كل قتيل في مصر يزيد من حالة الانشقاق، يتحول دمه لمسافة جديدة تبعد الأطراف المتصارعة عن بعضها بعضاً، ومصير كل هذا إلى حوار ومفاوضات، الله وحده أعلم كم يحتاج من فوضى وقتلى أبرياء. وكتبت عن حزب «البلطجية»، ولمن استشكل عليه الأمر، هو كما ذكرت القوة التي تقوم بالقتل وترويع الآمنين وحرق المنشآت العامة والخاصة من أي طرف كانت، أما دعوة الإخوان المسلمين وحزبهم لإعلان نبذ العنف والبراءة من القتل واستهداف المنشآت فلكونهم متهمين من قبل الحكومة المصرية الموقتة التي تعلن حرصها على الدماء. من السياسة أن يعلن حزب الحرية والعدالة مع الجماعة ذلك، وعدم الإعلان الواضح الصريح والتأخر فيه إخفاق آخر يضم إلى إخفاقاتهم السياسية الأخرى. إعلان الموقف تحديد لسياسة الصراع، ودفع بالبراءة، وسد للطريق على جماعات أخرى أو جهات تنتهز الأوضاع من إسرائيل وغيرها ممن لا يختلف عنها، أما الاحتكام لاحقاً فيكون للجان تقصي حقائق تنشد العدالة لهم حق المشاركة فيها. لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر مظلومية سياسية هذا مما لا شك فيه، كما لآخرين مظلوميتهم خلال سنة حكمهم، والدخول للنقاش والجدل في حجم هذه المظلومية هو آخر ما يجب الخوض فيه الآن، لكونه معول هدم، حالة الانقسام به تتسع وتتعمق، ويمكن تحقيق بعض التقدم لرفع ثقل هذه المظلومية بالسياسة، خصوصاً أن الإقصاء للإخوان من العمل السياسي لم يتم رسمياً. المشهد الحالي ومستقبله المنظور لا يشيران إلا إلى حريق لا يبقي ولا يذر. لن يسلم منه أحد، حريق تتجذر فيه الثارات، يقتل فيه الناس وتقتل أحلام من بقي منهم، أيضاً إقصاء الإخوان أو حزبهم له نتائج سلبية كارثية غير خافية على من ينشد المصالحة لا المصارعة. لذلك فإن الأمل أولاً في الله تعالى ثم في حضور عاقل فاعل، يأتي من الإخوان المسلمين أنفسهم أولاً، لأن الدعوة كما هو معلن من الحكومة الموقتة قائمة لهم، المعنى أن هناك باباً مفتوحاً. الأرض أو السلطة المتصارع عليها تحترق، مآل ذلك معروف ومجرب في الجزائر وغيرها. هذا وقت الحضور الحقيقي لجوهر الإسلام وأخلاق الإسلام وخصال المسلم. وإذا كان المخلصون من الناس يستبسلون للدفاع عن بلادهم بأرواحهم، ألا يتنازلون لإطفاء حريق يهدد وطنهم ويحقن دماء مواطنيهم؟ www.asuwayed.com