حض مجلس الأمن جميع الأطراف في مصر على إنهاء العنف والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والتحرك باتجاه المصالحة الوطنية، فيما أعلنت فرنساوألمانيا أنهما ستدعوان الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع الإثنين إلى «مراجعة العلاقات» مع القاهرة في ضوء التطورات الأخيرة. وقالت سفيرة الأرجنتين لدى الأممالمتحدة ماريا كريستينا برسيفال بعد اجتماع لمجلس الأمن مساء أول من أمس للبحث في الوضع في مصر: «رأي أعضاء المجلس هو أنه من المهم إنهاء العنف في مصر وأن تمارس الأطراف أقصى درجات ضبط النفس». وأطلع نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون المجلس على الوضع في مصر في اجتماع مغلق طلبت عقده فرنسا وبريطانيا واستراليا. وأشارت برسيفال التي تتولى رئاسة المجلس هذا الشهر: «في المقام الأول عبّر الأعضاء عن تعاطفهم مع الضحايا وأسفهم لوقوع خسائر في الأرواح... وكانت هناك رغبة مشتركة في شأن الحاجة إلى وقف العنف والمضي قدماً في المصالحة الوطنية». لكنها أكدت أن ما تقوله ليس «تصريحاً رسمياً» من مجلس الأمن، بل «تعليقات» تعكس المحادثات المغلقة التي جرت بين الدول الأعضاء. وأشار ديبلوماسيون إلى أن هذه الصيغة أتاحت لمجلس الأمن التحرك سريعاً حيال الأزمة ومن دون أن يدرس نصاً وتخطي بعض الخلافات، خصوصاً أن روسيا والصين رفضتا خلال المناقشات فكرة البحث في إعلان رسمي، انطلاقاً من موقفهما التقليدي الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة. وقال ديبلوماسي غربي إن «المهم هو أن مجلس الأمن تمكن من أن يوجه سريعاً رسالة للتهدئة وضبط النفس». وفي بروكسيل، اعلن مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أمس أن ممثلي الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد سيعقدون اجتماعاً بعد غدٍ في بروكسيل لدراسة الوضع في مصر. وقال المكتب عبر حسابه على موقع «تويتر» إن «اجتماعاً للسفراء (المكلفين السياستين الخارجية والأمنية) سيعقد الإثنين لتقويم الوضع في مصر». وأضاف أن هدف الاجتماع التوصل إلى موقف مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إزاء الوضع في مصر تمهيداً «لتحركات محتملة». ويمكن أن يتم خلال هذا الاجتماع أيضاً «التحضير لاجتماع محتمل» بين وزراء الخارجية الأوروبيين. وقالت آشتون في بيان لاحق إنها طلبت من دول الاتحاد الاتفاق على «إجراءات مناسبة» للرد على العنف المتصاعد في مصر. وأضافت أن «عدد القتلى والجرحى صادم... وطلبت من ممثلي الدول الأعضاء مناقشة وتنسيق الإجراءات المناسبة التي يجب أن يتخذها الاتحاد الأوروبي إزاء الوضع في مصر». وطلب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس إجراء «مشاورات عاجلة على المستوى الأوروبي» في شأن الأزمة في مصر. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن هولاند وميركل تحادثا هاتفياً و»دعيا إلى وقف فوري لأعمال العنف». كما دعيا إلى «عودة الحوار بين المصريين»، واعتبرا أن «على مصر أن تعود في أسرع وقت إلى مسار الحياة الديموقراطية». وأضافت أنهما «طلبا أيضاً مشاورات عاجلة على المستوى الأوروبي ويرغبان في أن يعقد وزراء خارجية الاتحاد اجتماعاً بسرعة الأسبوع المقبل لدراسة التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر وإيجاد أجوبة مشتركة». ونقل البيان عن ميركل أن ألمانيا «ستراجع علاقاتها مع مصر في ضوء التطورات الأخيرة» وأنها وهولاند يريان أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي فعل الشيء نفسه. وأضاف البيان: «اتفقت (ميركل) مع الرئيس (الفرنسي) على أنه يتعين أن يجري الاتحاد الأوروبي مراجعة شاملة لعلاقاته مع مصر». وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال أمس إن تصاعد التوترات في مصر قد يصب في مصلحة الجماعات المتشددة، وحض الأطراف كافة على بذل ما في وسعها لنزع فتيل التوتر. وأضاف: «نظراً إلى أن مصر كانت ضامن السلام في الشرق الأوسط، يثير هذا المزيد من القلق. يجب إبداء أقصى درجات ضبط النفس وإلا استفادت الجماعات المتطرفة من الوضع وسيكون هذا خطراً للغاية». وتابع: «يجب إنهاء العنف. يجب على السلطات أن تقدم لفتات وعلى المتظاهرين أيضاً إظهار سلميتهم». ودانت ألمانيا أمس «بأشد العبارات» العنف في مصر. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن سايبرت: «ندعو جميع الأطراف إلى التصرف في شكل سلمي والامتناع عن استخدام العنف». كما دعا إلى العودة إلى الحوار وإلى إطلاق عملية سياسية تشمل الجميع. وقال إن «القيادة السياسية والعسكرية في مصر إضافة إلى قيادة جماعة الإخوان المسلمين تتحمل الآن مسؤولية كبيرة... وأي تصعيد جديد يمكن أن يغرق مصر في فوضى عنف وأعمال انتقامية ومزيد من التصعيد». وأكد أن الحكومة الألمانية تشعر «بقلق عميق» بعد «معلومات عن هجمات استهدفت أماكن عبادة»، وذلك بعد تعرض كنائس قبطية لهجمات. وفي مدريد، دانت الخارجية الإسبانية أعمال العنف في مصر ودعت إلى تنظيم انتخابات. واستدعت السفير المصري في مدريد لإبلاغه ب «قلق إسبانيا للوضع في هذا البلد وإدانة أعمال العنف التي وقعت في الأيام الماضية»، وفق بيان للوزارة. كما أعربت عن «قلقها لإعلان حال الطوارئ في مصر وطالبت برفعها في أقرب وقت ممكن». ورأت أن «الهدف يجب أن يكون عودة المؤسسات إلى العمل في شكل طبيعي»، مذكرة ب «ضرورة فتح حوار وطني واسع وتنظيم انتخابات في أقرب فرصة لترسيخ العملية الديموقراطية». من جهة أخرى، نظم إسلاميون في دول عدة أمس تظاهرات تأييد لجماعة «الإخوان» في مصر. وتجمع مئات من أنصار حركة «حماس» في باحة المسجد الأقصى وهتفوا ضد وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي. كما شارك نحو ألف شخص في تظاهرة دعت إليها جماعة «الإخوان» في الأردن. وتظاهر مئات أيضاً في الخرطوم تلبية لدعوة منظمات إسلامية. وفي أنقرة، ردد آلاف الأتراك هتاف «الكفار يقتلون المسلمين» في تظاهرة نظموا خلالها جنازة رمزية لقتلى الاشتباكات في مصر في أحد مساجد العاصمة التركية، قبل أن يتوجهوا إلى السفارتين الأميركية والمصرية. وتظاهر مئات أيضاً في باكستان وأندونيسيا.