ارتداء الزي المدرسي وحمل الحقيبة الممتلئة بالألوان وكراريس الرسم على الأكتاف «حلم» في مخيلة أطفال رياض الأطفال وطلاب الصف الأول الابتدائي، والنفس تواقة إلى التعرف على زملاء الدراسة والمدرسين. وبين ترقب بريء وتحفز وخوف من العالم الجديد، يستعد «البراعم الصغار» لارتياد عالم التعليم بشوق وشغف، مشاركين والديهم في تجهيز أدق التفاصيل لذلك اليوم الموعود الذي ظلوا يسمعون به من أقرانهم في الحي، أو من أفراد عائلتهم. وفي أول يوم دراسي تختلط ابتسامات البراعم البريئة والمرسومة على وجوههم والمتوزعة يمنة ويسرة لمن حولهم، مع بريق دموع التساؤلات والفضول في أعينهم، والشعور المختلط بين الفرح والخوف الذي ينتابهم. وتتبع المدارس في السعودية نمطاً محبباً في أول يوم دراسي للطلاب المستجدين، باستقبالهم بطرق مشوقة تحببهم في التمسك بالمكان، إذ تسمح للطلاب باصطحاب أولياء أمورهم في الأيام الأولى للدراسة. وفي وسط هذه الأجواء وكيفية تهيئة الطفل للتكيف معها، ينشغل تفكير الوالدين في شأن طفلهما الأول في أول سنة دراسية، إلا أن المستشارة الأسرية المشرفة على أحد المراكز الاستشارية الخاصة بشؤون الأسرة جوهرة آل عبد الله أكدت خلال حديثها مع «الحياة» أنه وبتفهم الوالدين لنفسية طفلهما سيتجاوزان الكثير من العقبات، من خلال تهيئة الطفل بتعزيز ثقته بنفسه في شكل أكبر قبل الانخراط في المدرسة ومرحلة رياض الأطفال في الإجازة الصيفية، وبمنحه حرية اختيار حقيبته وأدواته المدرسية وملابسه بإشرافهما، وزيارتهما معه لمدرسته والتعريف بها وبأركانها وبمعلمه، ومن ثم التحدث معه دوماً عن زيارتهما في ذلك اليوم، إذ تكرار العبارات ستجعل عقله الباطن يقتنع بفكرة المدرسة في شكل تلقائي. وترى أنه كلما نقصت المدة الزمنية لزيارة الوالدين إلى المدرسة بصحبة طفلهما كلما قويت ثقة الطفل بنفسه وقل خوفه، إضافة إلى الدور الكبير في اختيار المعلم المناسب في تهيئة نفسية الطفل وتقبله للمدرسة، وأهمية العناية بصحته من حيث النوم الباكر والتغذية الجيدة في تحسين مزاجه. من جهتها، شددت التربوية والمدربة في إدارة التدريب التربوي التابعة لوزارة التربية والتعليم فريال الدايل في حديثها إلى «الحياة» على ضرورة تهيئة الطفل للدخول إلى المدرسة من أفراد أسرته، من شرح جميل لأجوائها وطمأنته وحثه على التأدب والنظافة والجدية، كون المدرسة ليست دار لعب أو ملاهٍ أو متنزه. وقالت إن بعض أولياء الأمور يسهمون في شكل أو بآخر بنفور أبنائهم من جو المدرسة منذ اللقاء الأول، لاستخدامهم أسلوباً تقليدياً للتحبيب في المدرسة بقولهم «إن المدرسة عبارة عن ألعاب وانبساط»، إذ يترجم الطفل هذا التشجيع غير الصحيح إلى أن المدرسة دار لعب، وما سوى ذلك مرفوض، مضيفة: «ما أجمل أن نربط حلم الطفل عندما يكبر بشرط التزامه بتعاليم المدرسة». ولم يقف دور تهيئة الطفل عند الأسرة، إذ أكدت الدايل أن المدرسة تلعب دوراً مهماً ومكملاً لدور الأسرة، كونها أداة البناء لشخصية الطفل، وأن الطفل لبنة خضرة، فما يبصم وينقش في ذاكرته يبنى عليه باقي شخصيته.