تفقد مفتشو الأممالمتحدة أمس مناطق قرب دمشق كانت تعرضت لهجوم كيماوي، والتقوا بعض المصابين، وسط تعرض بعض المناطق لقصف جوي وإطلاق نار من قناصة على المفتشين، ذلك بعدما سقطت قذائف هاون على مناطق قريبة من الفندق الذي يقيم فيه الوفد الدولي. وقال ناشط قدم نفسه باسم «أبو نديم» لوكالة «فرانس برس» عبر سكايب: «تمكن مفتشو الأممالمتحدة من دخول مدينة معضمية الشام (جنوب غرب دمشق) برفقة مدنيين، وزاروا مركز الهلال الأحمر وتحادثوا إلى الأطباء هناك»، مشيراً إلى أنهم التقوا كذلك «أشخاصاً أصيبوا بآثار من الأسلحة الكيمياوية وأقارب لشهداء» قضوا الأربعاء الماضي. وقال الطبيب أبو كرم ل «رويترز» عبر الهاتف: «أنا مع الفريق الآن. نحن في مسجد الروضة وهم مجتمعون مع المصابين. يتحدث مسعفونا والمفتشون مع المصابين ويأخذون عينات من الضحايا الآن». وأشار إلى أن المفتشين ارتدوا سترات وخوذات واقية من الرصاص، ورافقتهم عناصر أمن حملت أجهزة اتصال لاسلكية. وأظهرت أشرطة فيديو عرضها الناشطون على شبكة الإنترنت، المفتشين في ما بدا انه مستشفى ميداني، وارتدى بعضهم خوذات زرقاء اللون، وهم يتحدثون بالإنكليزية الى شبان في قاعة. كما أظهر الشريط ذو الصوت غير الواضح، طبيباً وهو يترجم لأحد المفتشين أقوال شخص يضع على وجهه كمامة واقية. وفي غرفة أخرى، أظهر شريط الفيديو طبيباً يقف إلى جانب سرير تمددت عليه امرأة، وهو يشرح لمفتش يدون على دفتر صغير. وكانت قافلة مكونة من ست عربات لمفتشي الأممالمتحدة توجهت من أحد فنادق دمشق إلى موقع خارج العاصمة السورية، حيث كان أعضاء فريق التفتيش يرتدون سترات واقية ورافقهم رجال الأمن وعربة إسعاف. وعبر المفتشون حواجز تابعة لأجهزة الأمن السورية. وقالت الأممالمتحدة إن دمشق وافقت على وقف إطلاق النار أثناء وجود فريق خبراء الأممالمتحدة في الموقع لإجراء عمليات التفتيش التي بدأت امس. كما قال ناشطون في الغوطة إن مقاتلي المعارضة وافقوا أيضاً على وقف العمليات، وإن عدداً من الألوية ستوفر حماية للفريق الدولي. لكن، بينما كان ناشط يتحدث مع «رويترز» من خلال سكايب، سُمعت في الخلفية من على بُعد، أصواتُ انفجارات قذائف هاون، ما أبرز المخاطر التي يمكن أن تحيق بمفتشي الأممالمتحدة خلال مهمتهم. وقال ناطق باسم الأممالمتحدة إن قناصة مجهولين أطلقوا النار على سيارة يستخدمها محققو الأممالمتحدة أثناء توجههم إلى موقع يشتبه بتعرضه لهجوم بالغاز السام. وأوضح: «أطلق مسلحون مجهولون النار مرات على السيارة الأولى التابعة لفريق التفتيش عن الأسلحة الكيماوية في المنطقة العازلة». واتهم «الائتلاف الوطني السوري» المعارض و «الجيش الحر» وكتائبه، ميليشيا تابعة لنظام الأسد «وفي منطقة خاضعة لسيطرتها، باستهداف سيارات اللجنة الأممية برصاص القناصة، لتخويفها ومنعها من رصد الحقيقة التي ستثبت لا محالة ارتكاب نظام الأسد جرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الشعب السوري». وجاء في بيان مشترك: «نستنكر أفعال التخويف والإرهاب التي اعتاد نظام الأسد على انتهاجها في التعامل مع البعثات العربية والأممية إلى سورية ونؤكد التزامنا التام بالحفاظ على أمن وسلامة طاقم اللجنة الأممية، مجددين تعهدنا بالعمل على تسهيل عملهم وتأمين كافة مستلزماتهم داخل الأراضي المحررة في دمشق وريفها». ولاحظ «التعاون الكامل» من الناشطين في المدينة وتوافر «حماية من الكتائب المقاتلة» للمفتشين. في المقابل، اتهم نظام الأسد مقاتلي المعارضة بإطلاق النار. ونقل التلفزيون عن مصدر إعلامي قوله: «تعرض أعضاء فريق الأممالمتحدة في أثناء دخولهم منطقة المعضمية إلى إطلاق نيران من قبل العصابات الإرهابية المسلحة بعدما أمنتهم الجهات المختصة حتى الموقع الذي تسيطر عليه تلك العصابات». وأضاف أن «الحكومة السورية تحمّل العصابات الإرهابية المسلحة مسؤولية أمن وسلامة أعضاء فريق الأممالمتحدة والحفاظ على حياتهم وعودتهم سالمين». وكان الفريق اضطر إلى تغيير السيارة بعد تعرضها لإطلاق النار. وقال مصدر أممي إن أياً من أعضاء الفريق لم يصب في الهجوم. وسقطت قذيفتا مورتر على الأقل في حي راق بوسط العاصمة السورية دمشق، في المنطقة التي ينزل فيها فريق التفتيش. وقال سكان ل «رويترز» إن قذيفة مورتر سقطت بالقرب من فندق «فور سيزونز» الذي ينزل فيه خبراء الأممالمتحدة. وذكرت وسائل إعلام سورية أن قذيفتي المورتر هما صناعة محلية وأطلقهما «إرهابيون»، وهو التعبير الذي تستخدمه وسائل الإعلام الرسمية للإشارة إلى مقاتلي المعارضة. وقالت «الوكالة العربية السورية للأنباء» (سانا) إن ثلاثة أشخاص أصيبوا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قذائف هاون سقطت على حي «أبو رمانة» قرب الفندق، ما أسفر عن أضرار مادية وإصابات في صفوف المدنيين، إضافة إلى سقوط قذيفة قرب ساحة الأمويين. وقال معارضون إن القذائف سقطت على طرف الفندق قبل خروج المفتشين منه. وتابع «المرصد»: «تعرضت بلدتا كفر بطنا وجسرين (في الغوطة الشرقية) لقصف من قبل القوات النظامية، ما أدى إلى مقتل ستة مواطنين من بلدة كفربطنا، هم طفلان وأربعة رجال وإصابة مواطنين بجروح».