تحاول الحكومة المصرية احتواء «غضب» أهالي سيناء عبر وعود بتنفيذ مطالبهم في تنمية «أرض الفيروز» وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة في مشاريعها و إطلاق المعتقلين من أبنائها. لكن بدو سيناء يظهرون على ما يبدو تشكيكاً في إمكان تنفيذ هذه الوعود كونها تتكرر كلما انفجر الموقف في سيناء وحاولت الدولة احتواءه. وكانت مواجهات اندلعت بين قوات الأمن ومطلوبين أمنيين من البدو تسببت في عودة «المشهد السيناوي» إلى واجهة الأحداث في مصر بعدما ذهب فارون من قبضة الأجهزة الأمنية بعيداً في تحدي سلطة الدولة، إذ حملوا السلاح وراحوا يعقدون المؤتمرات الصحافية واللقاءات الحوارية متوعدين أجهزة الأمن ب «رد قاس» في حال تم استهدافهم، وهو ما استدعى توجه وزير الداخلية حبيب العادلي إلى سيناء في أول زيارة لوزير داخلية مصري إلى أرض سيناء منذ عقود وعقد لقاء مع مجموعة من مشايخ القبائل وعد خلاله وزير الداخلية بإطلاق المعتقلين من أبناء سيناء على دفعات، وهو ما يجري تنفيذه حالياً. إذ أطلقت الأجهزة الأمنية 65 معتقلاً حتى الآن من بينهم الروائي مسعد أبو فجر الذي طالما طالبت منظمات حقوق الإنسان بالإفراج عنه. ومنذ اعتقاله في عام 2007 صدر نحو 20 حكماً قضائياً بإطلاقه. وقال أبو فجر ل «الحياة» إن إنهاء ملف المعتقلين يمثّل «بلون اختبار» للحكومة فإذا أنجز هذا الملف «تكون الحكومة صادقة في توجهها الجديد مع بدو سيناء»، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية أفرجت عن عشرات من ضمن مئات المعتقلين، مطالباً بسرعة الإفراج عن بقية المعتقلين «إذا لم تكن الإفراجات الحالية محاولة (فقط) لتهدئة البدو». وأكد أن بدو سيناء سينتظرون إطلاق بقية المعتقلين «لكن صبرنا لن يطول». ويسيطر الشعور ب «الغبن» على غالبية أهالي سيناء بسبب أربع مشاكل يطالبون بحلها أولها الاعتقالات الأمنية لمئات من أهالي سيناء، وثانيها عدم السماح لهم بتملّك الأراضي والمنازل، وثالثها ما يرونه «معاملة تمييزية ضدهم من سلطات الدولة»، وأخيراً إهمال التنمية في سيناء عدا إقامة المنتجعات السياحية. وكانت الاشتباكات بين بدو سيناء وقوات الأمن تكررت في العامين الماضيين، وقبل نحو عامين حدثت صدامات أوقعت ثلاثة قتلى من البدو ومصابين من الجانبين بعدما اقتحم البدو مقرات للشرطة وخطفوا جنوداً واستولوا على أسلحة وذخيرة، ما أدى إلى تفجر الأوضاع على الحدود على نحو غير مسبوق. وأعلن وزير البترول سامح فهمي أخيراً أنه سيتم فوراً إنشاء أول شركة في سيناء لتقديم الخدمات البترولية للمشاريع والأنشطة البترولية المختلفة الموجودة في سيناء تحت اسم شركة «سيناء للخدمات البترولية» على أن يكون 50 في المئة من العاملين بها من أبناء سيناء. وقال فهمي إن رئيس الشركة ورئيس شؤون العاملين بها سيكونان من أبناء سيناء، موضحاً أن «الرؤية الاستراتيجية المتكاملة لقطاع البترول لتنمية سيناء بترولياً وغازياً وتعدينياً يأتي في إطار المصالح الوطنية العليا». وأكد دعم الرئيس حسني مبارك المباشر والمستمر لقضية تنمية سيناء. وعُقد قبل يومين في سيناء مؤتمر للاستثمار في محافظات سيناء ومدن القناة بهدف تأمين وحشد استثمارات في المنطقة لتشغيل أبناء سيناء. وحضر المؤتمر عدد من الوزراء والقيادات التنفيذية لمحافظات سيناء والقناة. كما أعلن رئيس المجلس القومي للشباب محمد صفي الدين خربوش افتتاح مدينة شبابية جديدة في مدينة العريش خلال احتفالات تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. غير أن هذا التوجه الحكومي يُقابل بتشكيك من البدو وفي الوقت نفسه تمنيات بتنفيذ هذه الوعود. وقال مسعد أبو فجر إن «البدو يتمنون تنفيذ هذه الوعود وإن كنا تعودنا على الحجج والوعود من دون تنفيذ (...) أتمنى على الحكومة أن تكون صادقة هذه المرة وأتمنى من الأجهزة العاقلة في الدولة أن تضغط في اتجاه جعل هذا التوجه أمراً واقعاً». وأضاف: «ليس لدينا شهوة التصادم مع الحكومة، وسنستخدم تكتيكاً لتحقيق مكاسب يقوم على أساس التفاوض لتحقيق المطلب الحالي وهو إطلاق المعتقلين قبل الانتقال إلى المطالب الأخرى وفي مقدمها المطالب المعيشية»، وأكد أن البدو «سيستمرون في المقاومة السلمية بعيداً من العنف». من جانبه، قال عضو المجلس المحلي بمدينة الشيخ زويد أحد أعيان قبائل سيناء عبدالمنعم الرفاعي ل «الحياة» إن سيناء مقبلة على مزيد من التدهور إن استمرت هذه الأوضاع على ما هي عليه. وأشار إلى أن أهالي سيناء «لا يمتلكون منازلهم، فالدولة ترفض تمليكنا منازلنا على رغم أن التمليك فيه حل لكل مشاكلنا، فإذا حدث تهريب أو زراعة مخدرات في قطعة أرض لا يمكن معاقبة الجاني لأن أحداً لا يمتلك قطة الأرض التي حصلت المخالفة عليها». وأضاف أن «المشكلة الكبرى هي تعامل الأمن مع أهالي سيناء، فضباط الشرطة لا يراعون عادات وتقاليد أهل سيناء». وتساءل: «لماذا لا يُحاسب ضباط الشرطة الذين تجاوزوا مع أهالي سيناء كما يحاكم الفردين في الشرطة اللذان اعتديا على (الشاب السكندري) خالد سعيد؟». واشتكى من استبعاد أهالي سيناء من الالتحاق بالكليات العسكرية وسلك القضاء والوظائف المرموقة، وقال: «البطالة تولّد الجريمة ونسمع وعوداً كثيرة عن التنمية لا تنفذ، فمثلاً في منطقة السر والقوارير هناك 150 ألف فدان صالحة للزراعة لا ينقصها إلا الماء، فلماذا التنمية معطلة؟». على صعيد آخر (رويترز)، قالت مصادر إن ست مصريات لقين حتفهن وفُقدت سابعة في غرق مركب كان في نزهة على نهر النيل جنوبالقاهرة مساء الخميس. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن قدري أبو حسين محافظ حلوان قوله أثناء زيارته موقع الحادث في منطقة طرة قرب ضاحية المعادي انه تم انتشال جثث الغارقات الست ويجري البحث عن المفقودة بينما نقلت أربع مصابات أخريات لتلقي العلاج في مستشفى المبرة في المعادي. وأوضح أبو حسين أن المركب المنكوب - الذي كان في رحلة نيلية نظمتها إحدى كنائس المعادي - كان يحمل 19 فتاة بما يفوق حمولته المقررة.