المملكة تشارك في معرض (IPM Essen 2025) للبستنة بألمانيا    الموارد البشرية تصدر عددًا من قرارات التوطين ل 269 مهنة في القطاع الخاص    وزارة الخارجية تعرب عن إدانة المملكة واستنكارها استهداف المستشفى السعودي في مدينة الفاشر    رئيس ديوان المظالم يطلع على سير العمل بمحكمة الاستئناف والمحاكم الادارية بالشرقية    وفد من مؤسسي اللجنة الوطنية لشباب الأعمال السابقين يزور البكيرية    أمطار رعدية غزيرة وسيول على عدة مناطق    الديوان الملكي: وفاة والدة صاحب السمو الأمير فهد بن سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    مرتادو جسر ملعب الشرائع ل«عكاظ»: الازدحام يخنقنا صباحاً    5 بريطانيين يعيشون ارتحال البدو بقطع 500 كم على ظهور الإبل    لماذا تجاهلت الأوسكار أنجلينا وسيلينا من ترشيحات 2025 ؟    مربو المواشي ل«عكاظ»: البيع ب«الكيلو» يمنع التلاعب.. نحتاح «توضيحات»    آل الشيخ من تايلند يدعو العلماء إلى مواجهة الانحراف الفكري والعقدي    الدبلوماسية السعودية.. ودعم الملفات اللبنانية والسورية    وصول الطائرة الاغاثية ال 13 إلى دمشق    توجيه بإجراء تحقيق مستقل في حادث انقطاع الكهرباء في المنطقة الجنوبية    «الكهرباء»: استعادة الخدمة الكهربائية في المناطق الجنوبية    الوقوف في صدارة العالم.. صناعة سعودية بامتياز    نيوم يتغلّب على الطائي بهدف ويعود لصدارة دوري يلو    هاتريك مبابي يقود ريال مدريد للفوز على بلد الوليد    في الجولة ال 17 من دوري روشن.. النصر والأهلي يستضيفان الفتح والرياض    8 مناطق للتخييم في المناطق الربيعية    60 جهة حكومية وخاصة تشارك بمنتدى فرصتي    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    رئيسة وزراء إيطاليا تصل إلى جدة    10 سنوات من المجد والإنجازات    دعوة أممية لتحقيق مستقل في جرائم الاحتلال في «جنين»    بمشاركة 15 دولة لتعزيز الجاهزية.. انطلاق تمرين» رماح النصر 2025»    أدب المهجر    جوجل تطلق «فحص الهوِية» لتعزيز أمان «أندرويد»    ضيوف" برنامج خادم الحرمين" يزورون مجمع طباعة المصحف    رئاسة الحرمين.. إطلاق هوية جديدة تواكب رؤية 2030    تدشن بوابة طلبات سفر الإفطار الرمضانية داخل المسجد الحرام    دراسة: تناول الكثير من اللحوم الحمراء قد يسبب الخرف وتدهور الصحة العقلية    4 أكواب قهوة يومياً تقي من السرطان    مريضة بتناول الطعام واقفة    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير اليوم    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابة عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر حفل كؤوس الملك عبدالعزيز والملك سلمان    هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة الباحة جاهزيتها لمواجهة الحالة المطرية    لماذا تمديد خدماتهم ؟!    بطولة الأمير عبد العزيز بن سعد للبوميرنغ تنطلق من" التراث للعالمية"    فريق أوكي يتوّج بلقب الجولة الأولى لبطولة العالم للقوارب الكهربائية "E1" في جدة    تحديد موقف ميتروفيتش وسافيتش من لقاء القادسية    «ليلة صادق الشاعر» تجمع عمالقة الفن في «موسم الرياض»    «هانز زيمر».. إبداع موسيقي وإبهار بصري مدهش    "افتتاح بينالي الفنون الإسلامية 2025 في جدة بعنوان "وما بينهما"    الاتحاد يقترب من أوناي هيرنانديز    الأمم المتحدة: نحو 30% من اللاجئين السوريين يريدون العودة إلى ديارهم    ما يجري بالمنطقة الأكثر اضطراباً.. !    أمير الرياض يعزي في وفاة محمد المنديل    تمكين المرأة: بين استثمار الأنوثة والمهنية ذات المحتوى    ممشى النفود    المالكي يهنئ أمير منطقة الباحة بالتمديد له أميرًا للمنطقة    ترحيل 10948 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    إنجازات تكنولوجية.. استعادة النطق والبصر    الهروب إلى الأمام والرفاهية العقلية    ضبط (3) مواطنين في ينبع لترويجهم الإمفيتامين والحشيش    مدير تعليم جازان يرفع التهنئة للأمير محمد بن عبد العزيز بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    وصول الوفود المشاركة في مؤتمر آسيان الثالث "خير أمة" بمملكة تايلند    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيشمركه في بغداد... وترجيح وفاة الرئيس العراقي؟
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2013

الانقلاب الذي طرأ خلال الشهرين الماضيين، على مواقف القيادة الكردية، عصي على التفسير لدرجة يصعب تصور انه صادر عن الشخص نفسه، والابعد ان يكون ذاتي الصنع، لم يخضع لمحركات او ضغوط، نابعاً من دواعٍ أوجبتها اعتبارات خارجية طارئة، او مفروضة على الجهة التي اقدمت عليها. فمسعود البارزاني، رئيس اقليم كردستان، سحب من دون تمهيد مقنع، عداءه المعلن لنوري المالكي، بعدما كان على حافة التصادم العسكري مع جيش المركز، ولم يتوان عن التلويح بالإنفصال، وظل يشن على مدى أشهر حملة شرسة ضد نواة «الديكتاتورية الجديدة»، كما اقام حلفاً جمع كل مناهضي رئيس الوزراء، على امل سحب الثقة من «القائد العام للقوات المسلحة» في البرلمان، ولم يترك أية وسيلة اتيحت له، الا استخدمها في معركة بدا مصصماً على كسبها، ولا يقبل بأقل من زوال رئيس الوزراء نتيجة لها.
رئيس «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، بعث فجأة قبل شهرين، بابن أخيه، رئيس وزراء كردستان، الى بغداد على رأس وفد ضخم، التقى المالكي، ليخرج الطرفان بحصيلة دللت على نية تجميد «الخلافات»، وهذا اجراء يفهم في السياسة العراقية على هذا المعنى، اذ تناقلت وسائل الاعلام انباء «احالة» القضايا العالقة الى «لجان»، فانتظار نتائج عمل اللجان عادة، يعني التجميد أكثر مما يعني التوصل الى اية نتيجة. ذلك انه، وعلى مدى التجارب، فإن اللجان تُشكل ولا تعمل، والحلول لو كانت ممكنة، او ميسرة، فإنها غالباً ما تطبخ في اللقاءات الثنائية، بين القادة والمسؤولين المعنيين وأصحاب القرار.
حدث هذا التطور تحت ضباب من اللغط، ظل مبعثراً، مكبوتاً، ومثيراً للريبة، تركز حول قضية استخلاف الرئيس العراقي جلال الطالباني، الذي تتضخم قضيته، لدرجة انها تنذر بحصول انفجار، سواء في كردستان، او على مستوى العراق ككل. فالرئيس العراقي، على الأغلب، فارق الحياة. ولربما التقت مصالح جهات قد تكون ايران بينها، اضافة ل «الحزب الديموقراطي الكردستاني» وزعيمه مسعود البارزاني، وتنظيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة هيرو احمد، زوجة جلال الطالباني، على اخفاء نبأ موت الرئيس العراقي. وقد تردد خلال زيارة نيجرفان رئيس وزراء الاقليم، وأذيع علناً، ان المالكي هو من طرح على الوفد الكردي فكرة البحث عن بديل للطالباني الذي طالت فترة مرضه، ويعتقد ان ما فعله المالكي برميه ذلك الصاعق بين ارجل مفاوضيه، كان مستنداً الى معلومات وصلته من ايران، مفادها أن الطالباني فارق الحياة. ومع تعدد الروايات حول هذه القضية الملتبسة، الا انها في نهاية المطاف وصلت الى الاكراد بجناحيهم، لتضعهم للمرة الاولى، امام حزمة من الاستحقاقات المتضاربة والمتشابكة. فالبارزاني كان على وشك طلب «التمديد» له في رئاسة اقليم كردستان لسنتين أخريين، خلافاً للدستور، وهو يفكر بمنصب الرئيس الغائب، ويريد ان يحصل عليه لمرشح من «الاتحاد الكردستاني» محسوب عليه بالفعل، هو عدنان المفتي، الرئيس السابق لبرلمان كردستان. والمسألتان، اي التمديد له، وإعلان موت الطالباني، ستصبان بقوة في كفة المعارضة التي تمثلها «حركة التغيير» بزعامة نوشيروان مصطفى. والحركة وحلفاؤها عملوا على استغلال التمديد، ليشعلوا معركة حامية في البرلمان، فإذا أضيف لهذه القضية الاعلان عن الفراغ القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني»، فإن الحركة سوف تكتسح الموقف، بخاصة أنها حققت في الانتخابات السابقة نتائج مهمة، وصلت الى 25 في المئة من عدد الاصوات.
لقد أعلن محمود عثمان، القائد الكردي الوحيد الذي يتمتع بصدقية مجربة، وهو زعيم «الحزب الاشتراكي الكردي» ونائب في البرلمان الاتحادي، ويعد الشخصية الثالثه الى جانب البارزاني والطالباني، «ان التقارب الكردي الأخير مع المالكي جاء بنتيجة ضغوط ايرانية». وعثمان كان عضواً في الوفد الذي ترأسه نيجرفان البارزاني الى بغداد، ولم تتضح الكيفية التي مارست ايران بواسطتها الضغط المذكور، الا ان مسألة احتمال وفاة الطالباني، ربما تكون المدخل-القذيفة، التي القاها المالكي باتفاق مع الايرانيين، ليضع الاكراد أمام مشكلة عويصة، الأغلب انها ستكون الافتتاحية التي تعود من بوابتها كردستان للالتحاق بالتداعيات الامنية الملتهبة، المهيمنة على مناطق العراق الاخرى. ففترة الهدوء والامن في المناطق الكردية يحتمل ان تكون على وشك الإنتهاء من هنا فصاعداً.
من كل هذا، يبدو، أكثر فأكثر، ان ازمة «العملية السياسية الطائفية» تتجه بسرعة الى الانفجار، وان اطرافها تزداد تضاؤلاً وعجزاً، بإزاء ضخامة الدورالمفترض بها القيام به، وصار يفيض عنها بوضوح اكبر وبتسارع. هذا بينما تميل القوى المؤثرة مباشرة في العملية المذكورة، اقليمياً ودولياً، لتجميع قوى هذه العملية وحشدها بالحد الاقصى، خصوصاً بعد اقتحام سجني ابو غريب والتاجي، وهروب اكثر من 500 سجين منهما، مع ورود انباء عن عمليات واسعة تستهدف حتى المنطقة الخضراء، ما دفع بمسعود البارزاني لارسال قوات «البشمركة» الى بغداد، لحفظ الامن فيها، اي المجازفة بتحول استراتيجية قوى «القاعدة» الى اربيل. واذا حدث اي تطور يؤيد هذا الاحتمال، وسمع الانفجار الاول في كردستان، وتبين بالفعل ان الرئيس العراقي جلال الطالباني قد فارق الحياة، فإن زخم المعارضة سوف يتعاظم بقوة، بينما تتزايد العملية السياسية برمتها تهالكاً، مع تعاظم الحرج لدى رأسها، وتكريس فشله المريع، ان لم يحوله الفشل مادة للسخرية، بعد البلايين التي اهدرت على بناء قوات مسلحة يزيد تعدادها على المليون شخص، من دون نتيجة تذكر.
فإذا سمع صوت الانفجارات في اربيل غداً، فإن شبح الانهيار الشامل لا يعود بالامكان تحاشيه. فهل سيؤدي مثل هذا السيناريو لاعادة احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، ام سيكون مبرراً اضافياً لتغيير الموقف الاميركي من ايران، على امل ان تفضي التقاطعات والالتقاءات الاميركية الايرانية في العراق الى ابتداع سقف مستقر، يؤمن في الافق المنظور، فترة تحاشٍ مؤقت، او تأخير، للانهيار الكبير. وقتها سيتذكر العراقيون وعوداً ليست قديمة تماماً، بشرت بأن «الديموقراطية» آتية على انقاض ديكتاتورية صدام حسين، وان كان ذلك بالحرب والاحتلال والتدمير وسحق الدولة «الحديثة». وفي مناسبة كهذه، سوف يرددون حتماً، واحداً من اكثر ابيات «الدارما» الشعبية وقعاً، وهو من نوع الشعر الذي يشبه تماماً شعر «الهايكو» الياباني، يقول: «غربت ردت الزود جيت بنكيصه».
* كاتب عراقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.