لم تنتظر إسرائيل قدوم المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل مساء السبت المقبل لتبحث معه في قرار رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو بناء 455 وحدة سكنية جديدة في عدد من المستوطنات قبل أن تعلن موافقتها على تجميد جزئي وموقت ومشروط للبناء في المستوطنات في مقابل خطوات تطبيع من دول عربية، بل سارع وزير الدفاع ايهود باراك إلى التصديق رسمياً على بناء هذه الوحدات في ست من المستوطنات في محيط القدسالمحتلة وفي الضفة الغربية، وسط تأكيد مكتبه أن تصاريح البناء الجديدة أعطيت بتنسيق تام مع الإدارة الأميركية، وأن الحديث يدور عن خطط بناء جاهزة جمدت في مراحل مختلفة في الماضي انتظرت تصديق وزارة الدفاع للبدء بالتنفيذ. وأضافت أن طاقم معاوني ميتشل اطلع بالتفصيل على مشروع البناء «ولم نفعل شيئاً خلف ظهر الإدارة الأميركية». وأعلن مكتب باراك أمس أن الأخير، بصفته المسؤول الأول عن الأراضي المحتلة، صادق أول من أمس على البناء في مستوطنات «هار غيلو» (149 وحدة)، و«موديعين عليت» (84)، و«أغان أيالوت» في «غفعات زئيف» (76)، و«كيدار» قرب «معاليه أدوميم» (25)، و«ألون شفوت» (12) في «غوش عتسيون»، و89 في مستوطنة «معاليه أدوميم»، وجميعها في محيط القدسالمحتلة، و«مسكيوت» في غور الأردن (20). كما أقر باراك إقامة منتجع رياضي ضخم في مستوطنة «أريئل» في قلب الضفة (على أراضي محافظة نابلس)، ومدرسة جديدة في مستوطنة «هدار ادار». وبررت أوساط باراك موافقته على بناء مساكن جديدة بالقول إن «البناء سيقتصر على مستوطنات شرعية موجودة ضمن الكتل الاستيطانية الكبرى التي يوجد حولها وفاق وطني بأنها ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية في إطار أي تسوية دائمة». واعتبر قادة المستوطنين أن بناء الوحدات السكنية لا يحمل أي جديد، وأن وزارة الدفاع لم تنشر أي مناقصات جديدة للبناء «إنما نحن بصدد خرائط جاهزة انتظرت التصديق الرسمي وبعض المستندات»، كما قال رئيس «مجلس المستوطنات» (يشع) بنحاس فلرشطاين، مضيفاً أن حزب «العمل» (بقيادة باراك المحسوب على يسار الوسط) هو الذي يقود عملياً الحكومة الجديدة، «وما قام به باراك لا يعوض عن تجميد البناء». من جهته، أعلن وزير شؤون الاستخبارات، عضو «منتدى السداسية» دان مريدور في مقابلة إذاعية انه «لن يكون هناك تجميد مطلق لأعمال البناء في المستوطنات»، رافضاً الخوض في تفاصيل الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مع الأميركيين في هذا الشأن. وهاجمت زعيمة حزب «كديما» المعارض تسيبي ليفني قرار نتانياهو التصديق على البناء قبل الإعلان عن التجميد الموقت، واعتبرته «هدفاً ذاتياً». وأضافت أن سلوك نتانياهو «المتذبذب وحرصه أساساً على البقاء السياسي» يسببان ضرراً سياسياً جسيماً لإسرائيل. وانتقد النائب العمالي اوفير بينيس تصديق زعيم حزبه وزير الدفاع على بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة، وقال إن باراك يؤدي مهمة «مقاول التنفيذ» تحت إمرة نتانياهو. وأضاف: «ليس فقط أن باراك لم يفكك البؤر الاستيطانية العشوائية إنما غدا منفذ سياسة اليمين ... لقد نجح باراك خلال العقد الأخير في أن ينتقل من موقع سلام الآن في كمب ديفيد (في إشارة إلى مفاوضات السلام التي اجراها في كمب ديفيد مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات) إلى موقع البناء الآن». من جهته، قال الأمين العام لحركة «السلام الآن» اليسارية يريف اوبنهايمر إن المستوطنين «تلقوا هدية قيّمة من الحكومة لمناسبة الأعياد تتمثل ببناء مساكن جديدة في قلب الضفة وعلى بعد عشرات الكيلومترات من حدود عام 1967». وأضاف ان التصديق على بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة «يجعل من مشروع تجميد البناء مهزلة سياسية». وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت أمس أن اتصالات مكثفة تمت ليل السبت - الاحد بين إسرائيل والإدارة الأميركية في شأن قائمة المستوطنات التي سيتم بناء الشقق السكنية الجدية فيها. وأضافت أن واشنطن عارضت البناء في عدد من المستوطنات. ونقلت عن نتانياهو قوله في اجتماع وزراء ليكود أول من أمس إنه لم يطلب من واشنطن حق مواصلة البناء في القدس «حيث سنواصل البناء في كل أجزاء المدينة، فالقدس ليست مستوطنة». زيارة ميتشل إلى ذلك، أكدت أوساط نتانياهو ان ميتشل لم يلغ زيارته لإسرائيل التي كانت متوقعة الخميس المقبل احتجاجاً على قرار إسرائيل بناء الوحدات السكنية الجديدة، إنما أرجأها ليومين «لأسباب فنية». وأضافت أن ميتشل سيصل إلى تل أبيب مساء السبت على أن يلتقي نتانياهو الاثنين المقبل غداة لقائه باراك. وتوقعت الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات بين تل أبيب وواشنطن في شأن «تعليق البناء» في المستوطنات خلال اللقاء المتوقع بين نتانياهو والرئيس باراك اوباما على هامش مشاركتهما في الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة أواخر الشهر الجاري.