استأنفت القوى السياسية الحاكمة والمعارضة في تونس المشاورات فيما بينها من أجل التوصل إلى حل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من أربعين يوماً إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي على أيدي «متشددين دينياً» وفق وزارة الداخلية. وتطالب المعارضة اليسارية والليبرالية باستقالة الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تشرف على ما تبقى من المسار الانتقالي في البلاد إلى الانتخابات المقبلة. وعلى رغم أن الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) الذي يشرف على المشاورات كان قد أعلن منذ أسبوع عن فشل المشاورات في التوصل إلى حل، إلا أن المشاورات عادت بقوة هذا الأسبوع بعد تدخل رئاسة الجمهورية وأطراف أخرى خارجية. وفي الوقت الذي تراجعت المشاورات بين «الترويكا» والمنظمات الراعية للحوار ومكونات «جبهة الإنقاذ»، قرر رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي أخذ زمام المبادرة بعقد لقاءات مكثفة بقصر قرطاج مع أمين عام «التحالف الديموقراطي» المعارض محمد الحامدي وزعيم «الحزب الجمهوري» المعارض أحمد نجيب الشابي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي في محاولة لرأب الصدع بين الفرقاء السياسيين وتجاوز حالة الانسداد التي تشهدها المشاورات بينهم بسبب تمسّك أحزاب التحالف الحكومي بعدم حل الحكومة قبل انطلاق الحوار الوطني وتشبّث أحزاب جبهة الإنقاذ باستقالة الحكومة قبل بدء الحوار. ووفق مراقبين فإن التوصل إلى حل للأزمة بات قريباً، فمن المنتظر أن تعد المنظمات الراعية للحوار (اتحاد الشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان) خريطة طريق للحوار خلال أسبوعين يتم التوافق فيها على حكومة كفاءات محايدة وجدول زمني لعمل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) وتحديد موعد الانتخابات المقبلة. إضافة إلى اقتناع الفرقاء السياسيين بضرورة تجاوز الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من شهر. وأكد زعيم «الجمهوري» أحمد نجيب الشابي في تصريح إلى «الحياة» أن «المشاورات في تقدم ملحوظ ومن المنتظر أن يجلس كل الفرقاء السياسيين إلى طاولة الحوار في الأيام المقبلة للاتفاق النهائي حول الحكومة المقبلة وملامح إنهاء الفترة الانتقالية» وفق قوله. في السياق نفس قام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بوساطة بين راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة والباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء تونس» المعارضة، يومي الثلثاء والأربعاء، حيث أكدت الرئاسة الجزائرية في بيان لها أنها تقوم «بدعم جهود إنجاح المرحلة الانتقالية في تونس والتقريب في وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين». ونوّه رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة» عامر العريض بمساعي بوتفليقة ونفى «أن يكون ذلك تدويلاً للأزمة أو رغبة من الجزائر في لعب دور ما في الحياة السياسية في تونس»، وفق قوله.