أظهرت النتائج الأولية للانتخابات المحلية في الأردن التي جرت أول من أمس سيطرة مرشحي القبائل ورجال الأعمال الموالين للحكومة على غالبية مقاعد المجالس المحلية في المحافظات ال12، وسط مقاطعة المعارضة الإسلامية ومشاركة هامشية لبعض الأحزاب القومية واليسارية، التي أظهرت النتائج خسارتها. وجرت الانتخابات المحلية بعد 6 سنوات على آخر انتخابات مماثلة شهدتها البلاد، في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد، وإقليم ملتهب، لا سيما لدى سورية جارة المملكة الشمالية. ومضى اليوم الانتخابي، وسط إقبال «باهت» على صناديق الاقتراع، وسجلت خروق غير رسمية، من قبيل شراء الأصوات، وأعمال عنف رافقها استخدام أسلحة نارية، وحرق مؤسسات حكومية، إضافة إلى إغلاق مراكز اقتراع، وسرقة صناديق، على أيدي أنصار بعض المرشحين. واعتبر خبراء أن الوضع الاقتصادي الصعب، والأعباء التي فاقمها وجود قرابة نصف مليون لاجئ سوري داخل المملكة، إضافة إلى ارتفاع وتيرة الحديث عن التحرك الدولي المرتقب ضد النظام المجاور في دمشق تزامناً مع استقبال عمان كبار قادة جيوش العالم، لمناقشة تحركهم المقبل إزاء سورية، جعل الانتخابات استحقاقاً «فاتراً» للغاية. لكن رئيس الحكومة عبدالله النسور، قال في تصريحات بدت لافتة، عقب إدلائه بصوته في مسقط رأسه بمدينة السلط ذات الكثافة القبلية شمال غربي عمان «ها هو الأردن يتجه لصناديق الاقتراع وإلى العملية الديمقراطية والتصويت، وإلى التغيير عبر الصندوق، لا عبر الرصاص أو سفك الدماء» في إشارة إلى ما تشهده دول الربيع العربي. واعتبر أن إجراء الانتخابات في مرحلة إقليمية صعبة «يعد إنجازاً غير مسبوق للدولة الأردنية»، وأضاف أن المملكة «في وسط هذا الخضم الرهيب الذي يشهده الشرق الأوسط تجري الانتخابات مرتين هذا العام» في إشارة إلى الانتخابات النيابية التي جرت في كانون الثاني (يناير). وقال النسور إن 4200 مراقب محلي ودولي «أشرفوا على الانتخابات». وكان مدير الأمن العام الفريق أول ركن طلال الكوفحي، أعلن أنه تم نشر 50 ألف رجل أمن ودركي في عموم محافظات المملكة، لحماية مراكز الاقتراع والعملية الانتخابية «من أي تجاوز يخالف القانون ويمس صحة نتائجها». وبحسب النتائج النهائية التي ظهرت أمس، بلغت نسبة المشاركة على مستوى المملكة قرابة 30 في المئة. وفي العاصمة عمان لم يذهب إلى صناديق الاقتراع سوى 139 ألف ناخب وناخبة من أصل مليون و345 ألف شخص يحق لهم التصويت، ما يجعل نسبة الاقتراع لا تتجاوز 10.5 في المئة. وكان قرابة 2.5 مليون ناخب وناخبة دعوا إلى المشاركة بالانتخابات، لاختيار رؤساء 100 مجلس محلي و970 عضواً، من حوالى 2811 مرشحاً في عموم البلاد. وقال الناطق باسم الانتخابات عاهد الزيادات، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن نسبة الاقتراع هذا العام منخفضة «إذا ما قورنت بنسبة اقتراع عام 2007، التي وصلت إلى نحو 50 في المئة». وقال الإسلاميون إنهم قاطعوا الانتخابات «لعدم وجود إرادة حقيقية بالتغيير، رغم الوعود المتكررة بالإصلاح». وأكد التحالف المدني لمراقبة الانتخابات «راصد» أن حالات عنف «وقعت في مراكز اقتراع عدة، إضافة إلى إشكالات عديدة بسبب عدم استخدام الحبر السري». وشهدت مناطق في الجنوب الأردني خروقاً أكثر وضوحاً، إذ اعتدى ناخبون على مراكز اقتراع، وسرقوا صناديق بها أوراق انتخاب، وأحرقوا مؤسسات حكومية، احتجاجاً على النتائج. وطالب التحالف المدني بإعادة الانتخابات في المناطق التي شهدت إشكالات، وعلى رأسها قرى وبلدات تتبع الكرك، وقالت عضو التحالف الصحافية رنا الصباغ «لقد رصدنا أكثر من 300 انتهاك، تراوحت بين مشاجرات ومخالفات لوجستية». وأضافت أن النتائج التي صدرت في مناطق الاشتباك «لا تعبر عن إرادة الناخبين، وأن نسب المشاركة على مستوى المملكة وصلت إلى 20 في المئة فقط حتى الساعة الخامسة عصراً»، وهو عكس ما أعلنته الحكومة. وكانت مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند الساعة السابعة صباحاً وأغلقت في معظم المناطق الساعة الخامسة عصراً، مع التمديد لساعتين في العاصمة والزرقاء وإربد، التي شهدت انخفاضاً حاداً في نسب المقترعين.