ساد الحذر الشديد بعلبك (شرق لبنان) أمس، وسط إقفال شبه تام للمحال التجارية والسوق باستثناء الأفران، غداة الاشتباكات التي شهدتها المدينة اول من امس وأوقعت ثلاثة قتلى وأكثر من عشرة جرحى بينهما اثنان في حال حرجة. وسير الجيش اللبناني دوريات مؤللة للمغاوير في النقاط الساخنة ومكان مسرح الاشتباكات وداخل السوق التجاري الذي يعود الى جميع الطوائف، فيما استحدث بعض النقاط الثابتة في السوق، وعمل على توسيع انتشاره بإقامة حواجز متنقلة وتفتيش السيارات، في ظل حركة خفيفة للمواطنين ودعوات الى التهدئة من ابناء منطقة بعلبك وفعالياتها. وتسلم الجيش ساحة ناصر ومنع عبور السيارات، مستثنياً المشاة، اذ اقفل الشارع بسيارة، في ظل تواجد مدني ل «حزب الله» في الشارع من ساحة ناصر الى شارع مكان الاشكال نزولاً الى السراي. كما تسلم منطقة الططري ومدخل بعلبك في اتجاه نزلة فندق بلميرا. مخاطر الخطاب الطائفي والمذهبي وقال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام امام وفود وشخصيات سياسية واجتماعية: «الحادثة الدموية التي أصابت مدينة بعلبك في مقتل اربعة مواطنين أبرزت المخاطر الجدية والعميقة التي تهدد المناطق اللبنانية بسبب الشحن والخطاب الطائفي والمذهبي والفئوي وبسبب انتشار السلاح غير الشرعي واعتماده وسيلة هيمنة قرار لفئة ما على اخرى». ولفت الى «ان معالجة هذا الامر تكون بتكريس هيبة الدولة من خلال اجهزتها الامنية وحدها ومن خلال شبكة الامان السياسي التي يجب ان تنشط في اتجاه رفع الغطاء عن كل مخلٍ ومتمادٍ في ممارسة العنف ووضع حد للفلتان الامني». وتوجه الى «اخواننا اللبنانيين الاصيلين من ابناء بعلبك الأبية لعدم الإنجرار وراء الساعين الى زرع بذور الفتنة في وسطهم. والى كل اهالي الضحايا الابرياء في الوطن وخارجه بأصدق التعازي سائلاً الباري عز وجل ان يحمي لبنان واللبنانيين». ولتطويق مضاعفات ما جرى عقد اجتماع في دار بلدية بعلبك حضره رئيسها محمد حسن والرئيس السابق هاشم عثمان وممثلون عن الفعاليات والتجار من كل الطوائف، وخصوصاً من السنة والشيعة، وشارك عن «حزب الله» الشيخان عدنان فرحات وسهيل عودة، والشيخ مشهور صلح المقرب من المفتي خالد صلح، والشيخ محمد جمال الشل عن دار الافتاء، اضافة الى ممثلين عن الجماعة الاسلامية وعائلتي صلح والرفاعي. وأكد رئيس البلدية ل «الحياة» «أن هناك إجماعاً على وأد الفتنة والحرص على العيش المشترك، وخصوصاً بين السنة والشيعة، وضرورة التعاون وتضافر الجهود للخروج من المأساة وقطع الطريق على كل من يحاول الاصطياد بالماء العكر، واستغلال ما حصل لجر البلاد الى فتنة، والتأكيد على دور القوى الامنية وعلى رأسها الجيش للقيام بدورها في حفظ الأمن وحماية السلم الأهلي في المدينة والتعايش والضرب بيد من حديد لكل من يحاول الاخلال والعبث بالأمن». واعتبر المجتمعون ان كل «الذين سقطوا هم شهداء المدينة من دون تفريق بين سني وشيعي». وطالبوا القوى الأمنية بملاحقة اي مخلٍ بالأمن والعمل على توقيف المشتبه بهم لتهدئة نفوس اهل الضحايا وتبريد الأجواء. وكشف رئيس البلدية عن «اجتماعات كانت حصلت لتسليم الأمن للجيش وقطعت شوطاً كبيراً، لكن ما حصل امس فاجأ الجميع، الا ان ذلك لن يثنينا عن تحقيق هذا الامر». ونفى «وجود اي مفقودين او مخطوفين. وتم الافراج عن الجميع ليلاً، بمن فيهم السوريون». وأكد المجتمعون ان «عدو المدينة واحد هو العدو الصهيوني، وان التهاون مع من يريد احداث فتنة يقدم خدمة لهذا العدو». كما صدرت دعوات الى المشاركة الكثيفة في التشييع ومن جميع الفئات كرسالة مواساة لأهالي الضحايا». وشدد نائب بعلبك كامل الرفاعي الذي لعب دوراً في التحضير للاجتماع والتواصل مع الجميع «على التعاون لإعادة الاستقرار الى المدينة واعتبار ما حصل حادثاً فردياً، ولا بد من تطويق مضاعفاته وتوفير كل الدعم للقوى الامنية وعلى رأسها الجيش». ورأى الشيخ صلح أن «الإعلام سلاح فتاك، كنا نعمل على التهدئة فأصبحنا نعمل لتهدئة الإعلام، فلا وجود في بعلبك لجبهة نصرة ولا وجود لتكفيريين، وبعض وسائل الإعلام تعمد بالأمس الفتنة». وقال: «ما حدث بالأمس مرفوض من الجميع، وهذا ليس من أخلاقيات بعلبك، فهي عائلة واحدة سنية وشيعية ومسيحية، ونحن نطالب بتحقيق شفاف، ومحاسبة المذنب في القضاء». وقال الشيخ الشل: «ما حدث هو اعتداء على بعلبك، والخسارة كانت على الجميع، وبعلبك عائلة واحدة، وندعو وسائل الإعلام إلى تصحيح بعض المعلومات الخاطئة، ونؤكد أن لا وجود لتنظيمات إرهابية في المدينة، نحن في بعلبك طرف واحد وجسد واحد». وتحدث الشيخ فرحات باسم قيادة «حزب الله» فقال: «اجتماعنا هنا، فعاليات وأحزاب وقوى وعلماء، يدل على أننا كلنا لدينا القرار والرغبة الصادقة برفض الفتنة ومنعها، وما حصل في بعلبك هو غريب عن مدينة الشهداء والمقاومة والنسيج الواحد». ونبه من «مناخات كانت تحضر للفتنة بإطلاق كلام غير مسؤول على بعض المنابر، لا يرضي الله ولا الرسول ولا الخلفاء الراشدين». وأضاف: «هذا العيش الواحد في المدينة التاريخية العريقة في جهادها وتضحياتها، لا يمكن أن تبدله أو تلغيه مجموعة موتورة أو مرتبطة، تسعى لتصفية حسابات لا علاقة لبعلبك بها». وقال: «لسنا مسرورين بالحواجز أو مرتاحين بها، ولكننا اضطررنا إلى وضعها لحفظ أمن المدينة والناس، ومنذ البداية كانت دعوتنا لكي تتولى القوى الأمنية هذه المسؤولية، وقد سمعنا جميعاً السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير يدعو الجيش والقوى الأمنية إلى تولي الحواجز في بعلبك وسواها كما حصل في الضاحية الجنوبية». وطالب فرحات بوقف «الخطابات المتشنجة حتى لا نتجه نحو الهاوية بفعل بعض الموتورين الذين نعتبرهم غرباء عن أجواء الألفة والمحبة والوحدة والتسامح والعيش الواحد بين أبناء بعلبك». وقال: «أي واحد منا يفرق بين الناس، براء منه هذا الدين الحنيف، وبراء منه الرسول وبراء منه الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي». «حزب الله»: أيدينا ممدودة لدرء الفتنة شيع «حزب الله» ومدينة بعلبك عماد بلوق وعلي البرزاوي اللذين قضيا أيضاً خلال أحداث بعلبك، في موكب تقدمه الوكيل الشرعي العام للسيد الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك وفاعليات دينية واجتماعية وسياسية. وأم يزبك الصلاة على الجثمانين وألقى كلمة ناشد فيها جميع «الحريصين على أمن هذا البلد، حماية بلدنا من العابثين، وسنبقى جميعاً في بعلبك نلقم حجراً لكل الأفواه التي تريد أن تصطاد في الماء العكر، وستبقى أيدينا ممدودة وقلوبنا مفتوحة من أجل وحدة الإسلام والمسلمين ودرء الفتنة ومواجهة الأعداء والظالمين والتكفيريين». كما شيعت بعلبك علي سامي المصري الذي قضى في الاشتباكات، في مأتم مهيب، وتقدم المشيعين مفتي بعلبك - الهرمل الشيخ خالد صلح، رئيس دائرة أوقاف البقاع الشيخ سامي الرفاعي، نائب رئيس بلدية بعلبك عمر صلح وفاعليات مدينة بعلبك. وأم المفتي صلح الصلاة على جثمان الفقيد.