شنت طائرات حربية غارات على مناطق في الغوطتين الغربية والشرقيةلدمشق اللتين شهدتا هجوماً بالسلاح الكيماوي أول من أمس، في وقت أعلنت المعارضة العثور على مزيد من القتلى. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران الحربي جدد قصفه على مناطق في مدينة زملكا والغوطة الشرقية وعربين شرق العاصمة مع استمرار القصف من القوات النظامية على المنطقة، لافتاً إلى أن طائرات حربية «نفذت أيضاً ثلاث غارات خلال خمس دقائق على مناطق في مدينة معضمية الشام» وغارات أخرى على داريا وخان الشيخ جنوب غربي العاصمة. وترافقت الغارات مع قصف على هذه المناطق التي عاشت أول من أمس حالاً من الهلع نتيجة «الهجوم الكيماوي» وتعرضت لحملة قصف «لا سابق لها» وفق المرصد. وأشار المرصد إلى اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في محيط زملكا. وقال ناشط يقدم نفسه باسم «أبو جهاد» من شرق العاصمة في اتصال مع وكالة «فرانس برس» عبر سكايب، إن «التصعيد مرتبط بمحاولة قوات النظام استعادة السيطرة على معاقل للمعارضة قريبة من دمشق». وأشار إلى أن «الجيش نفذ هجمات عدة في منطقة الغوطة» أمس، مضيفاً أنه تمكن من دخول عربين وحرستا وجوبر وزملكا وعين ترما شرق العاصمة. وأوضح أن قوات النظام «لم تستعد السيطرة على هذه المناطق، إلا أنها استعادت بعض النقاط الاستراتيجية»، مشيراً إلى أن «الثوار بدأوا هجوماً مضاداً». ويسيطر مقاتلو المعارضة على مدن وقرى عدة في منطقة الغوطة الشرقية وعلى شريط جنوب غربي دمشق منذ أكثر من عام. وذكرت المعارضة السورية أن 1300 شخص قتلوا في «الهجوم الكيماوي» الذي نفذته قوات النظام أمس، فيما نفت دمشق حصوله. في المقابل، أعلن «المرصد» أن عدد القتلى الذين تمكن من توثيقهم الأربعاء في ريف دمشق وصل إلى 170، وهم 109 بينهم ثلاثون امرأة و14 طفلاً في شرق دمشق، و61 في معضمية الشام بينهم أحد عشر طفلاً وأربع نساء. وقال الناطق باسم «الائتلاف الوطني السوري» المعارض خالد صالح إنه يتوقع ارتفاع عدد القتلى بعد اكتشاف منازل ملأى بالقتلى في حي في زملكا. وقال الناطق باسم «الجيش الحر» فهد المصري في بيان، إن فرعه في دمشق وثق 1729 حالة وفاة بعد هجوم الأربعاء. وأضاف أن ستة آلاف آخرين يعانون من مشاكل في التنفس. وكانت المعارضة السورية طالبت مفتشي الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة بالتحقيق فوراً في ما حدث في المنطقة المحاصرة التي تخضع لسيطرة مقاتلي المعارضة خارج دمشق. وقال صالح إن الوقت مهم حتى يتأكد المفتشون من وجود إمكانية كبيرة لاستخدام الأسلحة الكيماوية، وطالب بذهاب المفتشين إلى الموقع في أسرع وقت. واعتبر وزير الخارجية وليد المعلم خلال عرض سياسي شامل أمام إعلاميين وديبلوماسيين أن «رؤية سورية لتطورات الأحداث تشير إلى أن كفة الحسابات السياسية والميدانية تميل لمصلحة القوى الوطنية ومحور المقاومة مع تغير المشهد السياسي في مصر، وتلقي تيار الإسلام المتطرف الذي تقوده تركيا ضربة قوية بسقوط «الإخوان المسلمين» في مصر جعلته مرتبكاً». وحذر المعلم من أن «محور أعداء سورية يراهن على الحل العسكري ويضع الخطط البديلة، إذ تم تحضير جبهة الأردن لاستهداف سورية في حال تراجعت تركيا». وزاد أن الدول الداعمة للمعارضة تحضر «جبهة الأردن لتكون بديلاً من تركيا الأمر الذي يثبته تدفق المسلحين والأسلحة عبر الحدود الأردنية، إضافة إلى دخول رئيس «ائتلاف الدوحة» (الائتلاف الوطني أحمد الجربا) إلى الأراضي السورية عبر الأردن»، متسائلاً: «هل يدخل السلاح والمسلحون والشخصيات المعارضة من دون علم القيادات الأردنية والتنسيق معها؟». ونقلت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا) عن المعلم قوله إن «المعطيات السورية من خلال التواصل مع المسؤولين الروس تؤكد ثبات الموقف الروسي»، موضحاً أن «سورية تتشارك مع روسيا في قراءة الموقف من مسألة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية انطلاقاً من الثقة التامة بأن من استخدم هذا السلاح هو المجموعات الإرهابية المسلحة». وقال مصدر أمني سوري إن الأربعاء كان يوم العمل الأول بالنسبة إلى بعثة الأممالمتحدة للتحقيق حول الأسلحة الكيماوية، وإن «استخدام أسلحة كيماوية في هذا الوقت انتحار سياسي». وأردف: «كل المحللين يؤكدون أن ليس في مصلحتنا في الظروف الحالية استخدام أسلحة كيماوية فيما اللجنة موجودة في سورية». وقال عضو أمانة «المجلس الوطني السوري» المعارض عبدالرحمن الحاج إن «رد فعل المجتمع الدولي إزاء مجازر الغوطتين سيدفع نظام الأسد إلى ارتكاب المزيد من الجرائم»، مشيراً إلى أن جهوداً كانت تبذل سابقاً ل «محاصرة التطرف» في سورية، غير أن المجازر الأخيرة «ستؤدي إلى انتشار التطرف» وإلى «ابتعاد الحل السياسي». وتابع الحاج إن المعارضة بصدد التوصل إلى «استراتيجية جديدة» تقوم على إعطاء أولوية للداخل وتوفر الدعم بكل أنواعه للثوار. وشهدت لندن ثلاثة اعتصامات لإدانة الهجوم الكيماوي على الغوطتين قرب دمشق. وقال أحد المنظمين، إن الاعتصامات نظمت أمام مكتب رئيس الوزراء ديفيد كامرون والسفارتين الروسية والأميركية، مضيفاً أن المتظاهرين رفعوا صور ضحايا المجازر ولافتات تدين جرائم النظام.