اعتمدت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية بجنيف مبادرة المملكة بإقامة برنامج يعنى بالتجمعات البشرية وطب الحشود للاهتمام بالأمن الصحي العالمي. ولقد دعمت المنظمة هذا القرار بعد أن أوضحت بأن للتجمعات البشرية آثار كبيرة على الصحة العمومية تتجاوز حقل الصحة العامة المحدودة والمتعارف عليها، حيث إن هناك أحداثاً قد تقع أثناء التعامل مع التجمعات البشرية، وقد يتطلب كشفها والتعامل معها بسرعة مهنية عالية وإدارتها بفاعلية إلى مجال محدد. وأضافت المنظمة بأن التجمعات البشرية تشكل مخاطر على الأمن الصحي، إذ قد تهدد مباشرة صحة السكان وتزيد من مستويات القلق الاجتماعي وتسبب اضطرابات اقتصادية على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي. وقالت المنظمة إن الموافقة على هذه المبادرة سيساهم في تطوير هذا العلم وستمتد آثاره لتشمل فوائد التخطيط المشترك وتعزيز قدرات البنية التحتية الصحية للبلد المضيف واتخاذ التدابير الاستباقية والوقائية لمواجهة انتشار الأمراض الوبائية على الصعيد الدولي ويساهم في إيجاد الفرص المتاحة لإذكاء وعي الجمهور وإثارة إهتمامه في هذه المناسبات فيما يخص نقل المعلومات. وبهذه المناسبة أوضح معالي وزير الصحة د.عبدالله الربيعة رئيس وفد المملكة العربية السعودية لاجتماعات منظمة الصحة العالمية في جنيف أن اعتماد منظمة الصحة العالمية لمبادرة المملكة حول طب الحشود والتجمعات البشرية هو فخر لجميع دول مجلس التعاون وبلدان إقليم شرق المتوسط والعالم العربي والإسلامي؛ حيث أضحت جهود المملكة في متابعة الحالة الصحية للحجاج والمعتمرين الذين يجتمعون من كل بقاع العالم في وقت محدد نموذجاً يحتذى به من قبل المهنيين والمختصين في الأمن الصحي من كل أنحاء العالم. وأضاف وزير الصحة د. الربيعة بأننا سنعمل على أن تكون المملكة مرجعاً رائداً في مجال طب الحشود والتجمعات البشرية وسنحقق هذه الرؤية من خلال ثلاثة محاور رئيسة، تتعلق الأولى بوضع معايير وسياسات صحية دولية للتعامل مع التجمعات والحشود تكون مثالاً يحتذى به عالمياً، بينما يركز المحور الثاني على إقامة برنامج تعليمي تدريبي للأطباء المتخصصين والمهتمين بهذا المجال، أما المحور الثالث فيركز على إنشاء مركز متخصص في التعامل مع طب الحشود يكون مقره في المملكة العربية السعودية حيث سيركز في رسالته على إجراء البحوث العلمية والدراسات، وسنستفيد من الخبرات المتراكمة لدينا عبر السنوات في التعامل مع الحشود من خلال موسمي الحج والعمرة. وفي هذا السياق أشار التقرير الذي وزعته المنظمة أمس أثناء إقرار مبادرة المملكة العربية السعودية إلى أن الدراسات المتوفرة عن كيفية التأهب لإدارة مخاطر الصحة العمومية في مثل هذه التجمعات قليلة والمواد المتاحة لأغراض التخطيط محدودة. غير أن نقل الخبرات بين المنظمين ومضيفي التجمعات البشرية في جميع أنحاء العالم آخذ في الازدياد. وتطرق التقرير إلى تجربة المملكة الطويلة في التعامل مع الحشود، وذكرت خبرة المملكة في استضافة مؤتمر طب الحشود والتجمعات البشرية الذي عقد عام 2010م في مدينة جدة، حيث كان خطوة مهمة أفضت إلى إعلان جدة لصحة التجمعات البشرية. وكان وفد المملكة العربية السعودية قد قدم شكره وتقديره باسم المملكة وكل بلدان إقليم شرق المتوسط الذين أيدوا مبادرة المملكة إلى منظمة الصحة العالمية على دعم المبادرة، وعلى إعداد التقرير الفني بعنوان «التجمعات البشرية العالمية: الآثار والفرص بالنسبة للأمن الصحي العالمي». وأوضح وفد المملكة بأنة نظراً لتواصل حدوث التجمعات والحشود البشرية كل عام فإن المملكة تؤمن بأهمية الحاجة الماسة لتأسيس مركز متخصص يقوم بتعزيز الأنشطة المتعلقة بالتأهب والاستجابة، ولعل المركز المتخصص في طب الحشود الذي تعمل المملكة العربية السعودية على تأسيسه يشكل نموذجاً مناسباً لهذا المركز المطلوب، حيث إنه يهتم بالتجمعات والحشود البشرية ويعمل على تنسيق الإجراءات الصحية الدولية والتدخلات الملائمة، ويقدم آخر الخبرات حول مختلف أنماط التجمعات البشرية لضمان التنسيق الجماعي، وتقديم الخدمات الصحية بما في ذلك ترصد الأمراض ومكافحة العدوى واتخاذ التدابير في حالات الطوارئ والتخطيط للوقاية من الكوارث وحفظ الصحة والقضايا الصحية والبيئية. وطالب الوفد باعتماد توصيات إعلان مؤتمر جدة حول صحة التجمعات البشرية باعتباره خطوة جادة في طريق بناء مركز التميز لطب الحشود المشار إليه، وليكون أحد المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية في المملكة العربية السعودية. وكان مدير إقليم شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية الدكتور علاء علوان قد أشاد بالخبرات المتراكمة والجهود العلمية المدروسة التي اكتسبتها المملكة العربية السعودية في مجال التعامل مع ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين وبشكل سنوي أهلها لأن تكون سباقة ورائدة في مجال علم طب الحشود، ومكنها من أن تكون مرجعاً مهنياً وعالمياً في هذا المجال. وأشاد مدير عام المنظمة لشرق المتوسط بالجهود والخطوات التي يقوم بها العاملون في وزارة الصحة في مجال مكافحة الأمراض غير السارية والسارية على حدا سواء.