أعلن رئيسا السودان عمر البشير وجنوب السودان سلفاكير ميارديت، أمس الثلثاء، «تجاوز الخلافات» بين الجانبين وبدء صفحة جديدة في علاقات بلديهما وفتح حدودهما المغلقة واستمرار تصدير نفط الجنوب عبر الشمال. وتعهدا عدم دعم وإيواء المتمردين المناهضين لنظامي حكمهما على جانب الحدود. وعقد البشير وسلفاكير الذي بدأ امس زيارة رسمية للخرطوم جلسة محادثات، في حضور وزراء من الجانبين، قبل جلسة مغلقة بينهما وصفها مسؤول جنوبي ل «الحياة» بأنها «اتسمت بالصراحة والشفافية وشهدت تفاهمات والتزامات قوية تؤسس لعلاقات مستقرة وتعاون وتنسيق لا محدود بينهما». وركزت المحادثات بين الرئيسين، وفق مسؤولين من الطرفين، على مناقشة قضية أبيي وتصدير نفط الجنوب عبر الشمال والحدود والمنطقة العازلة والتجارة الحدودية والترتيبات الأمنية، والتعاون الاقتصادي. وقال بيان مشترك في ختام المحادثات إن الجانبين اتفقا على فتح الحدود والمعابر لتسهيل انتقال المواطنين والتجارة والرعاة، وإنشاء المؤسسات الانتقالية في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، قبل حسم وضعها النهائي. كما اتفاق الطرفان على ترسيم الحدود المتفق عليها (80 في المئة) وإحالة الخلاف على النقاط المختلف عليها (20 في المئة) على لجنة الوساطة الأفريقية لتسويتها عبر الحوار، وتحديد نقطة الصفر على الحدود لإنشاء المنطقة العازلة المنزوعة السلاح. وجدد البشير، خلال جلسة مفتوحة مع سلفاكير، التزام علاقات حسن الجوار مع جنوب السودان واحترام سيادته كدولة جارة تمتاز بعلاقات ذات خصوصية. وأكد حرصه على «تجاوز عثرات الماضي والانفتاح على مستقبل يليق بشعبي البلدين»، موضحاً أهمية «تحديد الخط الصفري للأمن بالنسبة للحدود وتبادل المنافع من تجارة ونفط وحركة الرعاة». وقال «إن الالتزام بوقف الدعم والإيواء لحركات التمرد هو الوسيلة الأنجع في عملية بناء الثقة بين البلدين». وأكد عزم السودان على «إيجاد حل نهائي ومرض لأطراف النزاع على منطقة أبيي، بما يضمن تعايشاً سلمياً بين مكونات المجتمعات المحلية توطئة لإيجاد تسوية نهائية للمسألة، حتى لا تكون خنجراً في خاصرة علاقات البلدين مستقبلاً». وأكد البشير التزام السودان الشروع الفوري في ترسيم الحدود المتفق عليها وفقاً لاتفاقات التعاون والعمل على تسهيل إكمال فريق الخبراء الأفارقة مهماتهم في شأن النقاط الحدودية المتنازع عليها. وأضاف: «نحسب أننا الآن على أعتاب مرحلة جديدة يحدونا الأمل في أن نسلك طريقها القويم بتنفيذ كل اتفاقات التعاون بيننا بجدية ونزاهة وصبر». وفي المقابل أكد سلفاكير رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة لعلاقاتها مع الخرطوم وإغلاق الصفحة القديمة بتنفيذ كل ما اتفق عليه الطرفان في «مصفوفة التعاون» التي وقّعا عليها العام الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا. وأعلن استعداده شخصياً لاتخاذ كل الإجراءات لتأكيد حرص بلاده على عدم دعم وإيواء متمردين من السودان، وطالب الخرطوم بفتح الحدود وانسياب التجارة، وأكد استعداده لتنفيذ ذلك خلال 24 ساعة. ونفى سلفاكير دعم بلاده متمردي السودان، وطالب الخرطوم بتقديم أدلة على تورط الجنوب في دعم المتمردين، متعهداً محاسبة المتورطين في ذلك. كما اجرى سلفاكير محادثات مفصلة مع زعماء القوى السياسية المعارضة شملت رئيس الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغنى وزعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابى ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي وسكرتير الحزب الشيوعي مختار الخطيب ورئيس هيئة تحالف المعارضة فاروق ابوعيسى. وقال الترابي للصحافيين انهم ناقشوا مع سلفاكير مستقبل العلاقات بين السودان والجنوب، وتعزيز العلاقات بين شعبي الدولتين، موضحاً انه بات متفائلاً بأن العلاقات الشعبية أفضل من المرحلة التي تلت انفصال الجنوب.