تشهد بلاد الحرمين استقبالاً مهيباً لضيوف الرحمن القادمين لأداء مناسك الحج، ويلهج لسان المؤمن بالدعاء الصادق لحكومة المملكة العربية السعودية لاهتمامها منقطع النظير بخدمة الحرمين الشريفين والعناية التي تذكر وتشكر بهما. ولكن الحاج سرعان ما تغادر قدمه ساحات الحرم القريبة ليُصدم بواقع الجشع والاستغلال المادي، لأن إيجارات الفنادق المطلة أقرب ما تكون إلى الغبن الفاحش، ومن الطرائف أني نزلت بعض الفنادق المطلة على الحرم في العشر الأواخر من رمضان في أحد الأعوام من طريق مكاتب سياحية، لأنها أقل كلفة من الحجز المباشر من الفندق، ففوجئت بأن إدارة الفندق علقت ورقة كتب عليها أن السعر الأعلى للغرفة الذي لا يجوز تجاوزه لأنه السعر الذي رخصت به الهيئة العامة للسياحة 3800 ريال، وإدارة الفندق مشكورة تؤجر الغرف ب5 آلاف ريال، فمن الذي أجاز لها هذه الزيادة؟ وليست هذه الغرفة بدعاً، لأن ساكني النزل يؤكدون هذه المعلومة ولكن لا مفر، إذ حاولت مراراً الاتصال بهيئة السياحة ولم أظفر منهم برد. هذا في ما يتعلق بالسكن، أما ما يتعلق بالمواد الغذائية فثق أن بعض البائعين يفكر في حصد مكاسب مالية باهظة على حساب المستهلك من خلال التلاعب بالأسعار في ظل عدم وجود تسعيرة ثابتة للسلع الغذائية والتموينية، ولا تتفاجأ بسعر الفاتورة لمواد غذائية لا تشك في سعرها، زيدت الضعف، لأنك أمام الحرم في موسم الحج، مع ضعف ظاهر في أداء مراقبي فرع التجارة بمكة المكرمة، على رغم الصلاحيات الممنوحة لهم التي لم تمنح لغيرهم من مراقبي البلديات، فمن صلاحياتهم فرض غرامات مالية على المتلاعبين وتسجيل المخالفات في حقهم وإنزال العقوبة بساحتهم، ولم نحس بوجودهم مع ظهور التلاعب الفاحش في أسعار المواد الأساسية. وأما يتعلق بالنقل، فسيقف عليه من أراد أن يعود إلى أدراجه سالماً، فأجرة سيارة توصلك إلى مطار جدة تزيد على 500 ريال سعودي إن كانت صغيرة، مما حدا بالحجاج في عام من الأعوام إلى الاستعانة برجال الأمن لحمايتهم من طمع سائقي الأجرة الذين أصابهم سعار استغلال الحجاج والمعتمرين وغبنهم مع عدم وجود بدائل أو حماية. ألا يستحي هؤلاء من بشاعة عملهم وهم أمام بيت الله الحرام، وحصدهم لمال فقير استدان ليؤدي فريضة الحج، إن كفار قريش الذين لم يؤمنوا بدين الإسلام دين الإنسانية وتحريم الغش والخداع تعارفوا على إكرام الزائر لبيت الله الحرام وتعظيمه وخدمته، وهل اللات إلا اسم لرجل كان يلت السويق بالسمن للحجاج فعظمته ثقيف وجمهور العرب، فإن لم يكن لدى هؤلاء الذين لا يهمهم إلا حصد الأموال قيم الإسلام فأين أخلاق العرب؟ إنها دعوة صادقة إلى حل مشكلة غلاء الأسعار الفاحش في المواسم في منطقة الحرم، لأن هذه الجريمة لا تسيء إلى أصحابها فحسب، بل تسيء إلى سمعة المملكة التي ما فتئت تخدم الحجاج والمعتمرين، لكن بعض مواطنيها يستغلونهم مع ضعف أجهزة الرقابة. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected] Nawal_Al3eed_@