تدهشني كثيراً هذه الفتاة المجبولة من الشعر والضوء والحرائق.. الفتاة التي اسمها: نور البواردي، الطالعة من تربة بلادي وردةً للبوح المغاير، والمحلقة في فضاء الشعر قمراً لا يقلِّد سواه، ولا يرتدي أقنعة الأغيار أو معاطف الجثث، تلك الجثث التي تتوهم أنها تنجزُ الشعر أو تهندس القصائد.. «نور» صوتٌ شعريٌّ طازج، مغسولٌ بندى السماء، ومدعوكٌ بفضة المجرة.. صوتٌ يهبُّ علينا من الجهات المنسية محتفلاً بالتفاصيل المهملة، رافعاً جباهها الصغيرة إلى الأعالي كي تتسع وتضيء.. في ديوانها الذي يحمل عنوان «النصف المضيء من الباب الموارب»، الصادر عن دار «الغاوون»، تستدرج «نور» «الغيوم الفقيرة والغيوم البدينة والغيوم الزرقاء» إلى حقائبنا، تتحدث عن «مطر ٍ قليل التهذيب»، وتعيد تعريف «أصواتنا»، فهي على يديها تستحيل «سلال ورد عند الناصية تنشر الأغنيات»، وتشير إلى «ما يشبه غرفة كئيبة في فندق بعيد»، غرفة تخيلتها كقلبِ امرأة ٍ منذورة ٍ للترْكِ والعزلة.... تأسرني نور البواردي، هذه الوردة المضيئة التي تحسن إعادة صياغة العالم بلغة ٍ ذات صلة ٍ بالبراءات العميقة الأولى..