في خطوة لافتة، نجحت الجماعة الثقافية المصرية في أعقاب اعتصامها في مكتب وزير الثقافة السابق علاء عبد العزيز وانتفاضة 30 حزيران (يونيو) الماضي، في أن تفرض ممثلين عنها في لجنة الخمسين المكلفة وضع دستور جديد للبلاد، وهم: الشاعر سيد حجاب والفنان التشكيلي محمد عبلة والمخرج خالد يوسف والروائيان السيناوي مسعد أبو فجر، والنوبي حجّاج أدول. وعن مشاركته في هذه اللجنة، قال أدول ل «الحياة» إنه يشارك بوصفه مواطناً مصرياً نوبياً يسعى إلى تأكيد فكرة التعددية الثقافية للهوية المصرية الجامعة، وتجريم أنواع التمييز كافة، وبخاصة تلك المتعلقة باللون والعرق والعقيدة. وأوضح صاحب رواية «ليالي المسك العتيقة» أنه يهتم كذلك بأن يشمل الدستور مواد تكفل حرية الإبداع وترفع سقف الحريات إلى أقصاه، وأضاف: «ليس من حقّ أيّ شخص مُراقبة حرية الإبداع، والأمر لا يقف عند الأعمال الإبداعية الفنية فحسب، بل يشمل حرية الصحافة التي هي أولوية أيضاً». وشدّد أدول على قناعته بأنّ الحريات عموماً هي همّ رئيسي يحاول ترجمته عملياً في شكل مواد دستورية تكفل للمواطن المصري الحريات كافة وتجعلها حقاً أصيلاً له. وقال الفنان محمد عبلة ل «الحياة» إن على الدولة المصرية مراعاة القيم الجمالية، والثقافة حق للمواطن ووعي متجذر في وجدانه، وهي مسألة أمن قومي. وأضاف: «نحن لا نسعى للمطالبة بأكثر من حق الوطن في أن ترعى الدولة الفنون والثقافة، وتخصص لها موازنات كافية، لأنّ الثقافة هي مسألة أمن قومي. أمّا اختلافاتنا مع السلفيين وغيرهم فهي ليست في النهاية سوى اختلافات في الثقافة وزاوية الرؤية». ويرد عبلة على الأقوال التي تشير إلى أنّ لجنة الخمسين لا تضع دستوراً جديداً وإنما تعدل الدستور الإخواني بالقول: «ليس ثمّة ما يسمى الدستور الإخواني، فجماعة الإخوان صاغت دستوراً لتجعله لعموم المصريين، ولم يوفقوا إلى ذلك، ونحن هنا نقوم بالتعديل والحذف لتلك المواد التي تجعل من الدستور أفضل وأكثر رحابة بما يتناسب مع الشعب المصري». أما مسعد أبو فجر، الذي تعرض للاعتقال مدة ثلاثين شهراً أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، فيقول إن الإقرار بتعددية الهوية المصرية هو البداية الأنسب لتنشئة دولة ناجحة وترسيخها، أو على الأقل دولة أقل فشلاً من سابقاتها، لينعكس ذلك على عموم الشعب المصري وعلى أهل سيناء أيضاً». يبدو أبو فجر غير متفائل في شكل أو آخر، وله العذر في ذلك، فهو إضافة إلى كونه إبن إحدى أكثر المحافظات المصرية تهميشاً (شمال سيناء) من السلطة المركزية في القاهرة، هو أيضاً أحد أشهر المظلومين عبر تاريخ القمع القريب الذي مارسه الحزب الوطني المنحل. فأثناء فترة اعتقاله وفقاً لقانون الطوارئ، صدر لصالح أبي فجر 19 حكماً قضائياً بإخلاء السبيل، لكنها لم تُنفذ. ويضيف أبو فجر: «حتى هذه اللحظة ومن خلال مباشرة مهماتي ضمن لجنة الخمسين، أرى أن المواد التي أعيدت صياغتها هي معقولة، فقط معقولة لا أكثر، وهذه رؤيتي الشخصية، صحيح أن الأمور لم تستقر بعد، والرؤية لا تزال غير واضحة، لكننا مازلنا في حيز العمل والبحث. فالواقع المصري والإمكانات المصرية في اللحظة الراهنة لا تستطيع تحمل حلم الحصول على دولة نموذجية. وأنا لا أريد لمصر أن تمشي على النموذج الإسرائيلي حتى وأحلم بمصر أقوى وأعظم مما هي عليه الآن». حجّاج أدول