الشكاوى المتتالية والدعاوى القضائية التي رفعها أخيراً عدد كبير من الفنانين والفنانات في مصر ضد جهات إنتاج خاصة وحكومية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وجود أزمة مالية طاحنة يمر بها المنتجون، أو يفتعلونها أحياناً، لإجبار الفنانين والفنيين على العمل وفق شروطهم المادية المجحفة غالباً. وفي الوقت الذي يلجأ فيه بعض الفنانين إلى العمل في مجالات قريبة من التمثيل مثل تقديم البرامج التلفزيونية والإعلان عن منتجات غذائية وتجميلية، يضطر غير المطلوبين لهذه المجالات إلى العمل صاغرين وفق شروط جهات الإنتاج التي تدخلهم في حلقة مفرغة ومفزعة، إذ تدفع لهم أجورهم على دفعات (أقساط) حين يحصلون على السيولة المالية من أصحاب الفضائيات التي تُسوّق المسلسلات، والتي تؤجل الدفع الى حين الحصول على مستحقاتها من شركات الإعلان التي تسدد مستحقاتها على دفعات. خلال الأيام الماضية أقام حسن يوسف وسهير رمزي دعوى قضائية ضد منتج مسلسلهما الذي خرج من سباق رمضان الماضي «جرح عمري»، بتهمة النصب وتحرير شيكات من دون رصيد، إذ توقف المسلسل بعد تصوير 12 ساعة منه. وقالا في دعواهما إن المنتج حرر لهما شيكات من دون رصيد، وأن هذا الموقف تكرر مع جميع الفنانين المشاركين في العمل والذين انضموا إليهما في الدعوى ومنهم هادي الجيار وزيزي البدراوي ونبيل نور الدين وانتصار والمخرج تيسير عبود. وأعلنت الجهة المنتجة لمسلسل «المهدي» الذي كان سيخوض من خلاله المغني محمد حماقي تجربته الأولى في التمثيل قرارها النهائي بتأجيل تنفيذ المسلسل لفشلها في توفير السيولة اللازمة، خصوصاً أنها كانت تعلق آمالاً على حصولها على بقية مستحقاتها من الفضائيات التي عرضت مسلسلها الأخير «باب الخلق» لمحمود عبد العزيز والذي عرض في رمضان قبل الماضي. وضاق المشاركون في مسلسل «الزوجة الثانية» (بطولة عمرو عبد الجليل وأيتن عامر وعمرو واكد وعلا غانم وإخراج خيري بشارة) ذرعاً بمنتج المسلسل الذي يدفع لهم أجورهم إلى الآن بالتقسيط، ولم يلتزم بدفع مستحقاتهم منذ عيد الفطر. وتوقفت غالبية المسلسلات التي بدأت في تصويرها شركة «صوت القاهرة» قبل رمضان بفترة ومنها «جداول» لسهير رمزي ومحمود قابيل، و«الحكر» لفتحي عبد الوهاب وهنا شيحة وأحمد بدير، و«كش ملك» لمجدي كامل وسوزان نجم الدين، و«ضابط وضابط» لطارق لطفي وبثينة رشوان ومحمد كريم، علماً أن الشركة تعتمد على مجموعة بعينها من الممثلين والمؤلفين والمخرجين الذين يقبلون العمل في مقابل الدفع حال توافر سيولة مالية، غالباً ما تتأخر طويلاً، إلا أن كثراً من هؤلاء أعلنوا أخيراً تمردهم خصوصاً أن بقية مستحقاتهم عن مسلسلات شاركوا فيها وعرضت قبل عامين لم يحصلوا عليها. وينتظر المشاركون في مسلسلات قطاع الإنتاج التي عرضت في رمضان وهي «أهل الهوى» لفاروق الفيشاوي وإيمان البحر درويش، و«ونيس والعباد وأحوال العباد» لمحمد صبحي، و«طيري يا طيارة» لبوسي ومصطفى فهمي، السيولة المالية المقرر أن تدفع بها وزارة المال إلى القطاع للحصول على بقية مستحقاتهم المالية، علماً أن الأوضاع تسير في القطاع على صفيح ساخن، خصوصاً أن لديه عشرات المخرجين من أبنائه الذين ينتظرون فرص إخراج مسلسلات وعدوا بها طوال الأعوام الماضية. واللافت أن آفة «انتظار التمويل من الغير» انتقلت إلى بعض المنتجين الذين عرف عنهم أنهم كانوا ينتجون من مالهم الخاص، ويدفعون كل المستحقات للفنانين والفنيين والمؤلف والمخرج، ثم يحصّلون المقابل من الفضائيات سواء نقداً أو على دفعات. ويجمع المراقبون أن الأمور أصبحت تسير في الإنتاج الدرامي الخاص والحكومي على طريقة «سمك لبن تمر هندي»، وأصبح الجميع يقرأ عن عشرات المسلسلات الدينية والتاريخية والاجتماعية والرومانسية التي يتم التحضير لتنفيذها بعد رصد ملايين الجنيهات لها، لكنها تبقى قيد الإقامة الجبرية إلى «حين ميسرة».