لم تستحوذ الانتخابات النيابية المحلية التي نُظمت في ولاية بافاريا الألمانية أمس، يختار خلالها 9.5 مليون مقترع 180 نائباً، باهتمام كبير من الشخصيات السياسية الألمانية أو وسائل الإعلام في البلاد وخارجها. وسبب قلة الاهتمام بهذه الانتخابات هو أن «الحزب المسيحي الاجتماعي» الحاكم فيها، يفوز في الولاية في كل دورة اقتراع منذ عام 1949. وأظهرت استطلاعات رأي أن الحزب الذي خسر أكثريته المطلقة قبل 5 سنوات، واضطر إلى التحالف مع «الحزب الليبيرالي» الصغير لتشكيل حكومة - وهذا أمر اعتبرته قيادته آنذاك نوعاً من خسارة تاريخية - مؤهل هذه المرة لاستعادة أكثريته، والحكم في شكل مطلق مجدداً. وعلى رغم أن «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» في بافاريا رشح أفضل شخصية محبوبة في صفوفه، هي كريستيان أوده رئيس بلدية العاصمة ميونيخ، لكن يُرجّح أن يستعيد «الحزب المسيحي الاجتماعي» أكثريته المطلقة، بفضل كاريزمية شخصية رئيسه هورست زيهوفر الذي، مثل أسلافه وفي مقدمهم فرانتس جوزف شتراوس، لا يتردد عند الحاجة في تحريك غرائز القومية والعنصرية للبافاريين، لتحقيق أهدافه. وهذا ما فعله أخيراً حين كرر دعوته إلى فرض رسم مالي على الأجانب الذين يسافرون في سياراتهم عبر أراضي الولاية، بذريعة المعاملة بالمثل، كما ردّد تصريحات ضد الأجانب والمسلمين في البلاد. ويعتبر البافاريون أنفسهم شعباً ألمانياً مميّزاً، وأن القوة الاقتصادية والمالية التي يتمتعون بها، تتيح لهم عند الضرورة الاستقلال عن ألمانيا الاتحادية، كما يصرون على تمييز أنفسهم خارج البلاد، برموز مختلفة عن باقي الولايات الألمانية. ويرى الألمان في البافاريين «شعباً خاصاً»، وتسخر غالباً فرق كوميدية من الأمر. على رغم ذلك، يُظهر الألمان احتراماً كبيراً للإنجازات التي حققتها بافاريا على مختلف المستويات، ما أوصلها إلى المرتبة الأولى في مجالات عدة. وسواء فاز «الحزب المسيحي الاجتماعي» بالأكثرية المطلقة في بافاريا، أو بقي يحتاج إلى دعم الليبراليين، فلن تؤثر النتيجة كثيراً في الانتخابات النيابية العامة المقررة الأحد المقبل، علماً أن الحزب البافاري يبقى داعماً أساسياً لشقيقه الأكبر «الحزب الديموقراطي المسيحي» الذي تقوده المستشارة أنغيلا مركل. وما زالت مركل تتصدر استطلاعات الرأي، بفارق ضخم عن الأحزاب الأخرى، والسؤال الوحيد الذي يشغل بال المراقبين هو هل ستتمكن من مواصلة الحكم مع الليبيراليين، أم ستُضطر إلى التحالف مع «الحزب الاشتراكي الديموقراطي».