تظاهر آلاف في عاصمة بوركينا فاسو أمس، منددين ب «انقلاب عسكري» إثر إطاحة الرئيس بليز كومباوري بعد 27 سنة في السلطة. ورفضت المعارضة «مصادرة» الحكم، فيما دعا الاتحاد الأفريقي والولاياتالمتحدة إلى تسليم «السلطات المدنية قيادة المرحلة الانتقالية». وكانت تظاهرات ضخمة أسقطت كومباوري الذي فرّ إلى ساحل العاج، احتجاجاً على محاولته تعديل الدستور لتمديد فترة حكمه. لكن الجيش حلّ البرلمان وعطّل العمل بالدستور الذي ينصّ على تولي رئيس البرلمان الرئاسة إذا استقال الرئيس، بتفويض لتنظيم انتخابات في غضون 90 يوماً. ونصّب الجيش المقدّم إسحق زيدا (49 سنة)، نائب قائد الحرس الجمهوري، رئيساً لحكومة انتقالية بعدما كان رئيس أركان الجيش نابيريه أونوريه تراوري أعلن توليه السلطة. وأعلن الضباط أن المرحلة الانتقالية ستجرى في شكل ديموقراطي، بالتشاور مع المعارضة والمجتمع المدني. وشدّد زيدا على أن تسلّمه السلطة «ليس انقلاباً، بل انتفاضة شعبية»، مضيفاً: «أحيي ذكرى شهداء الانتفاضة وأنحني أمام تضحيات شعبنا». وناشد الاتحاد الأفريقي و»المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إيكواس) دعم المرحلة الانتقالية. لكن المجتمع المدني والمعارضة رفضا «مصادرة» الجيش السلطة، ودعوَا إلى التظاهر في ساحة الأمة وسط واغادوغو التي تشكّل رمزاً لحركة الاحتجاج على نظام كومباوري. ووَرَدَ في بيان أصدرته أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني: «النصر الذي تحقق بفضل العصيان الشعبي يعود إلى الشعب، وبالتالي تعود إليه في شكل شرعي إدارة المرحلة الانتقالية التي لا يمكن للجيش أن يصادرها في أي حال». وشدّدت على «الطابع الديموقراطي والمدني الذي يجب أن تتسم به الفترة الانتقالية». ولبّى آلاف دعوة المعارضة إلى التظاهر، وهتف أحدهم «زيدا ارحل»، فيما قال آخر: «يأتون من القصر الرئاسي لاستعبادنا، هذا انقلاب عسكري. زيدا ظهر من العدم». وحضّ ثالثٌ على «منع الجيش من سلب انتصارنا». ودعا محمد بن شمباس، رئيس مكتب الأممالمتحدة لغرب أفريقيا، إلى «نظام انتقالي يرأسه مدني ويتطابق مع النظام الدستوري»، لافتاً إلى أن زيدا «قال إنه سينظر في الأمر ويحاول العمل مع الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وإيكواس والتوصل إلى اتفاق مقبول يتّفق مع الدستور». وحضّ على «مشاورات بين الأطراف، وبذل كل الجهود من أجل عودة سريعة إلى الحياة الدستورية»، منبهاً إلى أن «العواقب لا تخفى على أحد، نريد تجنّب فرض عقوبات على بوركينا فاسو». وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني - زوما دعت «الأطراف السياسيين والمجتمع المدني في بوركينا فاسو، إلى العمل معاً بذهنية توافق ومسؤولية للاتفاق على انتقال مدني وشامل يؤدي إلى تنظيم انتخابات حرّة وشفّافة ونظامية في أسرع وقت». وطلبت «من قادة القوات المسلحة والأمنية الامتناع عن أي أعمال أو تصريحات يمكن أن تعقّد الوضع في بوركينا فاسو في شكل إضافي، أو أن تؤثر سلباً في الأمن والاستقرار الإقليمي»، معتبرة أن «الواجب والالتزام يحتّمان على قوات الدفاع والأمن وضع أنفسهم بتصرف السلطات المدنية التي يجب أن تقود المرحلة الانتقالية». أما الولاياتالمتحدة فدانت «محاولة الجيش فرض إرادته على شعب بوركينا فاسو»، ودعته إلى «نقل السلطة فوراً إلى السلطات المدنية». كما حضّت «السلطات المدنية» على «استلهام روح الدستور في بوركينا فاسو والانتقال فوراً إلى انتخابات رئاسية حرّة ونزيهة».