أوضح الدكتور سعد البازعي أن جزءاً كبيراً من المشهد الثقافي في المملكة شفهي، وهي «مجموعة المعارف والمنتجات الفنية المتناقلة مشافهة من جيل إلى آخر». وقال خلال المحاضرة التي نظمها نادي الجوف الأدبي الثقافي وقدمها الإعلامي عمر الرويلي حول الموروث الشفهي في مقر النادي في سكاكا مساء الأربعاء الماضي: «إن الناس في عصر صدر الإسلام كانوا يرون المشافهة أرقى من الكتابة، لكنهم «اضطروا للتدوين عندما بدأوا في جمع القرآن الكريم، خوفاً من موت حفاظه»، مضيفاً أن الثقافات الإنسانية تتمثل في الجانبين الشفهي والمكتوب، «لكن الاختلاف كان يتجلى في مدى الاهتمام بحفظ هذا الموروث، فأوروبا كانت هي البادئة في نهاية القرن السابع عشر بعد أن بدأوا في جمع الحكايات التي يتناقلها الناس، وقاموا بنشرها، ليتطور هذا الاهتمام في القرنين التاليين ويتحول إلى تأطيره وفق أسس علمية أصبحت تدرس فيما بعد». وانتقد البازعي التأخر الكبير في الاهتمام بالموروث الشفهي في المملكة، على رغم أن جزءاً كبيراً من ثقافتها شفهي، مشيداً بجهود الدكتور سعد الصويان الذي نجح بجهود فردية وبمساعدة عدد من الباحثين في نشر موسوعة الثقافة التقليدية، التي تمثل نواة الانطلاق. وأبدى البازعي إعجابه بالدور الذي أصبحت تلعبه المهرجانات الشعبية، وعلى رأسها مهرجان الجنادرية في حفظ موروثنا الشعبي، مطالباً بإنشاء مركز علمي يهتم بالجانب المعرفي للأدوات والرقصات والألعاب الشعبية. وأوضح أن مجرد الحديث عن الثقافة الشعبية يقود إلى دائرة الاتهام بمحاولة تدمير اللغة الفصحى، «لتصبح مشغولاً بنفي هذه التهمة والتأكيد أن هذه الثقافة تمثل جانباً مهماً في ثقافة البلاد». كما أبدى البازعي إعجابه بدور التقنية في حفظ جزء من هذا الموروث بأنواعه المختلفة، من خلال الأوعية الحديثة كاليوتيوب، «رغم أنه مخزن فوضوي يحتاج فقط إلى ترتيب وتنظيم وفهرسة». وأثنى على مداخلة لعضو هيئة التدريس بجامعة الجوف الدكتورة ثريا عبداللطيف، تضمنت اقتراحاً لتسيير قوافل ثقافية تجوب مناطق المملكة لتسجيل تراث المناطق كل على حدة. وانتقد البازعي غياب دور الإعلام في إبراز الدور الكبير الذي تلعبه دارة الملك عبدالعزيز للمساهمة في حفظ الموروث، جاء ذلك رداً على مداخلة عواد المعدوه، التي قال فيها إنه عمل مدة باحثاً غير متفرغ في الدارة، قام خلالها مع مجموعة من المختصين بتسجيل الكثير من الجوانب الثقافية الشعبية، استفاد منها عدد من الدارسين للحصول على درجات علمية عالية. من جانبه، أثنى المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة الجوف مطر الزهراني على الدور الذي تلعبه مؤسسات التعليم العالي، مستشهداً بتجربة جامعة أم القرى في العمل على حفظ التراث والموروث الشعبي. وفي ختام المحاضرة كرم رئيس مجلس إدارة نادي الجوف الأدبي الثقافي الدكتور محمد بن علي الصالح الدكتور سعد البازعي بمنحه حقيبة إصدارات النادي.