تشارك 124 دولة في «المؤتمر الدولي الرابع للمدن والحكومات المحلية»، الذي تستضيفه الرباط، للبحث في الحلول الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمدن المستقبلية، في ظل تنامي الطلب على الموارد والمرافق والخدمات الأساس خصوصاً في البلدان. وهذا المؤتمر هو الأول الذي يُعقد في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وأشار العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة إلى المشاركين (3300 شخص) في افتتاح المؤتمر مساء أول من أمس إلى أن العالم «يشهد تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة ومتواترة، تُجسّد الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية أحد أهم تجلياتها ما يقتضي تضافر جهود الحكومات المركزية والحكومات الجهوية والمحلية لتجاوز الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة». التضامن بين الشعوب وأكد أن «النهوض بالتنمية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار في رأس المال البشري وتقوية التضامن بين الجماعات، واعتماد الابتكار لتدبير التنوع والتحكم في مستقبل النمو الحضري (للمدن)، تشكل اهتمامات آنية تفرض ذاتها بحدة». وعرضت رسالة الملك التجربة المغربية في مجال التدبير غير المركزي لتسيير المدن واتجاه المغرب إلى اعتماد نظام «الجهوية الموسعة» وهي نوع من الحكم المحلي تسمح للسكان المحليين بتدبير شؤونهم المالية والإدارية في إطار مستقل عن العاصمة أو المركز، بالارتكاز على الحوكمة الجيدة في التدبير الاقتصادي والاجتماعي للتنمية المحلية. وتتولى الدولة منح الجهات (المحافظات وهي 16) الوسائل المالية والبشرية الضرورية وتزويدهم بالآليات القانونية لتمكين المنتخبين المحليين من الاضطلاع بمسؤوليات خدمات القرب، التي اعتبرها الملك «مطلباً ملحاً تجب الاستجابة الملائمة لها وإدراجها في صلب الاهتمامات السياسية العامة». ويسعى المؤتمر الذي تستغرق أعماله ثلاثة أيام ويختتم اليوم، إلى بلورة تصورات جديدة لتدبير حاجات السكان المحليين لمواكبة التزايد السكاني والضغط الديموغرافي على الموارد والمرافق العامة في مدن عربية وأفريقية وآسيوية وفي أميركا اللاتينية. إذ سيتضاعف سكان مناطق كثيرة في العالم في العقود المقبلة، لتصبح المدن أو المحافظات توازي حجم الدول سابقاً كثافة وحاجة. كما يُعدّ التطور العلمي والتقني عنصراً مساعداً لحسن تدبير الخدمات الأساس في مجال الطاقات النظيفة والمواصلات الحديثة والخدمات من بعد. وفي أفريقيا والشرق الأوسط «سيتجاوز عدد سكان المدن في المستقبل غير البعيد 10 ملايين نسمة في المتوسط، ما يتطلب تصوراً جديداً للاستجابة إلى حاجات السكان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والبيئية والثقافية والعمرانية والصحية والتعليمية والتواصلية» ورأى متحدثون في ورشات النقاش، أن إشراك السكان المحليين في إقرار المشاريع وبلورة التصورات التنموية، بات ضرورة في عالم يتراجع فيه دور الدولة المركزية نحو الصيغ المحلية التدبيرية في تسيير الشأن المحلي. وأصبحت الديمقراطية والحوكمة المحلية، مؤشرين إلى التنمية الاقتصادية والبشرية خصوصاً في الدول التي تمرّ في فترة انتقالية نحو الديمقراطية ومنها دول الربيع العربي.