تتميز ريشة الفنانة التشكيلية السورية نائلة حنا بميزات إبداعية خاصة، كونها موهبة حريصة على تحميل أعمالها مزيجاً من الهم الثوري المعاش بتفصيلاته الخاصة منها والعامة على حد سواء. نائلة ناشطة في الشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، قبل أن تكون فنانة. تقول: «لا أحبّ الفصل الأجوف المنطلق من مقولة الفن للفن، هذه مقولة تبناها مبدعو الدول المتقدمة، حين أنجزوا مشاريعهم الوطنية ومراحل التحول الديموقراطي والحضاري الكبرى... ولكن قبل حصول ذلك، على الفن أن يكون في خدمة الهم اليومي من خلال فسحاته وهوامشه». اللوحات الموجودة في دارتها الباريسية، تحاول الإفلات من قيود الرمزية، لتصبح الأعمال شفافة، تراقب وترصد وتصور شخوصاً وأحداثاً متنوعة. ويحضر فيها هاجس الأنثى الحساسة، وفي أماكن أخرى نصادف الألم والموت، والفراق ينشب مخالبه في كائنات أدماها بارود الاستبداد. تناقضات تضفي جمالية على مشروعها التشكيلي الذي يتكئ على توثيق بصري للثورة السورية. تقول حنا: «أحاول صَوغ مشاعري وإحساسي ومواقفي تجاه ثورة طالما داعبت مخيلتي، هذه المتابعة الدقيقة والحثيثة للثورة هي ما استفز مخيلتي من اليوم الأول. هو استفزاز بصري يحاول أن يتجسد عبر المساحة البيضاء، متخففاً من عجز العيش في المنفى». كانت الانطلاقة مع الثورات الناعمة أو الربيع العربي. ثلاث لوحات حاولت أن تجسد هذه التجليات: «ثورة أزهرت الياسمين في تونس، وعلى ضفاف النيل بات القارب يدنو من ميناء الربيع، وليبيا تعيش إرهاصات ثورة تخلصها من ديكتاتورية جثمت طويلاً على أحلام الناس. هذه الثورات أعطتني زخماً فنياً لست قادرة على وصفه». يستحضر حجر الأساس في مشروع حنا البصري، تجربة الفنان الاسباني فرانشيسكو دي غويا الذي عايش الحرب الأهلية في اسبانيا، «إحدى لوحات غويا التي تصور جنوداً يقدمون على قتل رجل بريء، توثيق بصري. اللوحة حين تستصرخ الضمائر لكي لا تموت القيمة والتفكير الأخلاقي». وإن كان غويا قارب نتاجه البصري 82 لوحة لتوثيق تلك الحقبة، فإن حنا ترسم بشغف لمقاربة اللحظة الوجودية المتشابهة حياتياً في كلتا الحقبتين، مع المحافظة على طابع الخصائص المتناقضة من حيث الشكل. وتعمل الفنانة دوماً على تدعيم مشروعها البصري لحفظ الذاكرة الجماعية خوفاً من الاندثار والنسيان.