فجأة ومن دون سابق إنذار، وجد الشاعر والصحافي السعودي محمد النفيعي نفسه ممنوعاً من الحب والكره ولا يستطيع كتابة الشعر العاطفي والإنساني كما عُرف عنه قبل، بعدما نصحه الأطباء المتابعون لحاله الصحية في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة في جدة بعدم الحب أو إبداء أي مشاعر عاطفية أخرى كالحزن المفرط والغضب والانفعال. النفيعي يعاني من هبوط في الدورة الدموية وتعطل نحو 85 في المئة من قلبه، ما أدى ذلك إلى ارتجاع في الكبد وترشح في الرئة نتيجة ضعف في عضلة القلب، إذ أكد الأطباء بحسب مصادر مقربة من النفيعي أن ما يعمل من قلبه حالياً نحو 15 في المئة فقط، وبحاجة إلى «زراعة قلب» في أسرع وقت ممكن. عراب صحافة الشعر الشعبي الذي لم يجف نبع محبرته الشعرية منذ نحو 30 عاماً، على صدور صفحات صاحبة الجلالة متنقلاً بين مطبوعات سعودية وأخرى خليجية، وقال عنه الشاعر بدر بن عبدالمحسن، بعد نشرة «مذكرات بدر بن عبدالمحسن» للمرة الأولى قبل 16 عاماً من الآن: «يحق للنفيعي ما لا يحق لغيره ما يقوله على لساني وإن لم أقله، فهو رأيي». ولم تقف حدود شاعرية محمد النفيعي على صدور صفحات الصحافة السعودية، بل تجاوزت ذلك كونه من أوائل الشعراء السعوديين المؤسسين للساحة الشعبية الإلكترونية، بإنشائهم منتديات شعرية وأدبية تهتم بالشعر الشعبي، إضافة إلى تنقله ما بين كراسي جمهوره في منازلهم، لقربه منهم أثناء مشاركاته في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» منذ نحو أربعة أعوام من الآن. ولعل مشاركات النفيعي في أمسيات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) قبل 11 عاماً كانت المحطة الأبرز في حياة الشاعر الإنسان محمد النفيعي، التي استهلها بقصيدته في والدته «منيفة» التي لم يتحرج يوماً من ذكر اسمها، إضافة إلى مقاطع شعرية لوّح في منتصفها ب«الفواتير» الموجودة في جيبه، إذ يقول: (مشكلتنا ما هي الراتب قليل لا ولا الأسعار نار/ مشكلتنا هالفواتير اللعينة ما كلتنا ما كلتنا). ولمحمد النفيعي فلسلفه شعرية خاصة لكتابة القصائد الشعرية، أو ما يمكن تسميته ب«الخلطة السرية للشاعر البارع»، والتي قال فيها: (ودك تصبح شاعر بارع/خل قافيتك هم الناس/وأوزانك نبضات الشارع). وحينما علم عدد كبير من شعراء الخليج عن تدهور صحة النفيعي تفاعلوا مع وضعه واتصلوا به، كما كتب بعضهم قصائد مدح وعبارات ثناء للنفيعي، لاسيما أنه صاحب فضل في بروز عدد من الشعراء الشعبيين من خلال عمله في الصحافة، وكذلك بمساعدة بعضهم في كتابة قصائدهم وتوجيه النقد لهم. محمد النفيعي يحتاج إلى زراعة قلب جديد يعينه على الحب وإبداء مشاعره الأخرى في حالة وجود متبرع له، أو اختصار المسافة بين مانح وزارع بالسفر إلى ألمانيا، وزراعة قلب «أوروبي» لشاعر بدوي من «جزيرة العرب».