أقر رئيسا السودان عمر البشير وجنوب السودان سلفاكير ميارديت، أمس، فتح صفحة جديدة في علاقات بلديهما، وتنفيذ اتفاقات التعاون بينهما، وفتح حدودهما، وبدء ترتيبات ضخ النفط الجنوبي عبر الشمال. كما وافق البشير على زيارة جوبا، عاصمة دولة الجنوب. وتعهد البشير خلال اتصال هاتفي مع سلفاكير ميارديت بتنفيذ مصفوفة اتفاقات التعاون التي وقعها البلدان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس الثلثاء، واتفقا عقب تبادل التهاني لهذه المناسبة على أن مصلحة الشعبين تقتضي توثيق العلاقة بما يخدم المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. واتفق الرئيسان على المضي بإخلاص وصدق وجدية في تطبيق «مصفوفة» تنفيذ الاتفاقات وتسوية القضايا العالقة التي يمكن أن تعطّل تعزيز التعاون بين البلدين. وقال مستشار الرئيس السوداني للشؤون الصحافية عماد سيد أحمد إن البشير قبل دعوة من سلفاكير لزيارة جوبا. ووقّع السودان وجنوب السودان أمس على مصفوفة تنفيذ اتفاقات التعاون التسعة بين حكومتي البلدين، مما يسمح ببدء تنفيذها في مجالات الأمن والاقتصاد وتصدير نفط الجنوب عبر الموانئ السودانية، إذ أن أنابيب نقل البترول تمر في أراضي الشمال. وقال كبير مفاوضي السودان إدريس عبدالقادر إن توقيع المصفوفة يأذن بتنفيذ الاتفاقات التي تشمل الترتيبات الأمنية، والتعاون الاقتصادي، وحركة تنقل المواطنين بين البلدين، والتجارة والتعاون المصرفي. وكان الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي أعلن في وقت سابق اتفاق السودان وجنوب السودان على استئناف تصدير النفط في غضون أسبوعين بعد محادثات دامت أربعة أيام في أديس أبابا، موضحاً أن الأوامر ستصدر إلى الشركات في غضون أيام لاستئناف تصدير النفط الجنوبي عبر خطوط الأنابيب السودانية التي تنقله إلى ميناء بورسودان على البحر الأحمر. وكان من المقرر توقيع مصفوفة الاتفاقات أول من أمس، لكن وفد السودان تحفظ عن إدراج ملف النزاع على منطقة أبيي وترسيم الحدود في الوثيقة باعتبار أن الطرفين لم يتوصلا إلى تسوية نهائية في شأنهما. وكان البلدان وقّعا اتفاقاً لتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية الجمعة الماضي ويتوقع الفراغ من تطبيقها في غضون أسبوعين بعد سحب قوات الدولتين من مناطق متنازع عليها على الحدود لإنشاء منطقة عازلة عمقها 20 كيلومتراً على جانبي حدودهما. وسيعقد مجلس الأمن الدولي جلسة في 27 الجاري لمناقشة اتفاقات التعاون بين الخرطوموجوبا، وسيستمع إلى تقرير في هذا الشأن من ثابو مبيكي ويدرس ما تبقى من ملفات عالقة تشمل النزاع على منطقة أبيي وترسيم الحدود خصوصاً المناطق الحدودية المختلف عليها. إلى ذلك، أكد مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع أن «دول الغرب الاستكبارية التي تدعم المحبطين من المعارضين الذين يسعون إلى إسقاط النظام بدأت تتراجع عن مواقفها بعدما يئست من إطاحة نظام الحكم في البلاد». ورأى نافع أن «المحبطين من المعارضين» مكانهم هو مكان حسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي، قادة مصر وليبيا وتونس السابقين الذين أطاحتهم ثورات «الربيع العربي». وقال إن «خلافنا مع هؤلاء أنهم يرون أن الحكم في يد آخرين فيما نرى نحن الحكم في يد الله وننتظر النصر منه». وحمل نافع في شدة على المعارضة، وقال إن «ثورات الحق في مصر وتونس وليبيا ذهبت بكل الطواغيت الذين كانوا أصدقاء للمعارضة»، ولفت إلى أن هؤلاء يريدون وراثة حكم البشير، غير أنه قال إن هؤلاء محلهم مع القذافي ومبارك وبن علي لأنهم أشباههم. وتابع أن «المحبطين والحالمين ينظرون لما وراء البحار لأن تأتيهم القوة، ولكن القوة لرب العالمين». وزاد: «نقول لهؤلاء إن المعلومات التي تستقونها من الخارج ومن اليهود ومن اللوبيات بأن النظام سوف يتغير غير صحيحة... نحن نعلم أن الذين يحرضونهم وصلوا إلى قناعة بعدم جدوى دعم المعارضة، وأنهم بدأوا في مراجعة أوراقهم ومواقفهم لأن عملهم إلى بوار». من جهة أخرى، أكد نائب رئيس القضاء السوداني عبدالرحمن شرفي أن القضاء السوداني يتمتع باستقلالية كاملة ولا يخضع لسيطرة أي جهة، وأعلن تمسك الخرطوم بتطبيق حد الحرابة، ملوّحاً بتدريب قضاة على البتر لتنفيذ الأحكام الحدية في حال رفض الأطباء تنفيذها. وكشف شرفي في لقاء مع صحف محلية عن تنفيذ 16 حد حرابة وحد السرقة في السودان منذ عام 2001، مؤكداً التمسك بتطبيق الحدود الشرعية من دون أي حرج. وانتقد رفض دوائر خارجية وأطباء لتطبيق حد الحرابة على المدانين في قضايا الحدود. وقال: «نحن نقدّس كتاب الله ولا نقدّس قسم (أبوقراط) المفروض على الأطباء»، منوّهاً إلى أن الطبيب الذي يرفض تنفيذ حكم الله سيخضع للمحاكمة. وتابع: «إذا رفض الأطباء تنفيذ العقوبات الحدية فإننا على استعداد وجاهزون لتأهيل بعض القضاة للعملية الطبية وكيفية البتر». وأكد شرفي إصداره 36 حكماً بالإعدام ضد عسكريين ومتطوعين في القوات الحكومية، على رغم أن جهات تنفيذية رأت أن هذه الأحكام تترك تأثيراً سلبياً على الروح المعنوية ل «المجاهدين». وكانت وزارة الخارجية الكندية انتقدت في بيان الأسبوع الماضي تطبيق حكم الحرابة على متهم في قضية نهب و «قطعه من خلاف»، وعدت الوزارة هذا التصرّف تصرفاً وحشياً. وغضبت الخرطوم من ذلك التصريح واستدعت القائم بالأعمال الكندي في الخرطوم وأبلغته احتجاجاً رسمياً على موقف بلاده واعتبرته تدخلاً في شأن داخلي للسودان.