كشف تقرير حديث عن قطاع العقار في الخليج، أن القطاع العقاري خلال الأعوام التي سبقت الأزمة المالية في عام 2008 شهد طفرة عمرانية وانفتاحا من قبل القطاع العام والقطاع الخاص على المشاريع الإنشائية والعقارية، وذلك نتيجة الطلب المتزايد وتوفر السيولة وسهولة الائتمان في السوق المحلية والأسواق العالمية. كما ساهمت الطفرة العمرانية في جذب أنظار واهتمام المساهمين المحليين والأجانب للتوجه نحو الاستثمار في القطاع العقاري وبالتالي انفتحت شهية البنوك على توجيه الإقراض نحو القطاع العقاري من خلال تمويل المشاريع العقارية وتأسيس شركات عقارية لسد حاجات السوق. قالت إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول في تقرير يلقي الضوء على مستقبل القطاع العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي، إنه انطلاقا من المخاطر والصعوبات التي واجهها القطاع خلال الأعوام الماضية. كما يتناول التقرير حجم المشاريع العقارية والإنشائية في الدول الخليجية، بالإضافة إلى الدور الذي قامت به بعض الجهات الرسمية الحكومية الخليجية من أجل تطوير وتحفيز نمو القطاع العقاري، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي وزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنى التحتية. وفي نهاية عام 2008، بلغت حصة الإمارات نحو 48 % أو ما يعادل 1.2 تريليون دولار أمريكي من إجمالي المشاريع قيد التطوير والمخطط لها في دول مجلس التعاون الخليجي التي بلغت قيمتها الإجمالية في حينها نحو 2.2 تريليون دولار أمريكي. أما السعودية وهي أكبر دولة خليجية من حيث المساحة وحجم الاقتصاد والتعداد السكاني، فقد جاءت في المركز الثاني بحصة بلغت 25 % أو ما يساوي 598 مليار دولار أمريكي، تلتها الكويت بحصة تصل إلى 12 % أو ما يعادل 296 مليار دولار أمريكي. في حين توزعت باقي الحصص على كل من قطر وعمان والبحرين 9 % و 4 % و 2 % أو ما يساوي 203 مليارات دولار أمريكي و 99 مليار دولار أمريكي و 52 مليار دولار أمريكي على التوالي. حجم المشاريع من حيث القيمة بعد أزمة عام 2008، تضرر القطاع العقاري بشكل عام في دول مجلس التعاون الخليجي؛ نظرا إلى حجم الديون المتراكمة على المطورين العقاريين مع وجود قيود مشددة على الاقتراض وإعادة جدولة الديون، كما كان حجم الإنفاق الحكومي على قطاع البناء والعقارات دون المستويات اللازمة من أجل تحفيز الطلب في سوق العقار واستقرار الأسعار. ولكن إذا نظرنا إلى الخطط الحكومية لبعض الدول الخليجية من أجل دعم القطاع العقاري، بالإضافة لتوقعات الانتعاش الاقتصادي فإن الآفاق المستقبلية لهذا القطاع واعدة مدفوعة بالنمو الاقتصادي وبلوغ الأسعار إلى مستويات مقبولة. وتشير الأرقام في نهاية شهر أكتوبر إلى أن حجم المشاريع المستقبلية والمشاريع قيد التطوير في السعودية قد بلغ نحو 633 مليار دولار أمريكي لتحتل بذلك المركز الأول بحصة 35 % من إجمالي حجم المشاريع في الدول الخليجية. أما الإمارات، فقد جاءت في المركز الثاني بحصة 34 % أو ما يساوي 606 مليارات دولار أمريكي، تلتها قطر بحصة 12 % أو 214 مليار دولار أمريكي أما الكويت فقد جاءت رابعا بحصة 10 % أو ما يساوي 168 مليار دولار أمريكي. حجم المشاريع والإنشائية في نظرة على القطاع العقاري في السعودية، دخل القطاع في مرحلة جديدة من النمو والانتعاش وارتفاع الطلب على الوحدات العقارية التي تدفع الحكومة إلى زيادة الإنفاق على البنى التحتية؛ لمواكبة التطور والطفرة العمرانية، وذلك نتيجة دعم عدة مؤسسات مالية حكومية لتمويل المشاريع العقارية ومنح قروض ميسرة من خلال البنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية العقارية وصندوق التنمية الصناعية وصندوق الاستثمارات العامة. جاءت هذه التطورات الإيجابية على القطاع العقاري بعد دعم رأس مال صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي بلغ 40 مليار ريال لتسريع الحصول على القروض الإسكانية وإعفاء جميع المقترضين من صندوق التنمية العقارية للأغراض السكنية الخاصة من قسطين لمدة عامين. كما اعتمد بناء 500 ألف وحدة سكنية، إضافية في جميع مناطق المملكة وتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لتنفيذ المشروع، بالإضافة إلى دعم رأس مال صندوق التنمية العقارية ورفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكني من صندوق التنمية العقارية من 300 ألف ريال ل500 ألف ريال. العوامل المؤثرة في السوق 1. يشكل النمو السكاني «وخاصة فئة الشباب» الدافع الرئيس للطلب على القطاع السكني 2. عدم كفاية المعروض من العقارات نتيجة تزايد الطلب على العقارات والنمو الاقتصادي. 3. الدعم الحكومي المستمر للقطاع من خلال الإنفاق على البنى التحتية والمدن الاقتصادية 4. توفر السيولة في سوق الائتمان - استمرار تراجع أسعار العقارات في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. - ارتفاع حالات التعثر في سداد القروض العقارية والديون المتراكمة على القطاع. - استمرار سياسة الحذر التي تتبعها معظم البنوك الخليجية في منح القروض العقارية. - غياب خطط إنقاذ طارئة عند حدوث أي أزمة من شأنها أن تؤدي إلى انهيار السوق العقارية. - الضغوط المستمرة على القطاع العقاري نتيجة حالة عدم الاستقرار في النمو الاقتصادي وتقلبات أسواق الأسهم المحلية والعالمية. - تأجيل تنفيذ المزيد من المشاريع العقارية والإنشائية نتيجة تشدد البنوك في سياسة التمويل. - ارتفاع عدد المشاريع العقارية المؤجل تنفيذها نتيجة شح السيولة وعدم توفر التمويل. - عدم زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية. - تراجع عدد كبير من المستثمرين المحليين والأجانب عن قرارات الشراء نتيجة انعدام الاستقرار في المنطقة العربية. - كثافة العرض وقلة الطلب يؤجل تعافي القطاع العقاري في دول الخليج. عند تحليل القيمة السوقية للشركات العقارية المدرجة في أسواق الأسهم الخليجية، قمنا باستثناء القيمة السوقية لشركة ازدان العقارية المدرجة في بورصة قطر؛ نظرا إلى التأثير الجوهري على إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات بعد أن رفعت الشركة خلال عام 2009 رأس مالها التي دفعت بالقيمة السوقية لترتفع من 8.2 مليار دولار أمريكي إلى 16.7 مليار دولار أمريكي. خسرت الشركات العقارية المدرجة في أسواق الأسهم الخليجية نحو 56 مليار دولار أمريكي من قيمتها السوقية خلال الأعوام الأربعة الماضية لتصل إجمالي القيمة السوقية لتلك الشركات إلى نحو 27 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2011 مقارنة مع 83 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2007. بلغت حصة الشركات العقارية الإماراتية من الخسائر الإجمالية في القيمة السوقية نحو 83 % أو ما يعادل 33 مليار دولار أمريكي، حيث كانت السوق العقارية الإماراتية الأكثر تأثرا بتبعات الأزمة المالية منذ عام 2008. بلغت الخسارة في القيمة السوقية لقطاع الشركات العقارية في السعودية نحو 15.8 مليار دولار أمريكي خلال الفترة نفسها لتصل إجمالي القيمة السوقية للقطاع إلى 10.5 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2011، كما بلغت حصة السعودية من إجمالي الخسائر في القيمة السوقية لقطاع الشركات العقارية في الخليج خلال الأعوام الأربعة الماضية نحو 28 %. أما قطاع الشركات العقارية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية فقد خسر نحو ثمانية مليارات دولار أمريكي خلال الفترة نفسها لتصل القيمة السوقية إلى 6.4 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2011 مقارنة مع 14.7 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2007. مستقبل القطاع العقاري نظرة مستقبلية على القطاع العقاري في المدى القصير: من المتوقع أن أزمة ديون القطاع العقاري التي لم يتوفر لها حلول جذرية حتى الآن أن تستمر في الضغط وانخفاض الطلب على العقارات، كما ستتأثر الأسعار أكثر في حالة ازدياد عمليات بيع الأصول العقارية من قبل بعض الشركات بأسعار متدنية نتيجة حاجتها الملحة للسيولة النقدية لسداد التزاماتها المالية تفاديا لأي منازعات قضائية قد تضر بسمعة تلك الشركات. كما أن شح مصادر التمويل والاحتفاظ بالسيولة بالإضافة إلى انخفاض الطلب على العقارات هي العوامل الأساسية التي تؤثر في نمو القطاع العقاري في الخليج. كما أن عدم التوازن في العرض والطلب على العقارات التجارية والسكنية يشكل العامل الأساسي الضاغط على قطاع العقار في بعض الدول الخليجية باستثناء السعودية، حيث يمر قطاع العقار بمرحلة من الانتعاش مدفوعا بدعم الحكومة وتوفر السيولة وازدياد الطلب على العقارات .