروف المادية ليست متساوية، وحتى من لديها القدرة فهي تعرف أن الخروج مع السائق هو الحرج نفسه، وهو الخلوة التي يتصايحون عليها لكن نخوتهم الميتة، تجعلهم يتغاضون عن الخلوة بين السائق والمرأة، بينما قيادتها بنفسها هي الخطر، لا أعرف ما الفرق بين أن تمشي المرأة في الشارع على قدميها وبين أن تمشي بالسيارة؟ لماذا التصريحات التي يتلفظ بها المتشددون غارقة في الغرائز بدليل هذا التصريح الذي أسلفت؟ هذا التهويل والتأويل المريض لا يخرج من فم حكيم أو عاقل؟ ما المسوغات العلمية التي يعتمد عليها هذا الكلام؟ ونساء العالم اللاتي يقدن من قبل أن نخلق، لماذا لم يصبن بهذه الحال التي لن تظهر إلا مع قيادة النساء السعوديات؟ ولنلاحظ أن هذه المقولة لا تهتم بالمرأة ككائن إنساني بقدر ما تهتم بالأشياء المرتبطة بالحمل والخصوبة وغيرها، وهو ما يؤكد أن الرجل المتشدد تحديداً لا ينظر إلى المرأة إلا من محور غرائزه التي لم ينفع معها زواج المسيار وبقية الزيجات على شاكلته، حتى أصبحت تخجل من عباراتهم الشهوانية التي لا يجيدون في الحياة سواها، ولا يرتقي فكرهم إلى أعلى من هذه الإيحاءات فأصبحنا لا أقول مضحكة عند العالم بل نكتة يتسامر عليها العالم، كلما تذكر مجتمعنا النادر. كفّوا أيديكم أيها الجاهلون عن المرأة، فهي التي تحمي شرفها وكرامتها، ورجالنا وشبابنا ليسوا بهذا المستوى من الهمجية، والقوانين الرادعة هي من يؤدب الخارجين على الأخلاق والفطرة السليمة، وبالتالي، تمثل هيبة الدولة، أما من يطلق العبارات الآثمة والقاذفة للمرأة السعودية، فهم الذين يجب أن يقام عليهم الحدّ. [email protected] zainabgasib@