تعتبر السوق العقارية في مقدمة القطاعات التي تدخل في عمق الدورات الاقتصادية، سواء كانت في مرحلة النمو والانتعاش أو مرحلة التراجع والتباطؤ والكساد، فهي من أكبر القطاعات المؤثرة في الدورات الاقتصادية، ولذلك على الأطراف الفاعلة في القطاع الوقوف طويلاً عند كل مستوى للانتعاش والنمو وتحديد طبيعته مقارنة بكافة مؤشرات النمو التي يعكسها اقتصاد الدول. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى «ضرورة أن ينتهج المطورون العقاريون آليات عمل تتجاوز التشييد والبيع من دون النظر إلى حجم السوق والطلب الحقيقي والأسعار الحقيقية الواجب الاعتماد عليها خلال المراحل، فيما فرضت تداعيات الأزمة إعادة التفكير في الاستثمار العقاري بحيث ينتج قيمة مضافة للمطور والاقتصاد بعيداً من عقد صفقات البيع والشراء على المشاريع التي لم يبدأ العمل بها». ولفت التقرير إلى أن «السوق العقارية ما زالت تعاني من مشكلات عميقة لم تستطيع تجاوزها بين عامي 2009 و2011، فالمطورين العقاريين ما زالوا يحملون الثقافة ذاتها التي تتركز على بناء المدن والأبراج والمباني من دون النظر إلى الهدف الأساس منها وسُبل إدارتها وطبيعة الإيرادات المتوقعة، ولكن بوتيرة أقل من السابق نظراً إلى سيطرة الطلب الانتقائي على قرارات المستخدمين النهائيين الآن». وأضاف: «تتركز مؤشرات الانتعاش والطلب على القطاع السكني والضيافة في ظل توقعات بتسارع التعافي خلال الفترة المقبلة، وبالتالي هناك فرص متنوعة للاستثمار يجب الاستعداد لها جيداً من خلال تعزيز القدرة على إدارة الأخطار وتطوير القدرات التجارية». وبات واضحاً، وفق خبراء، أن العامل الأبرز تمثل في الارتفاع الحاد والمتواصل على الممتلكات العقارية وأسعار العقارات والأراضي، بعدما شهدت أسواق المنطقة عدداً كبيراً من المشاريع العقارية الضخمة ذات غايات متعددة رافقها مستوى عال من السيولة وانفتاح شبه كامل لقنوات التمويل، في حين أن الأسعار تعتبر العامل المشترك الأساس في كل الظروف، فأسعار الأراضي ترتفع منذ منتصف عام 2012 ويتوقع استمرار ذلك هذه السنة إذا ما بقيت أو تصاعدت وتيرة النشاط في السوق. العقارات في المنطقة وبيّن التقرير أن «السوق العقارية السعودية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً متواصلاً في الأسعار، مضيفاً أن «مراقبين ومتخصصين يرون أن انحسار قنوات التمويل ساهم في الارتفاعات المسجلة التي تتفاوت بين الأراضي في المدن الرئيسة والأراضي خارجها». وشدد على ضرورة «استعداد الأطراف المعنية مبكراً للدورة الاقتصادية المقبلة والتصرف بناء عليها، والانتباه إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي سينعكس سلباً على أكثر القطاعات طلباً خلال هذه الفترة وهو القطاع السكني، فالطلب لا يتركز على العقارات الفاخرة أو المناطق الراقية، فالنسبة الأكبر تسعى إلى بناء مسكن مناسب في حين سيحد الارتفاع المتواصل على أسعار الأراضي من قدرة الأفراد على امتلاكها». أما في قطر، فأشار التقرير إلى أن «أسعار الأراضي التجارية تشهد ارتفاعات متواصلة نتيجة نمو الطلب، خصوصاً في المواقع الرئيسة في الدوحة، إذ بلغت هذه الارتفاعات نحو 40 في المئة في بعض المواقع، وذلك نتيجة ارتفاع وتيرة النشاط العمراني وتوفر فرص استثمارية متنوعة، في حين يلعب تجار العقار أدواراً مختلفة في هذا الإطار يتمثل معظمها في رفع الأسعار لاستغلال الانتعاش الحاصل على الطلب». وبيّن أن «أسعار الوحدات السكنية والأراضي في مصر ارتفعت بين 15 و25 في المئة بالتزامن مع أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار وتراجع قيم الجنيه المصري، إذ أن القطاع العقاري يُعتبر البديل الأول للمستثمرين لحماية الأصول والبحث عن الملاذات الآمنة، كما أن معظم مواد البناء مستوردة بالدولار، في حين أن تقرير وزارة الإسكان أفاد بوجود نحو 5.7 مليون وحدة سكنية شاغرة في مقابل طلب يقدر بنصف مليون». سياسات حكومية ولاحظ التقرير أن «التوجهات الحكومية لدى دول المنطقة تدعم أوجه النشاط العقاري والاستثماري وبقيت على تواصل مع الحراك في القطاعات الإنتاجية من خلال مزيد من المشاريع التنموية طويلة الأجل وتطوير البنية التحتية اللازمة لإدامة الاستثمارات المحلية والأجنبية». ولفت إلى «خطورة الاستمرار في رفع أسعار الأراضي في ظل وجود طلب كبير على المواقع السكنية والتجارية والصناعية كون المنطقة متجهة نحو تطوير قطاعاتها الإنتاجية وخصوصاً القطاع الصناعي، وليس المقصود الحركة الطبيعة لعوامل العرض والطلب التي يجب أن تتحرك تبعاً لمستويات النمو المسجل، بل الممارسات الضارة بالسوق التي يقودها التجار وأصحاب المصالح الخاصة». وحذر من «العودة إلى الوراء وعدم الاستفادة من دروس الماضي في ما يتعلق بإيجاد سقوف سعرية غير حقيقية على أسعار الأراضي السكنية والتجارية والصناعية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والمساحات التجارية، إذ أن الانتعاش الذي بدأت معالمه تظهر في معظم أسواق المنطقة يتطلب المزيد من الشفافية على عوامل العرض والطلب كما يتطلب المزيد من المتابعة من قبل الهيئات الرسمية من خلال إعطاء المزيد من البيانات تتيح للأطراف معرفة الأسعار الحقيقية، بما يساهم في الحد من سيطرة التجارة وقوى الاحتكار وأصحاب الإشاعات والمصالح الخاصة الذين يضرون بالسوق وقوتها وجاذبيتها لأهداف خاصة».