فجع الوسط الثقافي السعودي والكويتي برحيل المثقف العجيب بزمننا سليمان الفليح، لم أرَ بحياتي مثقفاً حقيقياً يعتد به مثل «أبوسامي»، لن أسرد هنا دواوينه وأطروحاته ومسيرته كتنويري، بل كمثقف رحل وهو الذي لم يعول في الدنيا على أحد. تأملوا عاش أبٌ لعائلة كبيرة في بيت شعبي بلا هوية، عسكرياً بوطنه الكويت، كان بيته زاخماً بالصعاليك على وجبات الغداء والعشاء والنوم أيضاً، وسامي وإخوته نادلي الضيوف ومستمعين في ما بعد للفن والشعر والرأي. لم يشخصن قضيته، لم يشتم قيادة الكويت ولم يستجدِها بملكته الإبداعية، لم يهجرها ولم يستعدِ أحداً، عاش ببسطاره وخوذته وقرأ وكتب وتعلم وهو يعول أسرة، قاتل لأجل الكويت أيام الغزو لم يهرب ولم يقسُ، كتب في صحافة الكويت بجوار عباقرة الصحافة الكويتية وكتب في الرأي السياسي والثقافي وكتب في الشعر والنقد. كان رحمه الله مواطناً حقيقياً وصالحاً وقدوة في تصرفاته، لم نعرف منه الحدة والسخط على رغم ملامحه الحادة كحدة الصحراء التي سكنها بروحه وبكى فيها وأخذ من قيمها الأولى الصبر والفروسية. ارتحل ذات مساء عام 1999 إلى وطنه السعودية، فسليمان الفليح من قبيلة عنزة الممتدة بين الكويت والسعودية، جاء للسعودية بلفتة إنسانية كبيرة من الرجل الكبير سمو ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز، كان الراحل سليمان الفليح مشغولاً بمصير أبنائه لا يريد لهم بكاء الصحراء والتيه فيها، أراد لهم الجنسية والوظيفة والحياة الكريمة، ولأنه مواطن حقيقي وصالح انتظم وأبناؤه في المجتمع السعودي بسلاسة وجمال، فكتب في الشأن العام المحلي عبر زاويته «هذرولوجيا»، وابنه سامي ب«الوطن» وبسام ب«الشرق». ببساطة هذا الأديب الرمز الحاتمي العفيف يستحق تكريماً يليق به في مهرجان الجنادرية القادم، ويستحق أن يطلق اسمه على الشارع الذي تسكن أسرته فيه، ويستحق الدعاء كلما حل ذكره بيننا رحمه الله وغفر له. [email protected] abdullah1418@