«الخروج من أور» (دار الغاوون) قصيدة طويلة من أربعة فصول متماثلة في الحجم والإيقاع للشاعر العراقي صلاح حسن. وفيها ينطلق من حادثة الطرد من الجنة، ثم يستدرجها إلى مسار آخر يجري توظيفه في إعادة استشراف أبعادها وإيحاءاتها وتحولاتها في الذاكرة. ينحو هذا المنحى على قاعدة خلط الأوراق التي تتكون منها هذه الأسطورة في سياق رؤية يتقاطع فيها الفضاء الشعري مع شخصيات وأحداث وأمكنة وأزمنة تبدو مقتبسة من حيثيات الحكاية وأجوائها وتداعياتها. ومع ذلك، سرعان ما يتحول الشاعر بنصّه عن مقتضيات الأولى. لا يعود يحتاج إليها إلا باستلهام رموزها الأساسية في ضوء تحوّل الطرد الأول بوابة مشرّعة على طرد متزايد في الحدّة والعنف وإحكام العزلة على الفرد المعاصر. الخروج من أور، وهي عينها العراق باللغة السومرية القديمة، يتماثل في الرؤية الشعرية مع الطرد من الجنة. في الحادثتين، يُنتزع الفرد من أقداره المطمئنة ويُلقى به عنوةً في كنف أقداره الغاضبة، الغامضة والمجهولة. هناك في تلك الأرض المجبولة بالخراب، يتسلق المرء الجبل ليصطدم بالكارثة. الطرد هو الهاوية الأولى التي ينزلق إليها الإنسان. وبعد ذلك، تكرّ سبحة الهاويات نحو القعر.