في الرواية الأولى للكاتبة السعودية سلام عبدالعزيز وعنوانها «العتمة»، يدوي صوت الرصاص في البداية وفي النهاية، حتى لتبدو، كما يقول الناقد عبدالله السفر، «كاشِفٌ تنويريّ لحركة ذهنيّة العتمة عندما تسود بمنطقها الجاهلي البربريّ؛ فاقِدةً العقلانيّة متصلّبةً عند قيمها البائدة، ترفض التحوّلَ والاستجابة والاندماجَ في روح العصر. لغةُ الرّصاص تنحّي مبدأَ الفهم والتّفاهم، وتعقّلَ مسألةِ وجوب تغيير المعتقدات البالية». لغةُ العنف تجاور لغة التخلف الفكري والطائفية، التي تلقي بظلالها السياسية علي كيان الوطن. الرواية تضع جسد المجتمع على طاولة التشريح لتكشف وتعري أملاً في الخروج إلى حيث اللاعتمة. وفي روايتها الثانية التي ستصدر قريباً عن دار الساقي ببيروت تأخذنا الروائية السعودية سلام عبدالعزيز إلى الغبار حيث تدحرجه رياح الربيع العربي في سماء «سيان» ليكشف الجميع من أدعياء الثقافة والحرية والدين. فعبر معاناة امرأة مثقفة تمضي أحداث الرواية من مكان إلى مكان حيث نلمس عبر تلك المعاناة وجع المجتمعات، التي تنقلت بينها هرباً من العقاب الذي يترصدها لقتلها زوج متسلط ومدمن. معاناة تطاول الفرد والمجتمع في كل مظاهره لتدفعه في النهاية إلى السخط والثورة وتدفع البطلة التي ينتظرها القصاص إلى أن تتنفس بحرية وتشعر بالراحة. «المساحة الضيقة، وعقارب زمنها تعدو بها مُسرعة، كساعة كل الحالمين. انكفأت تهتك العتم: هذه طريق خُطت لامرأة حُرة.. وقد كُنت». هي النهاية.. أو بداية نهاية! أو نهاية بداية، لم أعد أعي ما قد تكون، لكني أشعر أن الأوان أزف. احتدام الممرات اتسع، ودحرجة الغبار علاها الصفاء، والندوب التي وشمت قلبي بالفقد والخذلان ضمادها لحظة كهذه. ما أقصى ما سيحدث؟». وهنا تجيب البطلة التي عانت كثيراً في هربها من مكان إلى مكان حتى يقبض عليها وتدرك أن الموت هو النهاية: «أموت؟ وما ضير الموت، وقد فعلت كل ما بوسعي أن أبقى، ودافعت عن الحياة حتى آخر رمق. قدمت حياتي برهاناً لما آمنت به. كنت حُرة، عشت بكرامة. ظُلمت وما ظَلمت، ولم أقل يومًا خلاف ما في قلبي، وتقربت من الله قدر ما ملكت». سلام عبدالعزيز كاتبه عملت لفترات طويلة في الإعلام لتتحول في صمت إلى عالم الرواية، حيث طبعت روايتها الأولى التي صدرت عن دار الساقي أيضاً أكثر من طبعة، وكتب عنا بعض النقاد من الداخل والخارج.