آخر ما كانت موسكو ترغب في الحصول عليه، هو «فضيحة كيماوية» تحرج مواقفها المدافعة عن نظام الرئيس بشار الأسد لمدة عامين ونصف عام. قبل أن يستيقظ العالم في 21 آب (أغسطس) على الصورة المروعة لضحايا «المجزرة» ظلت موسكو على مدار عام كامل تؤكد للجانب الأميركي ولكل من يناقشها في موضوع الترسانة الكيماوية السورية بأنها «تحت السيطرة» وأن لديها ضمانات كاملة بأن السلاح الكيماوي لن يتم اللجوء إليه مهما كانت الظروف. في 24 آب من العام الماضي، كان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف واثقاً من معلوماته وهو يخاطب الصحافيين قائلاً إن حديث الأميركيين عن «الخط الأحمر» لا مبرر له لأن دمشق منحتنا ضمانات كاملة في هذا الشأن. خلال الأسابيع اللاحقة، صدرت عن موسكو إشارات واضحة بأن الترسانة الكيماوية السورية «تم تأمينها جيداً وهي تحت السيطرة الكاملة» وفي الفترة ذاتها تسربت في إسرائيل «معلومات عن تنسيق كامل بين دمشقوموسكو لضمان أمن المخزون الكيماوي وعدم استخدامه مهما كان الوضع». كانت موسكو مطمئنة تماماً إلى نجاحها في محاصرة «الملف الكيماوي» وضمان عدم وقوع تطور قد يفاجئ العالم، بعدما «اتخذت التدابير اللازمة» وسحبت ورقة «الخط الأحمر» من واشنطن. لكن التطور الذي وقع بعد عام، كان صادماً. وشعر الروس بأنهم خدعوا. يفسر ذلك الارتباك الذي ظهر على أداء الديبلوماسية الروسية في الأيام الأولى بعد هجوم الغوطة، وتدرج الموقف من إنكار كامل للواقعة، عبر الحديث في البداية عن «فبركة» و «تجميع صور مزيفة» للإيحاء بأن هجوماً قد وقع، والتركيز على تصريحات مسؤولين سوريين أنكروا أن تكون وحدات تابعة للجيش قامت بأي عمليات في هذه المنطقة، ثم الانتقال بعدما لم يعد من الممكن التغاضي عن بشاعة الهجوم، إلى اتهام المعارضة بأنها «نفذت عملية استفزازية كبرى». كانت ثمة مؤشرات تشي بأن روسيا غاضبة جداً، فحتى لو كانت المعارضة السورية نجحت في الحصول على مكونات كيماوية واستخدمتها في هجوم «استفزازي» فإن ذلك لا يلغي أن روسيا وبالاتفاق مع السلطة السورية كانت «ضامنة لتحييد الكيماوي» وهذا أمر ذكر به الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين في لقاء قصير جمعهما في سان بطرسبورغ على هامش قمة «العشرين» واتفقا خلاله على ضرورة التعاون لوضع السلاح السوري تحت السيطرة الدولية «بصرف النظر عن تطورات الموقف وعما إذا كانت واشنطن ستذهب نحو ضربة عسكرية أو ستؤجلها إلى حين» كما قال ل «الحياة» ديبلوماسي روسي في وقت لاحق. أما الغضب الروسي فقد برز في أكثر من موقع ومن خلال تصريحات لفتت الأنظار، إذ لم يبد بوتين ثقة كاملة بقدرة النظام على الالتزام بتعهداته، وبعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة على حديثه أمام أعضاء نادي «فالداي» الحواري الدولي، أطلق رئيس الديوان الرئاسي سرغي ايفانوف سهماً غير متوقع على نظام الأسد عندما أكد أن «روسيا ستغير موقفها من الملف إذا شعرت أن النظام يخادعها». وقال خبير قريب من صنع القرار إن هذه التصريحات عكست مخاوف عند موسكو من «تصرفات قد تزيد الموقف سوءاً، على رغم أن روسيا أصرت على أن تقوم دمشق بإعلان واضح لا يقبل اللبس أو التأويل بأن القيادة السورية سوف تلتزم بتعاون تام وكامل مع موسكو» وهو التصريح الذي أصدره وزير الخارجية وليد المعلم في موسكو. بهذا المعنى يقول الخبير إن مسارعة موسكو إلى إطلاق المبادرة الخاصة بالكيماوي، هدفها ليس فقط قطع الطريق على التوجه الأميركي لشن ضربة عسكرية، أو ل «إنقاذ أوباما» كما يردد البعض، بل لإنقاذ ما تبقى في يد موسكو من أوراق للضغط. إذ أن الضربة العسكرية خارج مجلس الأمن كانت ستفقد موسكو مباشرة كل مجالات المناورة داخل المجلس أو على الأرض لأن الترجيحات الروسية تشير إلى أن النظام كان سيتصدع بقوة مهما كانت محدودية الضربة. لكن الاستياء الروسي الشديد بسبب استخدام «الكيماوي» ومحاولة «لملمة» الموقف بعد ذلك، له أسباب أبعد من مسألة «الضمانات» الروسية المقدمة للغرب، إذ فتحت التطورات شهية أطراف غربية اتهمت موسكو بأنها سلحت نظام الأسد بالكيماوي، ونفت موسكو بقوة أن تكون قدمت «سلاحاً كيماوياً للنظام السوري» خلال السنوات التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، في محاولة للإيحاء بأن المكونات الكيماوية التي استخدمت في الغوطة تعود إلى عقود قديمة ولا يمكن إثبات أنها روسية المنشأ. ويمكن بالفعل بحسب معطيات حصلت عليها «الحياة» تقسيم التعاون الروسي مع سورية في مجال التسلح الكيماوي إلى مرحلتين واضحتي المعالم. وعلى رغم ندرة المعلومات حول الموضوع، لكن الجهد السوفياتي كان كبيراً في إطلاق البرنامج الكيماوي السوري، ولم تقتصر المساعدات السوفياتية على تسليم دمشق مكونات كيماوية يمكن تحويلها إلى سلاح، بل وزودت دمشق أيضاً بناقلات هذا السلاح من صواريخ أو قذائف ترمى من الطائرات أو غيرها من المعدات الحربية اللازمة لجعل الترسانة الكيماوية قابلة للاستخدام العملياتي. أما المرحلة الثانية فقد بدأت بعد انهيار الدولة العظمى مباشرة وعبر اتفاق وقعه الطرفان لتعزيز التعاون في هذا المجال. تقرير جهاز الاستخبارات الخارجية في عام 1993 نشر جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية تقريراً موسعاً نادراً بالنسبة الى المؤسسة الأمنية، حول وضع أسلحة الدمار الشامل في العالم والمخاطر الجديدة التي تواجهها روسيا على هذا الصعيد. واستند التقرير إلى معلومات استخباراتية حول وضع ترسانة الأسلحة المدمرة في كل بلد، وورد اسم سورية في صفحتين من التقرير تناولتا المخزون السوري في تلك الفترة. جاء فيه: «في عام 1992 انضمت سورية إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، ووقعت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقاً يقضي بالسماح بتفتيش منشآت يشتبه أنها تقوم بنشاط نووي، لكن سورية لا تمتلك سلاحاً نووياً، ولا برنامجاً مخصصاً لهذا الغرض، بسبب عدم توافر الشروط اللازمة لتطوير هذا النوع من الأسلحة وعلى رأسها عدم امتلاك سورية قاعدة صناعية لازمة لهذا الأمر وعدم توافر قدرات شرائية بالعملة الصعبة للمكونات المطلوبة لإطلاق البرنامج، بالإضافة إلى تشديد الرقابة الدولية عليها، أما البرنامج النووي للاستخدام السلمي فهو محدود جداً ويكاد ألا يكون مهماً». في مقابل هذه المقدمة عن السلاح النووي، تحدث التقرير عن البرنامج الكيماوي بإسهاب أوسع، وأشار إلى أن «البرنامج الكيماوي السوري أطلق في سبعينات القرن الماضي، ووضع آليات لشراء معدات وتقنيات من الدول المنتجة لإقامة قاعدة صناعية لتركيب الأسلحة الكيماوية، وهذه كانت مهمة البرنامج المركزية». وأشار التقرير إلى أن سورية «لا تعتبر مخزونها الكيماوي من أسلحة الدمار الشامل، وبحسب العقيدة العسكرية السورية فإن هذا السلاح وظيفته ردعية فقط، ويمكن استخدامه في حال واحدة فقط هي تعرض سورية لعدوان واسع النطاق من جانب إسرائيل». وبحسب التقرير فإن سورية بدأت بعد سنوات على إطلاق البرنامج في إنتاج غاز «ابريت» وهو سلاح كيماوي دفاعي كما أوضح خبير ل «الحياة» بالإضافة إلى غاز يصنع من الفوسفور المعالج وتطلق عليه تسمية «غاز الأعصاب». اللافت أن التقرير لم يتطرق لوجود غاز «السارين» في المخزون السوري، فهذا الغاز دخل إلى الترسانة الكيماوية كما أشارت مصادر، بعد مرور سنوات على ذلك وتحديداً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وليس قبل ذلك. واستبعد التقرير الاستخباراتي أن تكون سورية امتلكت في تلك الفترة أسلحة بيولوجية، واعتبر أنه «على رغم وجود تحذيرات إسرائيلية من امتلاك دمشق أسلحة بيولوجية مخصصة لتخريب المصادر المائية لكن لا معلومات تؤكد صحة هذه الفرضية». أما على صعيد حاملات الأسلحة الكيماوية فقد أشار التقرير إلى أن «سورية لا تمتلك قاعدة صناعية لتطوير الصواريخ لكن إيران قدمت منذ ثمانينات القرن الماضي مساعدات مالية وفنية كبرى لبناء مثل هذه القاعدة وظلت سورية تعتمد مع ذلك على شراء احتياجاتها، وهي اليوم (التقرير صدر عام 1993) تمتلك واحدة من أضخم ترسانات الحاملات الصاروخية في العالم الثالث». وأورد التقرير لائحة بأبرز الطرازات الصاروخية التي امتلكتها سورية في تلك الفترة وهي أنظمة قادرة على حمل رؤوس حربية كيماوية، وهي صواريخ سوفياتية «فروغ» مداها 70 كيلومتراً، و «سكود» 300 كيلومتر، و «سكاراب» 120 كيلومتراً. وأضاف أن دمشق بدأت مطلع التسعينات بتنويع مصادر الصواريخ فاتفقت مع الصين على شراء صواريخ «أم تسعة» مداها 600 كيلومتر، وخلال عامي 91 و 92 تم تزويد سورية بدفعتين من صواريخ «سكود أس» المطورة والتي يصل مداها إلى 600 كيلومتر، وهي صناعة كورية شمالية. وانتهى التقرير إلى وجود خطط تساعد فيها إيران لتطوير مدى صواريخ «سكود» على حساب «تخفيف وزن الرأس الحربي ما يعني احتمال حصولها على صواريخ متوسطة المدى تعمل بالوقود الصلب، وتم شراء بعض المكونات اللازمة لإتمام عملية التطوير». المساعدات الروسية بعد وقوع الهجوم الكيماوي في غوطة دمشق، صدرت إشارات عدة من أطراف غربية اتهمت موسكو بتزويد دمشق بأسلحة كيماوية، لكن روسيا ردت بغضب على الاتهامات واعتبرتها «ملفقة» و«سياسية». وقال نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي انطونوف إن بلاده «لم يسبق لها أن زودت سورية أسلحة من هذا النوع وأن الاتهامات «البولندية والأميركية في هذا الشأن لا أساس لها». لكن معطيات خبراء روس في مجال السلاح الكيماوي أظهرت تفاصيل مهمة، وفي حديث مع الضابط السابق في وحدات السلاح الكيماوي الروسي ليف فيودروف حول المخزون الكيماوي ومجالات استخداماته تطرق الرجل إلى ما وصفها بأنها «مشكلة وقعت في بداية التسعينات من القرن الماضي عندما اتهم مسؤول روسي اسمه كونسييفتش بأنه أرسل إلى سورية مكونات كيماوية خطرة». «الحياة» عادت إلى تلك الفترة، وتبين أن الرجل المذكور عمل حتى عام 1993 مستشاراً في الديوان الرئاسي الروسي لشؤون الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. في عهد الرئيس بوريس يلتسن. وارتبط اسمه بسورية بعدما وقّع نائب رئيس الوزراء الروسي في ذلك الوقت، فلاديمير شومييكو اتفاق تعاون مع دمشق تم بموجبه تأسيس «المركز البيئي» الذي غدا القاعدة الأساسية للبرنامج الكيماوي السوري، وعين كونسييفتش مسؤولاً عن هذا الملف. وتشير معطيات الخبير الروسي البارز فيل ميرزيانوف الى أن تلك الفترة شهدت نشاطاً كبيراً، وتم تزويد سورية بمكونات كيماوية لازمة لإنتاج سلاح كيماوي، وخصوصاً غاز السارين الذي يشكل الجزء الأعظم من الترسانة الكيماوية في سورية. وبحسب ميرزيانوف فإن سورية ليست قادرة بمفردها على صناعة غاز «السارين» الذي يحتاج إلى معالجة خاصة باستخدام «بريكورسور» أي نظائر حمضية محرمة على التداول والبيع وفق قوانين المنظمة الدولية لحظر السلاح الكيماوي، ما يعني أن تحليل آثار الغاز في حال استخدامه سوف يظهر مصدر تزويد سورية بهذه المكونات التي «لا يمكن إنتاجها محلياً». وفسر الخبير ليف فيودروف في حديثه إلى «الحياة» الغموض الذي يحيط بهذا الملف، فهو أكد أن البرامج الكيماوية السوفياتية والروسية ظلت دائماً محاطة بقدر كبير من السرية لدرجة أن الضباط العاملين في سلاح الكيماوي لم تكن لديهم تفاصيل حول مخزون بلادهم ذاتها، فما بالك بصادراتها إلى البلدان الأخرى. وأشار الخبير أنه فوجئ مع زملائه عندما أعلن الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشيف في عام 1987 عن «إنهاء البرنامج الكيماوي والشروع بتدمير المخزون» فالمعلومات عن وجود مخزون كيماوي عسكري كانت شحيحة ونادرة. وقال الخبير إنه مهما كانت الترجيحات فلا يمكن الحديث بدقة عن مكونات المخزون السوري، لكنه رجح ألا تكون الترسانة السورية تختلف كثيراً عن الترسانة العراقية التي تم تدميرها في عامي 1991 و1992، وهذا يعني نحو ألف طن من السلاح الكيماوي الجزء الأعظم منه غاز السارين وغاز «ابريت» الذي يسمى «الخردل». وأوضح الخبير أن غاز السارين خلافاً لغاز الخردل- يعد سلاحاً هجومياً، وبمجرد إطلاقه على العدو يتحول من الشكل السائل إلى غاز ينتشر في الهواء ليقضي على الحياة في محيطه، وينتهي أثره خلال يومين على الأكثر. ما يمكن القوات من اقتحام المناطق التي أطلق عليها واحتلالها. وأشار إلى أن الدول الصغيرة تكتفي بغاز السارين، لأن تصنيع مواد أخرى يحتاج لتقنيات أكثر تعقيداً وسيكون عالي التكلفة. أما غاز الخردل فهو يستخدم لأغراض دفاعية ويتم إطلاقه لبناء مناطق عازلة تمنع العدو من الاقتراب إلى مناطق تجري حمايتها، ويبقى منتشراً بعد إطلاقه على انخفاض مرتفع عن سطح الأرض لفترة طويلة نسبياً. وأشار الخبير إلى أن عمليات تدمير الترسانة الكيماوية السورية تحتاج نحو عامين في الظروف الطبيعية، وهي الفترة التي احتاجها تدمير مخزون مماثل في العراق. لكن في ظروف الحرب في سورية قد تطول العملية أكثر، إذ «لا يمكن أن نتحدث عن نقل وإتلاف مخزون كيماوي من دون ضمان مناطق آمنة» وهذا يستدعي كما ظهرت معطيات أخيراً، إرسال وحدات عسكرية إلى سورية تصل بحسب تقديرات قيادة الأركان الروسية إلى نحو 10 آلاف عسكري. ونقلت وسائل إعلام روسية عن جهات عسكرية روسية أن موسكو بحثت هذا الأمر مع الولاياتالمتحدة، خلال لقاء الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف، وأنهما اتفقا على أهمية تشكيل فريق دولي لحماية عمليات إتلاف السلاح السوري على أن يكون مكوناً من البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والدول العربية وتركيا، وتهدف هذه التركيبة التي تصر عليها روسيا إلى تجنب العمليات «الاستفزازية المحتملة من جانب المعارضة». وتمتلك روسيا كما الولاياتالمتحدة مصانع خاصة لتدمير السلاح الكيماوي ولدى كل من البلدين سبعة مراكز متخصصة في هذا الشأن. لكن الخبير أوضح أن الفارق بين التكنولوجيا الروسية والأميركية في شأن تدمير المخزون الكيماوي يقوم على أن الأميركيين يفضلون اللجوء إلى تقنيات تستند الى حرق المخزون والتخلص من آثاره في مناطق آمنة، بينما تقوم التقنية الروسية على معالجة المكونات الكيماوية وتفكيكها مخبرياً، وهي وسيلة أرخص ثمناً لكن مخاطرها أكبر. وفي كل الأحوال يرى خبراء روس أن الاعتماد على المهل المحددة لنقل وتدمير المخزون السوري سيكون صعباً في الظروف الراهنة، ما يستوجب وضع خطط لتدميرها محلياً، وهي عملية محفوفة بالمخاطر، وتستوجب حماية دولية حذرة تبدو ظروف توفيرها صعبة للغاية. هل كان بإمكان المعارضة توجيه الضربة الكيماوية؟ يجيب الخبير فيودروف على السؤال مباشرة بالإيجاب. على الأقل نظرياً كان يمكن للمعارضة أن تنتج غاز السارين وتقوم بتفجير رأس حربي باستخدام صاروخ سوفياتي أو صاروخ مركب يدوياً. ويوضح الخبير أن تجربة هجوم مترو طوكيو في عام 1995 أظهرت خطورة وصول تقنيات صناعة الغازات السامة إلى أيدي مجموعات متطرفة أو خطرة. ويرى أن قيام المقاتلين السوريين بصناعة «السارين» تحتاج لثلاثة شروط فقط هي: توافر خبراء متخصصين بالمواد الكيماوية، وتوافر أرضية مناسبة أي منطقة آمنة للعمل لشهور، وتوافر المواد الأولية اللازمة لذلك. وبحسب اعتقاده فإن الظروف متوافرة نظرياً. لكن نظرية الخبير الروسي لا تجيب عن السبب الذي قد يدفع المعارضة في حال صنعت سلاحاً كيماوياً إلى استخدامه في مناطق نفوذها، لكن الأهم من ذلك أن تقرير الخبراء الدوليين أظهر خلافاً لتجربة طوكيو أن غاز السارين لم يتم إطلاقه من عبوات زجاجية بل عبر تركيبه على رأس حربي لصاروخ تشير معطيات أنه أطلق من مناطق خاضعة لسيطرة النظام. ويبقى أن الخبير الآخر ميرزيانوف الذي يميل خلافاً لزميله إلى الاعتقاد بأن النظام مسؤول عن الهجوم، اعتبر أن التحليلات النهائية يمكن أن تظهر بالتحديد مكونات الغاز المستعمل ما يجعل القول بأنه صنع يدوياً أمراً مستحيلاً علمياً. خصوصاً إذا تبين أنه عولج بنظائر حمضية معقدة لا يمكن أن تتوافر في أيدي مقاتلين يتنقلون بظروف صعبة في منطقة تتعرض للقصف يومياً.