لندن، نيويورك، واشنطن، برلين، القدس - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تواصلت أمس الضغوط الدولية على نظام الرئيس بشار الأسد للسماح لمفتشي الأممالمتحدة بالتوجه إلى الغوطتين الغربية والشرقية قرب دمشق، والتحقيق في تقارير عن استخدام السلاح الكيماوي أول من أمس. ولوحت فرنسا باستخدام القوة في الرد على النظام السوري مع «ترجيح» استخدام «الكيماوي»، بينما اعتبرت بريطانيا أن كل الخيارات مطروحة. وفي وقت أعلنت المعارضة عن مزيد من جثث القتلى، شنت قوات النظام غارات على مناطق «مسرح الجريمة» في الغوطتين، وسط توقع مسؤول معارض المزيد من المجازر مقابل زيادة التطرف لدى المعارضة. وبعد يوم من تعطيلها مع الصين مشروع بيان في مجلس الأمن، قالت روسيا أمس إن على الحكومة السورية منح موافقتها على زيارة يقوم بها محققو الأممالمتحدة الموجودون في دمشق إلى المواقع التي تعرضت للقصف الكيماوي، مشددة على ضرورة معالجة المخاوف الأمنية قبل أي عملية تفتيش دولية. وقرر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إيفاد رئيسة قسم نزع الأسلحة أنجيلا كاين الى دمشق، في قرار يعكس عزمه على رفع مستوى المفاوضات مع الحكومة السورية للتحقيق في احتمال استخدام أسلحة كيماوية في الغوطة. وعزز موقف مجلس الأمن بعد اجتماعه الطارئ مساء الأربعاء، الذي «رحب بالتزام بان إجراء تحقيق نزيه وشامل وسريع» موقف الأمين العام. وهو أشار في بيان أمس إلى تلك العبارة بالتحديد، وقال إنه «تلقى بإيجابية العلم بانعقاد مجلس الأمن والنتائج التي أعلنتها رئيسة المجلس الداعمة لتوجهه بإجراء تحقيق نزيه وشامل وسريع». وأوضح بان أنه «لا يزال قلقاً للغاية حيال التقارير المتعلقة باحتمال استخدام أسلحة كيماوية في سورية»، وأنه «يؤمن أن الأحداث التي أبلغ عنها أمس (الأول) تتطلب إجراء تحقيق من دون تأخير». وإضافة الى إيفاد كاين إلى دمشق، قال بان إن «مسؤولين كباراً في الأممالمتحدة على اتصال مع السلطات السورية منذ ورود أولى التقارير» عن هجمات الغوطتين. وبحث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في اتصال هاتفي مع بان أمس في «الاستخدام المرجَّح للأسلحة الكيمياوية» في سورية، مندداً ب «المجازر» التي شهدتها البلاد. وأفاد بيان رئاسي فرنسي، أن هولاند أكد على «التعاطف الذي أثارته في فرنسا المجازر التي حصلت في سورية والاستخدام المرجح للأسلحة الكيمياوية». وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال إن فرنسا تريد «رد فعل باستخدام القوة» في حال ثبت وقوع هجوم بالسلاح الكيماوي، مستبعداً في الوقت نفسه بشكل قاطع إرسال قوات على الأرض. في هذا الوقت، تعرضت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى ضغوط جديدة بخصوص الوضع في سورية، وقال السناتور الجمهوري جون ماكين إن أوباما من خلال عدم استخدامه القوة للرد على هجمات سابقة، يعطي الرئيس الأسد «الضوء الأخضر» لارتكاب الفظائع. وقال لشبكة «سي أن أن» إنه «عندما يقول رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية إنه إذا استخدم (الأسد) هذه الأسلحة فإن ذلك سيكون خطاً أحمر وسيغير قواعد اللعبة، فان الأسد يرى ذلك الآن ضوءاً أخضر». وأضاف أن «كلمة رئيس الولاياتالمتحدة لم تعد تؤخذ على محمل الجد بعد الآن». وقال ماكين إن القوة الجوية الأميركية تستطيع الاستيلاء «خلال أيام قليلة» على مدرجات القوات الجوية السورية والطائرات التي يصل عددها إلى خمسين والتي تستخدم للهيمنة على أرض المعركة ضد المسلحين المعارضين. وأضاف: «نستطيع أن نقدم الأسلحة المناسبة للمسلحين، وأن نفرض منطقة حظر طيران بنقل صواريخ باتريوت إلى الحدود... يمكن القيام بذلك بسهولة بالغة». لكن قائد الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، قال في رسالة إلى نائب أميركي حصلت وكالة «فرانس برس» على نسخة منها، إن أي تدخل عسكري أميركي في سورية لن يكون في مصلحة الولاياتالمتحدة، لأن مقاتلي المعارضة السورية لا يدعمون المصالح الأميركية، في إشارة إلى ثقل المجموعات الإسلامية المتطرفة بين مقاتلي المعارضة. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان «ما ذُكر عن استخدام اسلحة كيمياوية ضد مدنيين ابرياء مقلق للغاية. وفي حال تأكد ذلك، فانه سيشكل اضافة رهيبة لادراجها في لائحة الجرائم المأسوية التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه». وبحسب نتانياهو فان حقيقة ان النظام منع محققي الاممالمتحدة من الوصول الى المنطقة «امر سخيف»، محذرا من ان تراخي العالم عن ما يحدث في سوريا قد يشجع ايران على المضي قدما في برنامجها النووي. وقال: «اصبحت سوريا ساحة اختبار لايران (...) ايران تراقب عن كثب كيفية رد العالم على الفظائع التي يرتكبها عملاؤها في سورية وحليفها حزب الله». وعلى الأرض، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران الحربي جدد قصفه على مناطق في مدينة زملكا والغوطة الشرقية وعربين شرق العاصمة، مع استمرار القصف من القوات النظامية على المنطقة، لافتاً إلى أن طائرات حربية «نفذت أيضاً ثلاث غارات خلال خمس دقائق على مناطق في مدينة معضمية الشام» وغارات أخرى على داريا وخان الشيخ جنوب غربي العاصمة. وأشار المرصد إلى اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في محيط زملكا. وقال ناشط يقدم نفسه باسم «أبو جهاد» من شرق العاصمة في اتصال مع وكالة «فرانس برس» عبر سكايب، إن «التصعيد مرتبط بمحاولة قوات النظام استعادة السيطرة على معاقل للمعارضة قريبة من دمشق». وتوقع الناطق باسم «الائتلاف الوطني السوري» المعارض خالد صالح، ارتفاع عدد القتلى بعد اكتشاف منازل ملأى بالقتلى في حي في زملكا، فيما قال عضو أمانة «المجلس الوطني السوري» المعارض عبدالرحمن الحاج إن «رد فعل المجتمع الدولي إزاء مجازر الغوطتين سيشجع نظام الأسد إلى ارتكاب المزيد من الجرائم». واتصل السفير الأميركي في سورية روبرت فورد برئيس «الائتلاف» أحمد الجربا أمس، للبحث في موضوع «الكيماوي». ونقلت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا) عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله إن «المعطيات السورية من خلال التواصل مع المسؤولين الروس تؤكد ثبات الموقف الروسي»، موضحاً أن «سورية تتشارك مع روسيا في قراءة الموقف من مسألة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية انطلاقاً من الثقة التامة بأن من استخدم هذا السلاح هو المجموعات الإرهابية المسلحة». وفي حين تصطدم جهود سورية الرامية إلى زيادة مشترياتها الغذائية بعزوف البائعين عن المخاطرة بتأخر سداد مدفوعاتهم من حسابات مصرفية مجمدة في الخارج، أشارت «سانا» إلى أن الأسد أجرى أمس تعديلاً وزارياً طاول سبع حقائب وزارية، بينها الاقتصاد والتجارة الخارجية والصناعة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والتعليم العالي.