أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد)، في بيان أصدره أمس السبت، قبول حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة بمبادرة المنظمات الراعية للحوار الوطني بما في ذلك استقالة الحكومة، وذلك بعد أكثر من شهرين من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي على ايدي «متشددين». وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريح إلى «الحياة» أنّ حركة «النهضة» التي تقود حكومة علي العريض «قبلت رسمياً بمبادرة المنظمات الراعية للحوار الوطني وأعلنت استعدادها للدخول في الحوار من أجل تنفيذ بنودها». وتلقى الاتحاد العام للشغل رسالة من «النهضة» مفادها أنها قبلت «خريطة الطريق» التي طرحتها المنظمات الراعية للحوار، معبّرة عن استعدادها للدخول الفوري في الحوار الوطني. وأضاف سامي الطاهري أن مسؤولي اتحاد الشغل والمنظمات الراعية للحوار الوطني «انطلقوا في المشاورات والاتصال بالأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الوطنية لتعيين تاريخ انطلاق الجولة الجديدة للحوار الوطني»، مشيراً إلى أنّ الحكومة الحالية ستتعهد بالاستقالة اثر التوافق على الحكومة المقبلة. وتتضمن خريطة الطريق المقترحة من قبل اتحاد الشغل ومنظمات رجال الأعمال والمحامين وحقوق الإنسان «القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد». كما تشدد المبادرة على ضرورة التوافق على «شخصية وطنية مستقلة» لتولي رئاسة الحكومة في اجل أقصاه أسبوع من تاريخ انطلاق الحوار والانتهاء من تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة في اجل أقصاه أسبوعان. وكان اتحاد الشغل قد دخل في سلسلة من التحركات الميدانية في مختلف محافظات الجمهورية من أجل الضغط على الائتلاف الحاكم الذي يقوده الإسلاميون للقبول بخريطة الطريق المقترحة للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. ومرت تونس بركود سياسي طيلة الأسبوع نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق ينطلق بموجبه الحوار الوطني. ولفت مراقبون إلى سلسلة لقاءات عقدها السفير الأميركي في تونس جاكوب والس مع حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» والباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء تونس» المعارضة، واعتبروا أن هذه اللقاءات كانت حاسمة على ما يبدو في دفع فرقاء الساحة السياسية إلى الالتقاء على طاولة الحوار الوطني. كما اجتمع يوم الخميس الغنوشي مع حسين العباسي بحضور رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر حيث تم الاتفاق على الانطلاق في تنفيذ بنود خريطة الطريق. وفي سياق متصل، أبدى صندوق النقد الدولي، في بيان أصدره الجمعة، قلقه حيال الوضع الأمني والسياسي في تونس حيث يتأخر تطبيق خطة المساعدة التي منحتها المؤسسة المالية الدولية لهذا البلد في حزيران (يونيو) الماضي. وأضاف الصندوق في ختام مهمة استغرقت 15 يوماً في تونس أن «المخاطر على الاقتصاد التونسي ازدادت». وفي دبي (أ ف ب) استدعت الإمارات العربية المتحدة سفيرها في تونس احتجاجاً على دعوة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إلى الإفراج عن الرئيس المصري الإسلامي المعزول محمد مرسي، وفق ما نقلت وسائل الإعلام المحلية السبت. وذكرت وكالة انباء الإمارات الرسمية أن وزارة الخارجية في أبو ظبي استدعت السفير في تونس سالم القطام «للتشاور حول المستجدات الإقليمية والعلاقات بين البلدين». لكن صحيفة الخليج الإماراتية قالت من جهتها إن تصريحات المرزوقي «كانت تدخلاً فجاً وغير مدروس في شأن دولة ذات سيادة بحجم مصر، إضافة إلى أنها تشكيك في إرادة الشعب المصري، إلى جانب كونها دفاعاً مكشوفاً عن جماعة بحد ذاتها، لا حرصا على الديموقراطية»، في إشارة إلى الهجوم الذي شنه الرئيس التونسي من على منبر الأممالمتحدة على السلطات المصرية الموقتة ودعوته إلى الإفراج عن مرسي الذي عزله الجيش المصري في الثالث من تموز (يوليو) الفائت والملاحق حالياً أمام القضاء. وأضافت الصحيفة «على الساسة في تونس، وعلى رأسهم المرزوقي بكل تأكيد، الالتفات إلى ما تمور به بلادهم من تطورات وحراك جماهيري، بدل محاولة تصدير أزمتهم إلى الجيران».