حذر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان، من وجود «جماعات تتنكر لتستعمل العنف والإرهاب والإرجاف بصراعات طائفية ومذهبية، وتقصي الآخر وتستبيح عرضه وماله ودمه»، مشيراً إلى وجود «خطابات متطرفة تتستر بالدين تستغل حرية التعبير، وتستثمر ازدهار شبكات التواصل الاجتماعي، وتلعب على وتيرة الفقر والشعور بالحرمان». وقال الأمين كومان في كلمته خلال افتتاح أعمال المؤتمر العربي للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في دورته الساسة عشر أمس في تونس، بمشاركة ممثلي الدول العربية الأعضاء، بينها المملكة وجامعة الدول العربية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية: «إن المؤتمر ينعقد في ظل تفاقم ملحوظ للأحداث في العالم عامة، وفي المنطقة العربية بصورة خاصة تشكل بامتياز التربة الخصبة لترعرع الشر والإجرام، والوصفة المثلى لاستشراء العنف والإرهاب». وأضاف: أن «ذلك يأتي في وقت ازدهر فيه تهريب السلاح والأشخاص بفعل الاختلال في ضبط الحدود في بعض الدول، ناهيك عما تعرفه شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة من تجاوز في حرية التعبير». وشدد على أن مجلس وزراء الداخلية العرب واعٍ هذه الأوضاع، ومدرك تماماً أخطارها المحدقة، وحريص على مواجهتها بكل ما أوتي من قوة، مضيفاً أنه «من أجل ذلك تم في الدورة الماضية اعتماد الاستراتيجية العربية للأمن الفكري التي تضع أسس مواجهة فكرية للإرهاب تقارع الحجة بالحجة وتجابه الفكر بالفكر». وأكد السعي إلى تطوير الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، ووضع استراتيجية لمنع انتشار السلاح في المنطقة العربية، وإعداد بروتوكول لمواجهة هذا الانتشار ملحق بالاتفاق العربي لمكافحة الجريمة، مشيراً إلى السعي، بالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب والهيئة العربية للطيران المدني، بشأن وضع اتفاق عربي لقمع أفعال التدخل غير المشروع الموجهة ضد أمن وسلامة الطيران المدني. وأعرب كومان عن حرص الأمانة العامة على أن تناقش اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة هذا العام، موضوع التداعيات الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، وسبل الوقاية منها ومعالجتها. ولفت إلى أن هذه الجهود ستؤتي أكلها على صعيد الحد من الأعمال الإرهابية، مشيراً إلى أنها لن تقضي عليها بصورة نهائية، وأنه سيظل هناك إرهاب ما دامت الشروط الموضوعية الموجودة قائمة، وما دامت الصورة القاتمة التي تم رسمها قبل قليل للأوضاع في المنطقة العربية على القدر نفسه من القتامة والسواد. وعبر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب في ختام كلمته عن أسفه من أن إبعاد هذه الصورة لا يدخل ضمن مسؤولية أجهزة الشرطة، بل يقع ضمن مسؤولية جهات أخرى مختلفة، لأن ضمان الأمن ومواجهة الإرهاب مسؤولية مشتركة تتقاسمه الجهات الحكومية والأفراد ومؤسسات المجتمع المدني، وهي جهات يؤمل منها جميعاً أن تضطلع بواجبها في مواجهة الإرهاب والحد من عواقبه الوخيمة. إلى ذلك، أكد رئيس المؤتمر اللواء سعيد بن سعد القحطاني في كلمته أن المؤتمر يأتي في ظرف بالغ الدقة والحساسية، تشهد فيه بعض الدول العربية الشقيقة خروقات أمنية وأحداثاً مؤسفة، راح ضحيتها عشرات الأبرياء من مواطنين ورجال أمن. وأوضح أن حال عدم الاستقرار والارتباك الأمني في المنطقة، أسهمت في توفير بيئة خصبة ومحاضن آمنة للإرهاب فكراً وممارسةً، كما هيأت هذه الحال للانتهازيين من أرباب الفكر الضال ودعاته فرصة لخدمة أجندات الإرهاب ومآربه الآثمة. وأضاف أنه انطلاقاً لمواجهة الإرهاب والحفاظ على الأمن، جاءت مبادرة المملكة العربية السعودية بالتبرع الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لدعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، لتعكس حرص المملكة قيادة وشعباً على المساهمة الفعالة في محاربة هذا الداء، وإدراكاً منه على خطره على أمن وسلامة المجتمع الدولي.