في الوقت الذي احتشد فيه 15 وزيراً للصحة وتسع منظمات صحية على مستوى العالم لحضور المؤتمر الدولي الثاني لطب الحشود المنعقد في الرياض والذي تختتم فعالياته اليوم، غابت جهات حكومية معنية بقضايا المؤتمر عن الحضور ممثلة في وزارة الشؤون البلدية والقروية المعنية بالصحة البيئية المكملة لصحة الأفراد، ووزارة الحج باعتبارها المعني الأول بسلامة الحجاج ونظيرتها وزارة الداخلية وما يتبعها من إدارة الدفاع المدني في حال تسرب غاز أو حدوث سيول أو حرائق خلال التجمع البشري. وأكد اختصاصي طب الطوارئ والأمن القومي الدكتور إبراهيم المغيب ل«الحياة» أن ما يلفت الانتباه في المؤتمر الثاني لطب الحشود التركيز على الطب الوقائي من دون التطرق والمساس بما قد يجابه الفريق الطبي أثناء الحج، ولعل أبرزها ما تشهده منى خلال أيام التشريق من حدوث سيول كما هو الحال في الأعوام الماضية، إضافة إلى ما يحدث من كوارث مفاجئة، لاسيما تسرب لبعض الكيماويات مثل الغاز وحدوث الحرائق والتسمم الغذائي والأعمال الإرهابية التي قد تحدث التي لم يتطرق لها المؤتمر على أهميتها. وأوضح المغيب أن المؤتمر ركز على الأوبئة والفايروسات التي قد تستورد من الحجاج القادمين من دول تنتشر بها الأوبئة، أو عن طريق المواشي المستخدمة للأضاحي، مشيراً إلى أن طب الطوارئ لا يختص بالأمراض الوبائية بل يتخطى إلى حدوث كوارث مفاجئة. وأشار إلى أن السعودية في حاجة لأن يكون الاهتمام فيها شمولياً لما يقتضيه تاريخها الذي يحتم عليها الاستفادة من تجاربها السابقة، وبمشاركة جهات عدة تتصدرها وزارة الداخلية لما للدفاع المدني من أهمية في مواجهة مخاطر السيول والحرائق وغيرها، والتي كان من المتوقع أن تشارك بورقة عمل، إضافة إلى وزارة الحج ووزارة الشؤون البلدية والقروية المتخصصة في النظافة ورش المواقع وسلامة الأغذية. وبحث مؤتمر طب الحشود الذي افتتح في الرياض في جلسات أمس، الإجراءات الوقائية والاشتراطات الصحية التي تهدد التجمعات البشرية وتسهل انتقال العدوى بينها. وأوضح مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور علاء العلوان أن الخبرة المتراكمة للمملكة على مدى الأعوام الماضية في المحافظة على صحة الحجاج والمعتمرين أفرزت خبرة تستفيد منها دول العالم في مجال طب الحشود. وأشار إلى أن المملكة أصبحت مصدراً للتدريب وتعزيز القدرات في بلدان العالي باعتبارها إحدى المراكز المهمة لبرامج التدريب العالمية والإقليمية، لافتاً إلى أن العالم بحاجة لمقاييس ومعايير للوقاية من الأمراض وبخاصة انتشار الأمراض المعدية والمستجدة أثناء التجمعات الحاشدة، ولا يمكن الاتفاق عليها من دون الرجوع للخبرات المتراكمة للمملكة. من جهتها، قالت الوزيرة المفوضة ومديرة إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية بجامعة الدول العربية الدكتورة ليلى نجم إن المؤتمر العالمي الثاني لطب الحشود في مدينة الرياض يعد تجمعاً مميزاً، إذ إن المملكة تملك تجربة فريدة من نوعها في مجال التجمعات البشرية، مشيرة إلى أن موضوع المؤتمر جاء ليولد أفكاراً جديدة لدراسات مستقبلية في علوم عدة. وتابعت: «باستعراض موقف الحجاج أو المعتمرين في المواقع التي يتكدسوا فيها لأداء النسك المعين في ذلك المكان تم تحديد عناصر سيعتمد عليها الباحثون لدرسها خلال الأعوام المقبلة، خصوصاً أن الحشود تجتمع كل عام للأسباب نفسها وفي المواقع ذاتها، إلا أن العوامل الأخرى تتغير». وذكرت أن الإجراءات المعتمدة في المملكة ممثلة في وزارة الصحة ضد فايروس «كورونا» فاعلة وسليمة، وأسهمت في احتواء انتشار المرض. بدوره أكد الأمين العام لمجلس الخدمات الصحية الدكتور يعقوب المزروع أن المملكة تعتبر رائدة في مجال طب الحشود البشرية، إذ حازت مكانة عالمية من خلال تجربتها المميزة وخبراتها المتراكمة في الحج والعمرة . وقال إن سعي وزارة الصحة لتكريس طب الحشود في خريطة التخصصات الطبية نتج منه اعتماد برنامج لطب الحشود لأول مرة ليكون برنامجاً عالمياً، إذ اعتمدت هيئة التخصصات الصحية البرنامج الجديد، وتخرجت أول دفعة منه كون المملكة تتفرد بإدارة الحشود على مستوى حج كل عام، مشيراً إلى أن وزارة الصحة أكملت ريادتها في مجال طب الحشود عبر عقد دورات متخصصة في كل عام للمشاركين في موسم الحج من ممارسين صحيين وغيرهم لإكسابهم المزيد من المهارات وإدخال تقنيات حديثة ومتطورة في مجالات العناية المركزة، وأمراض وجراحة القلب والجهاز الهضمي والطب الوقائي وغيرها. وأضاف: «من المعروف أن أكثر الأمراض التي تنتشر بين التجمعات البشرية الكبيرة تعتبر جديدة وحديثة الظهور، إضافة إلى صعوبة الكشف عنها وإمكان علاجها، لاسيما أن أغلب الأوبئة لديها مقاومة للمضادات واللقاحات المتوافرة على المستوى الدولي، ما يصعب الحد من انتشارها، مشيراً إلى أن تجربة المملكة شهدت في فترة سابقة نقل تجربة إدارة طب الحشود السعودية لمنظمي أولمبياد لندن الذي أقيم قبل عامين، ما يؤكد ريادة المملكة عالمياً لهذا القطاع المهم». وأشار إلى أن المملكة بحكم خبرتها تقدمت بمبادرة عن طب الحشود، وشاركت فيه المنظمات الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية، ما يؤكد امتلاكها زمام المبادرة على المستوى العالمي والإقليمي.