لا يزال القطاع العقاري يعاني من بعض القيود والمعوقات التي تواجهه، وأهمها غياب نظام للرهن العقاري، حيث لا يوجد سوى البنوك التقليدية هي التي تقدم تمويلات، ومن المفترض أن تظهر بنوك عقارية وشركات تمويل متخصصة. وعلى الرغم من أن الدولة تقدم قروضا إسكانية من خلال صندوق التنمية العقاري إلا أن الصندوق لا يزال غير قادر على تلبية الطلبات الكثيرة التي تقدم له ومن الممكن أن يظل المستفيد منتظرا أكثر من 10 سنوات ليحصل على القرض وحين يحصل عليه لا يكون كافيا لشراء المسكن، أو حتى البناء. ويحتاج السوق السعودي إلى 5 ملايين وحدة سكنية لسد العجز بين العرض، وارتفعت الإيجارات في المملكة خلال العامين الماضيين بنسبة 25% تقريبا كما ارتفعت أسعار الوحدات التمليك نحو 30% بسبب نمو الاقتصاد السعودي، وارتفاع أسعار مواد البناء، وزيادة السكان، واستمرار زيادة الطلب عن العرض. وعلى الرغم من أن المشروعات الجديدة غير قادرة على مواجهة الطلب، إلا أن موجة ارتفاع الإيجارات لن تنكسر قريبا بسبب استمرار زيادة الطلب على العرض. ويشير عقاريون إلى أن التطور الحقيقي سيكون في المنطقة الوسطى والغربية، إذ سيشهد بداية عام 2009 انتعاشاً عملياً وتنفيذياً في ضخ المنتجات العقارية، من خلال نوعية المشاريع النموذجية، وكذلك وجود مستهلكين ومسوقين وسوق واعدة وفرص استثمارية، مشددين على أن هذه المشاريع وطرق تسويقها تختلف عن الطفرة السابقة للعقار التي حدثت بين عامي 2002 و2005، إذ كانت وقتها تتركز على طرح تطوير عقاري للأراضي الخام وطرحها في النهاية كمنتج غير مكتمل وهي بيع قطع أراض. وقالوا إن التغيير بدأ في جدة بعد أن أقرت أمانة محافظة جدة تحديد مناطق الارتفاع في منطقة الكورنيش وفي الشوارع الرئيسة للمحافظة، وكذلك الإعلان عن تنظيم المناطق العشوائية في جدةومكةالمكرمة التي بدأت تغير توجه المستثمرين من كل مناطق السعودية بالاستثمار فيها، الأمر الذي حرك السوق العقارية وجعلها محط أنظار الاستثمار المقبل، لاسيما أن حجم سوق الاستثمار الحكومي والقطاع الخاص في المنطقة الغربية يصل إلى 300 مليار ريال خلال عامي 2009 و2010 فقط. ويعتقد هؤلاء العقاريون بأن عقارات جدة ستكون محط أنظار الخليج كله في العامين المقبلين، إذ ستشهد حركة كبيرة من التداول العقاري. وتوقعوا أن يتم الإعلان في الربع الأول من عام 2009 عن نظام التمويل العقاري الذي يستهدف وضع الإطار الأساسي للتمويل في مجال العقار ودور الجهات الإشرافية مثل مؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة سوق المال. وأشاروا إلى أن النظام سيحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري بما في ذلك متطلبات الترخيص والأنشطة المسموح بها وإدارة الشركات والإشراف عليها وتسوية المنازعات. وأكد خبراء عقاريون أن السوق متين على الرغم من حالة الركود الحالية، لافتين إلى أن العقار يشهد حالة ترقب وتوقف استعداداً لانطلاقة كبيرة. وأشاروا إلى أن مشاركة أكثر من90 شركة عقارية فعاليات معرض جدة للعقار والتمويل والإسكان الدولي «جركس 2009» الذي يرعاه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل خلال الفترة من 8 إلى 12 محرم أكبر دليل على ذلك. ويشهد المعرض الذي تنظمه مجموعة الجيل لتنظيم المعارض والمؤتمرات بإشراف من اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة ومحافظة جدة والجمعية السعودية لعلوم العمران في مركز جدة للمنتديات والمؤتمرات في جدة العديد من الاتفاقيات التي تؤكد رسوخ وقوة الاقتصاد العقاري السعودي من دون التأثر بما تعانيه بعض الدول والأزمات المالية العالمية. وقدر خبراء في العقارات حجم الاستثمارات العقارية في المملكة بنحو تريليون ريال خلال العام الحالي ما يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية كأكبر سوق عقاري في العالم، مشيرين إلى أن القطاع العقاري السعودي حقق خلال الخمس سنوات الماضية نموا في رأس المال الثابت في السوق العقاري تجاوزت نسبته 40 في المائة بين عامي 2000 و2005م وارتفع قطاع العقار والتشيد في الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 41.7 مليار ريال في عام 2000م إلى أكثر من 54.5 مليار ريال. وقالوا أنه على المدى القصير قُدر حجم الاستثمارات في بناء المخططات والعقارات الجديدة في المملكة وفق آخر الإحصاءات ب 484 مليار ريال بحلول عام 2010م وما لا يقل عن 1.5 مليون وحدة سكنية جديدة فيما قدر حجم الاستثمار في العقار حتى الآن 1.4 تريليون ريال. وشددوا على أهمية إنشاء هيئة عليا للاستثمارات العقارية تشرف على سوق العقار والعمل على استحداث الأنظمة والتشريعات الخاصة بتجارة العقار بما يتماشى مع نظام الاستثمار الأجنبي ويتوافق مع التطورات الاقتصادية المحلية والدولية ودخول المملكة في منظمة التجارة العالمية بهدف تقنين هذه الصناعة وإسناد الأنظمة والتشريعات إلى الهيئة المقترح إنشاؤها، مشيرين إلى أن إنشاء هيئة عليا للعقار يعد محركا أساسيا لتفعيل النهوض بالمؤشر الاقتصادي العام ورفع قطاع صناعة العقار ودورها في تطوير عجلة التنمية. وتوقع عدد من العقاريين ان يشهد العام المقبل اهتماماً كبيراً بالتطوير العقاري في المملكة وولادة شركات جديدة ومستثمرين متخصصين في هذا المجال وتختفي المضاربات العقارية التي ساهمت خلال السنوات الماضية في رفع الاسعار بشكل كبير تسببت في التضخم الكبير الذي شهدته المرحلة الماضية. وأكدوا على ان الازمة العالمية لم يظهر أثرها بشكل واضح على القطاع العقاري في المملكة على الرغم من الهلع والتخوف من كثير من العقاريين خصوصاً وان الاسواق المجاورة تأثرت بشكل كبير من تلك الازمة. وتوقعوا ان يشهد قطاع الاسكان العام المقبل طلباً مرتفعاً خصوصاً وانه يمثل الهاجس الكبير لدى الشريحة العظمى من المواطنين، ما يجعلنا نطالب بإعادة النظر وتصحيح وضع القطاع العقاري وايجاد الحلول لتوفير المنازل بشكل يلبي حاجة الشريحة العظمى من المجتمع وهم الشباب خلال السنوات المقبلة. وأوضحوا ان الازمة العالمية أثرت بشكل كبير على نفسيات عدد من المستثمرين العقاريين خصوصاً وان ملامح التأثير لم توضح حتى الآن، إضافة إلى ان السنوات الخمس الماضية شهد السوق العقاري السعودي ارتفاعات كبيرة في مختلف القطاعات منها الاراضي وكذلك السلع ومنها مواد البناء التي أسهمت بدورها في توقف كثير من المشاريع بسبب تضخم اسعارها. كما اكدوا ان القطاع العقاري السعودي بحاجة الى تصحيح ليصبح في متناول الجميع والعمل على الحد من سيطرة العقاريين عليه خصوصاً وأنهم تسببوا في رفع الاسعار خلال الفترة الماضية. وأكدوا ان موازنة الدولة هذا العام ستؤثر ايجابياً في القطاع العقاري حيث ستعطي انطباعاً جيداً ومن المتوقع تجاوب رجال الأعمال معها ويخف الخوف والهلع لديهم خصوصاً وأنها جاءت في وقت مناسب وفي مرحلة صعبة للاقتصاد العالمي عموماً. كما توقعوا ان يشهد العام المقبل تراجعاً في المضاربات العقارية ونمواً في مشاريع القطاع السكني والتي ستكون ذات جودة عالية ومتميزة نظراً لوجود شركاء تمويل وبنوك ستعمل على تقديم منتجات تمويلية جذابة تلبي حاجة المستهلك وبالتالي سيكون مستثمرين وشركات متخصصة في التطوير العقاري وبالتالي سينعكس ذلك ايجابياً على نمو ونشاط القطاع العقاري في عام 2009 . ومن المتوقع أن يركز العقاريين في العام المقبل على تنفيذ مشاريع الإسكان خصوصاً عقب دعم صندوق التنمية العقاري الذي يعتبر الممول الرئيس للمقترضين من أبناء المملكة. وتشهد السعودية خلال الفترة الحالية تراجعاً في مؤشرات الضغوط التضخمية خلال الفترة الحالية، وهو ما تسبب في ضغوط على ملاك العقارات لخفض أسعار الإيجارات، التي يتوقع أن تبدأ في الربع الأول من العام المقبل. وكانت الحكومة السعودية أعلنت كبح جماح التضخم الذي يعد أكثر التحديات الاقتصادية صعوبة خلال الفترة الماضية ما يؤكد أن الضغوط على الأسعار بشكل عام تعود إلى التصحيح، خصوصاً أن ارتفاع الإيجارات تعد احد أسباب ارتفاع التضخم، وتراجعها يمثل مؤشرا لتراجع الأسعار في جميع المدن السعودية. ويشهد عدد تراخيص المباني السكنية والتجارية للقطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً بنسبة 213.6 في المائة التي تم استخراجها للبدء في عملية البناء خلال الربع الأول من 2009. وتوقعت مؤسسة النقد العربي السعودي»ساما» في تقرير لها تراجع زخم ارتفاع الإيجارات السكنية نتيجة للتوسع في إنشاء المباني السكنية من قبل القطاعين الحكومي والخاص. كما توقع التقرير انخفاض تكلفة البناء نتيجة لانخفاض مدخلاته كالحديد والأسمنت اللذين سجلت أسعارهما تراجعا ملحوظاً خلال الفترة الماضية. وقدر تقرير خليجي حجم الاستثمارات العقارية المتوقعة للسنوات الثلاث المقبلة في السعودية بنحو 22 مليار دولار احتياجات دول الخليج من المشاريع الإنشائية حتى 2009. وما يدل على قوة سوق العقارات في السعودية أنه يعمل على استقطاب الشركات الخليجية للاستثمار فيه، حيث طرحت شركة دار الكوثر العقارية (احدي شركات المجموعة الخليجية للتنمية والاستثمار) أراضي في السعودية. وتتمثل في طرح أراض سكنية في مدينة الخفجي بمساحات تبدأ من 590 مترا كاملة الخدمات وتقع على طريق الكويت - الدمام السريع. وقال التقرير الصادر عن شركة مزايا القابضة الكويتية، ان القطاع العقاري في المملكة مقبل على طفرة غير مسبوقة يحدوها النمو الكبير في أعداد قاطني المملكة وأعداد الحجاج والمعتمرين المتزايدة عاماً بعد عام، إضافة إلى الجهود الريادية في تنشيط السياحة غير الدينية. وأكد التقرير ان السوق العقاري بالمملكة يمكن وصفه بالعملاق الذي أخذ يستفيق نتيجة الاصلاحات التشريعية والمالية التي يواكبها طلب كبير ومتزايد، مشدداً على ان فتح المجال أمام غير السعوديين بتملك العقارات أعطى دفعة قوية للقطاع، حيث يتوقع ارتفاع مساهمة الانشاءات والعقارات في الدخل المحلي إلى مستويات مرتفعة مقارنة بنحو 12 في المائة حالياً. ويتوقع عقاريون أن تنخفض الإيجارات بنسبة تصل إلى 20% في منتصف الربع الأول من 2009، وذلك لحاجة الكثير من ملاك العقارات إلى السيولة في الفترة المقبلة، بعد تأثر عدد من مستثمري العقار بالأزمة المالية، وبالتالي فان وجود السيولة أمر ضروري والمبالغة في رفع الإيجارات لن تساعد المستثمرين على استثمار عقاراتهم المعروضة والمطروحة للإيجار. وأكد خبراء في سوق العقار ان تراجع التضخم سيعمل على إعادة الأسعار إلى واقعها، وحقيقة العقار الذي يعكس الأسعار المطلوبة له كإيجار، مشيرين إلى وجود الكثير من الوحدات العقارية، خصوصاً الشقق السكنية، مطروحة للإيجار إلا أن المبالغة في أسعارها تسببت بعزوف المستأجرين منها، إضافة إلى فتح نوافذ عمل جديدة في مناطق غير المدن الرئيسية، ما يساعد على انخفاض الهجرة إلى تلك المدن. وأكد مستثمرون عقاريون أن الطلب موجود وبشكل كبير على الوحدات العقارية المطروحة للتمليك، إلا أن رفع الأسعار خلال الفترة الماضية نتيجة التضخم لم يساعد على تلبية الطلب، ودفع المستأجرين للتوجه إلى المباني والشقق ذات العمر المتوسط، والعمل على تجديد تلك العقارات والسكن فيها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار تلك الوحدات لتصيبها هي الأخرى عدوى التضخم، والوصول إلى نتيجة تضخم قياسي.